تحضيرات حثيثة لتجاوز تبعات الإخفاق خلال المواسم الماضية… الحراك الشعبي يربك المراهنين على تحسين موسم الاصطياف بالعاصمة

تحضيرات حثيثة لتجاوز تبعات الإخفاق خلال المواسم الماضية… الحراك الشعبي يربك المراهنين على تحسين موسم الاصطياف بالعاصمة

لم يترك الحراك الشعبي – الذي ما فتئ يوسع مجالات احتجاجه ليمس مختلف القطاعات- أي فرصة للمتخاذلين للتنصل من الإخفاقات التي تسببوا فيها طوال عقود دون محاسبة، وأشير إليهم بأصابع الاتهام كمشاركين في تكريس الجو الفاسد الذي طبع التسيير، ولم تعد الوعود بإصلاح الأمور تؤتي أكلها سيما فيما تعلق بموضوع مجانية الشواطئ الذي فشلت السلطات وكذا القائمين على قطاع السياحة في السيطرة عليه رغم التهديدات التي أطلقت ضد المتورطين والتي تبين فيما بعد أنها مجرد كلام لم يخرج عن نطاقه إلى الواقع.

كما بقيت الفنادق ومراكز الإيواء على حالها رغم ما قيل عن جهود ترقيتها، وقد دفع هذا الوضع الكثير إلى محاولة تدارك الخلل على أمل التخلص من الورطة وسارعت مديريات العاصمة بمختلف قطاعاتها إلى تذليل الصعوبات قبيل افتتاح موسم الاصطياف الذي لا يفصلنا عنه إلا أسابيع قليلة.

 

أغفلت كثير من المديريات بالعاصمة ومعها القائمون على مرافق الإيواء والاستجمام لمجمل المستجدات والحوادث الحاصلة منذ الـ 22 فيفري الماضي، بحيث حرصت على تنفيذ برنامجها المخصص لموسم الاصطياف رغم تجاهل الكثير ممن تعود قضاء أيام راحته على ضفاف الشواطئ أو في المواقع السياحية توقيع بصمته في هذه الأماكن قبيل الافتتاح الرسمي لموسم الاصطياف، إذ بالكاد تمتعت العائلات بالسياحة الشتوية وكثيرون فضلوا استغلال أوقات فراغهم في التعبئة الشعبية وتأكيد موقفهم السياسي مما هو واقع في الجزائر، ورغم اقتراب الموعد إلا أن العزوف لا يزال يفرض نفسه على المشهد وكثير من الفنادق بالعاصمة لم تسجل أي حجز إلى الآن، ومع ذلك يواصل عدد من المسؤولين على المديريات والشركات تطبيق التقليد السنوي بشأن التحضيرات

والتعجيل به على غرار شركة المياه والتطهير، مؤسسة النظافة، مديرية الصحة والسياحة وغيرها من الهيئات الرسمية والمؤسسات العامة والخاصة.

 

موسم اصطياف دون أية مؤشرات والحراك الشعبي يعمّق الغموض

ما تزال المعطيات المتوفرة إزاء إقبال الجزائريين من عدمه على شواطئ ومجالات الترفيه والاستجمام بالعاصمة أبعد من تبين مدى التوافد المرتقب من المصطافين، فالظروف التي تعيشها البلد جعلت الجميع يرجئ مشاريعه إلى حين تحقيق الاستقرار ومنها رحلات الاصطياف التي أضحت تتذيل في الوقت الراهن اهتمام العائلات والشباب، وقد تبين ذلك اكثر على مستوى عدد من الفنادق بالعاصمة التي لم تسجل أي حجز إلى الآن ولم يزرها أي زبون في عزوف لافت أقلق أصحاب هذه الفنادق الذين عولوا كثيرا على إنعاش القطاع، موازاة مع تراجع التوافد على كثير من الوجهات الخارجية التي تشكو أوضاعا غير مستقرة على غرار فرنسا التي ما تزال تحت وقع احتجاجات أصحاب السترات الصفراء.

 

“سيال” و”نات كوم” تسابقان الزمن لتأمين احتياجات المصطافين

سارعت شركة المياه والتطهير “سيال” في إطار التحضير لموسم الاصطياف 2019 إلى توصيل أسلاك كهربائية لبعض تجهيزاتها، ضمانا لتأمين محطة الضخ الرئيسية الواقعة بتراب بلدية سيدي امحمد والتي تزود عددا من بلديات ولاية الجزائر.

من جانبها، اتخذت مؤسسة النظافة لولاية الجزائر “نات كوم” عدة إجراءات لتكثيف عملية جمع النفايات وتنظيف الطرقات والأماكن العمومية، خاصة أن القمامة والقاذورات بمختلف مصادرها تحتوي على نفايات عضوية تتسرب منها روائح كريهة جدا، حيث تم تحديد أماكن وضع الحاويات على مستوى الشواطئ عن طريق الفرز الانتقائي للنفايات على مستوى منتزه الصابلات، كيتاني، بولوغين، رايس حميدو وقاع السور الذي سيُفتح هذه الصائفة.

 

مديرية الصحة تستنفر جهودها لتفادي الأمراض والأوبئة المتنقلة

تبنت مديرية الصحة لولاية الجزائر مخطط الوزارة الخاص بموسم الاصطياف والقاضي بتعزيز الاستعجالات الطبية بأطباء باعتبار هذه الفترة تشهد إقبالا كبيرا على هذه المصالح المطالب منها تحسين الاستقبال والتوجيه، وهذا ضمانا لخدمة صحية تتناغم واحتياجات المواطنين، حيث تم وضع مخطط استعجالي للتكفل بالأمراض والمشاكل التي يواجهها القطاع خلال الموسم يقوم حتى بعمليات تفتيش وتقييم لتفادي الأخطاء التي وقعت خلال السنوات الماضية، مع الحرص على التنسيق بين العيادات المتعددة الخدمات التي تعمل 24 ساعة على 24 والمصالح الاستعجالية للمستشفيات.

وشرعت المديرية في تطبيق تعليمات الوزارة القاضية باتخاذ إجراءات وتدابير خاصة بتثمين المورد البشري وتدعيمه بالإمكانيات والوسائل المادية الملائمة، وتدعيم الصناعة الصيدلانية والتركيز على العمل القطاعي مع مختلف القطاعات المعنية بموضوع الصحة، وكذا التكفل الفعلي بانشغالات مهنيي الصحة وتكييف الخريطة الصحية وفق الاحتياجات الصحية الحقيقية مع التكفل بانشغالات الشركاء الاجتماعيين مع الشروع في رقمنة القطاع من أجل ضمان الفعالية التي يظهر أداؤها جليا خلال موسم الاصطياف.

كما تم التركيز أساسا على التكفل بالنساء الحوامل خلال هذا الموسم ضمن فترة تعرف اكتظاظا كبيرا بمصالح طب النساء والتوليد.

 

مؤسسات فندقية جديدة لتجاوز العجز

دخلت أربع مؤسسات فندقية حيز الخدمة، وهذا تحضيرا لموسم الاصطياف لهذه السنة، ويتعلق الأمر بكل من بلدية الدار البيضاء بالمقاطعة الإدارية للدار البيضاء، إذ تم وضع حيز الخدمة فندق “M SUITE” وكذا بلدية الكاليتوس التابعة للمقاطعة الإدارية لبراقي بتدشين لفندق “ROYAUME”، وبالنسبة للمقاطعة الإدارية للشراقة تم وضع حيز الخدمة فندق “MADOR”، أما الرابع ببلدية بن عكنون التابعة للمقاطعة الإدارية لبوزريعة فهو فندق”FERDY LILY”، هذه كلها ستكون إضافة كبيرة لحظيرة الفنادق وخدمة الإعاشة بولاية الجزائر، حيث ستعزز التي تم تدشينها العام الماضي فقط، ويتعلق الأمر بفندق “سيدي يحيى” بسعة 108 سرير للشركة ذات المسؤولية المحدودة “سوفيتار” بحيدرة وفندق “أولمبيك” بسعة 172 سريرا بدالي إبراهيم، كما تم فتح أجزاء من مشروع سلسلة فنادق التابعة لمجمع “ترست” بالجزائر بتصنيف أربع وخمس نجوم تحمل علامة “ماريوت” العالمية يضاف إليها المسابح والمراكز التجارية وقاعات لمؤتمرات وفضاءات ترفيهية، فالمشروع الأول فندق يحمل خمس نجوم فيه 213 غرفة إلى جانب 23 جناحا وجناحين رئيسيين وخمسة مطاعم فاخرة وقاعات لممارسة الرياضة الترفيهية، وهناك قسم آخر يحمل شققا فندقية تحمل علامة “الماريوت” العالمية، تحوي على 348 شقة فندقية ملحقة بكل الخدمات وكذا مركز تجاري مزود بكل المرافق الفندقية، هذه السلسلة ستكون مربوطة بالميترو ومحاذية لمطار هواري بومدين، هذا المشروع الذي سيخلق 5 آلاف منصب شغل دائم زائد 8 آلاف منصب غير دائم، إلى جانب فندق السفير بالجزائر الوسطى الذي يعرف عمليات تهيئة وعصرنة، وكذا إنجاز فندق بسعة تقدر بـ 826 سريرا للشركة ذات الأسهم “رويال تروست” بباب الزوار وفندق في طور الإنجاز بسعة تقدر بـ 1220 سريرا لمجموعة “إعمار” بسطاوالي.

 

الغضب الشعبي ورهان مجانية الشواطئ

تواجه السلطات مشكلة حقيقية إزاء إمكانية سيطرتها الفعلية على مجانية الشواطئ من عدمها، إذ وإن تغاضى المصطافون على وضعية الكثير منها والتي تشكو التلوث والاهمال رغم التدابير الكثيرة التي اتخذت في سبيل إعادة الوجه الجمالي لها، ولكن هذا الموسم لن تمر ظاهرة تحكم المافيا في الشواطئ مرور الكرام بعدما تكتل الشباب للقضاء على مجمل السلوكات التي تسيئ إليهم وتحرمهم من حقوقهم في الاستجمام، ولن يتساهلوا مع تواجد بارونات هذه الشواطئ التي استغرق تواجدها عقودا من الزمن وفشلت مصالح البلديات في استرجاع هذه الشواطئ رغم وعيد المتابعات القضائية واكتفت بتطهير عدد منها من الفوضى والتلوث دون الامتداد إلى العصابات التي حققت ثروات من هيمنتها على الشواطئ وكذا المسطحات المائية التي بدورها تستقطب المصطافين كما هو الحال بالنسبة لبحيرة الرغاية، وقد كانت السلطات قد حرصت على الوقوف على مدى احترام المجالس البلدية والقائمين على الشواطئ بتوفير كل ما يلزم المصطاف من شروط وتجهيزات على غرار المرشات، دورات المياه، غرف تغيير الملابس، مراكز الأمن ومواقف السيارات، موازاة مع تجنيد عدد كبير من أعوان الأمن وحراس الشواطئ، لإنجاح موسم الاصطياف، لكنها وقفت كالمتفرج أمام ظاهرة إجبار المصطافين على دفع ثمن استجمامهم لشباب العصي الذين لا يجدون أي حرج في ارتكاب الاعتداءات ضد من يتجرأ على رفض المشاركة في هذا الفعل غير القانوني.

وفشلت مصالح ولاية العاصمة في تنفيذ تهديداتها، إذ بقي ارتياد الشواطئ يكلف أصحابها الكثير، وهو الأمر الذي أقلقها، فلا يمكن أن يكون هذا الموسم كما المواسم الماضية دون الحديث عن مدى إقبال المصطافين على الشواطئ إذا استمر الحراك الشعبي على حاله، ويمكن أن يستغل الخلل في إذكاء غضب المحتجين الذين ضاقوا ذرعا من التخاذل الذي اتسمت به السلطات وربما سيشار إليها بأصابع الاتهام بكونها متورطة بشكل أو بآخر في سيطرة المافيا على المرافق العمومية، سيما وأن الداخلية المسؤولة الأولى عن هذا الملف منشغلة حاليا في التحضير لانتخابات رئاسية تراوح مكانها.

روبورتاج: إسراء. أ