تخوف من تكرار سيناريو التشريعيات في الانتخابات المحلية…هل يسحب بوتفليقة الثقة من ولد عباس؟ …

elmaouid

 

 الجزائر- يعود ملف “جمع شمل الأفلان” ليطرح نفسه من جديد بقوة داخل بيت الحزب العتيد، قبل حوالي خمسة أشهر عن موعد الانتخابات المحلية، حيث لم تشهد المفاوضات الأولية التي جمعت الأمين العام

الحالي جمال ولد عباس قبل الانتخابات التشريعية ببعض القياديين المنشقين عن الحزب أي جديد يذكر، وهو ما يجعل المتتبعين للقوة السياسية الأولى بالجزائر يتساءلون عن مصير المهمة التي أوكلها رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة إلى ولد عباس، وهل يتدخل الرئيس في ذلك سيما بعد أن تعالت أصوات من داخل اللجنة المركزية تطالب باستدعاء مؤتمر استثنائي وسحب الثقة من ولد عباس؟ 

عندما تولى جمال ولد عباس قيادة سفينة الأفلان بعد استقالة الأمين العام السابق عمار سعداني في نهاية أشغال الدورة الثالثة العادية في أكتوبر 2016 ، كُلّف آنذاك رسميا من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بصفته رئيس الحزب بتوحيد صفوف “العتيد” وتوقيف نزيف المناضلين إلى تشكيلات سياسية أخرى، وبعث مشاورات مع القياديين المنشقين عن الحزب والرافضين لطريقة تسييره، حيث استجاب ولد عباس في البداية لـ “أمر” الرئيس، واستقبل بعض “المنشقين” في مقر الحزب، لكن سرعان ما توقفت المفاوضات وانحرفت عن مسارها دون تسجيل أي جديد يذكر في هذا الشأن.

وأرجع ولد عباس سبب توقف المفاوضات مع “المنشقين” في تلك الفترة إلى انشغاله بالتحضير للانتخابات التشريعية، مؤكدا في إحدى اجتماعاته السابقة أنه سيقوم مباشرة بعد التشريعيات ببعث المفاوضات من جديد مع فرقاء الحزب، لكن الملاحظ بعد مرور حوالي شهرين من انتهاء الموعد الانتخابي هو عدم إقدام ولد عباس على مواصلة المهمة التي كلفه بها رئيس الحزب، ولم يتحدث تماما عنها في اجتماعاته المنعقدة مع أعضاء المكتب السياسي أو في تصريحاته الإعلامية وهو ما يطرح تساؤلات عديدة عن الأسباب التي منعت طبيب الأفلان من تضميد “جراح” الحزب، سيما وأن الانتخابات المحلية لم يعد يفصلنا عنها سوى 5 أشهر .

ولم تقتصر فترة تولي ولد عباس خلال قيادته للأفلان على عدم تمكنه من توحيد صفوف الحزب فحسب، بل انحرف مسار سياسة جمع شمل الفرقاء ليرتفع عدد الكتل المنشقة عن الحزب ولم تعد مقتصرة على مخلفات المؤتمر التاسع والعاشر بل امتدت لتشتت كتلة عمار سعداني إلى كتلتين.

ففي المؤتمر التاسع عندما نصب الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم  كأمين عام، أسفر المؤتمر عن تشكل كتلتين معارضتين له، كما شهد  المؤتمر العاشر عندما تولى سعداني قيادة الأفلان انضمام كتلة بلخادم للمعارضين لقيادة الحزب وبالتالي أصبح عدد المنشقين من الحزب 3 كتل ، وبعد استقالة عمار سعداني وتنازله عن الأمانة العامة للأفلان لصالح ولد عباس حدث انشقاق آخر في كتلة سعداني وهو ما يعني تواجد 5 كتل داخل بيت العتيد.

كما شهدت فترة قيادة ولد عباس للأفلان أحداثا عديدة صنفها بعض القياديين السابقين بـ”المسيئة للحزب”، وكانت البداية بالتراشق الإعلامي الذي حدث بينه وبين الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، بالإضافة إلى فضائح “الرشاوى” التي زعزعت الحزب وأسالت الكثير من الحبر، دون  نسيان الاحتجاجات العارمة على مستوى محافظات الحزب في عديد الولايات بسبب رفضهم للقوائم الانتخابية، وخسارة الحزب عشرات المقاعد بالمجلس الشعبي الوطني تمخض عنه فقدان الأغلبية الساحقة التي كان يحوز عليها في العهدة البرلمانية 2012/2017.

وفي خضم ذلك، ونظرا للصلاحيات التي يخولها القانون الأساسي لرئيس الحزب مثلما هو منصوص عليه في المادة 29، تطرح فرضية إمكانية تحرك رئيس الحزب لاستدعاء مؤتمر استثنائي، أو انتظار موعد المؤتمر العادي المزمع عقده في أكتوبر القادم لدفع ولد عباس إلى الاستقالة، كون هذا الأخير لم يوفق في مهمته الرئيسية التي أتى من أجلها، ولم يحقق الإجماع وسط مناضلي الحزب، وهو ما تترجمه الدعوات الأخيرة التي أطلقها أعضاء من اللجنة المركزية يطالبون فيها الرئيس بعقد دورة طارئة لعزل ولد عباس من على رأس الأمانة العامة، ليطلقوا بعدها مبادرة لجمع التوقيعات من أجل الإطاحة بـ”طبيب” الأفلان.

في حين تطرح فرضية أخرى، عن إمكانية منح رئيس الحزب فرصة أخرى للأمين العام الحالي لجبهة التحرير الوطني  لبعث المفاوضات من جديد لجمع شمل فرقاء الأفلان وتوحيد صفوفه سيما وأن المرحلة القادمة سيعرف فيها الحزب تحدي الانتخابات المحلية .

للإشارة، حاولت “الموعد اليومي” فتح منبرها للأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس لتوضيح الأمور أكثر، غير أن كل محاولاتنا للاتصال به باءت بالفشل  

 

 

منسق القيادة الموحدة للأفلان، عبدالرحمان بلعياط لـ”الموعد اليومي”:

“ولد عباس عليه ضغوط من أطراف لا تريد توحيد صفوف الحزب”

 

ما هي الأسباب التي منعت ولد عباس من مواصلة المفاوضات مع فرقاء الحزب في نظركم؟

أعتقد أن ولد عباس تلقى  ضغوط من أطراف لا تريد أن يتنفذ أوامر الرئيس، وهناك أعضاء من المكتب السياسي وأعضاء من اللجنة المركزية  لا يريدون عودة فرقاء الحزب من أجل تصحيح مسار الأفلان، لأن الحزب لا يسير في الطريق الصحيح مع ولد عباس.

 

إذا بقيت الأمور على حالها، هل سيؤثر ذلك على نتائج الانتخابات المحلية؟

أكيد، عدم لم شمل الحزب من جديد سيلقي بظلاله على نتائج الانتخابات الولائية والبلدية مثلما حدث في الانتخابات التشريعية التي سجل فيها الحزب خسارة فادحة سواء من حيث النتيجة المحصل عليها أو من خلال الخطاب السياسي ”الشخصي” المنتهج من طرف  ولد عباس خلال  الحملة الانتخابية، وبالتالي سيتحمل ولد عباس وأعضاء مكتبه السياسي المسؤولية الكاملة.

 

هل تتوقعون تدخل الرئيس لاستدعاء مؤتمر استثنائي؟

نحن طلبنا من الرئيس ونطالبه مجددا بتعيين قيادة انتقالية تشرف على الانتخابات المحلية والتحضير لمؤتمر لمعالجة الأمور داخل بيت العتيد، لأنه ما عدا رئيس الحزب لا وجود لقيادة شرعية، وولد عباس ليس أمينا عاما وإنما تم تعيينه لإعادة الحزب إلى سكته الصحيحة بعدما انحرف في فترة عمار سعداني، بالإضافة إلى أن اللجنة المركزية غير شرعية نظرا لعدد أعضائها المتضارب، مثلها مثل المكتب السياسي المتورط في فضائح عديدة. 

 

أعضاء من اللجنة المركزية يجمعون توقيعات للإطاحة بولد عباس، كيف تقرأون ذلك؟   

تحرك أعضاء اللجنة المركزية ليس بريئا، بل راجع لعدم قبول ملفات ترشحهم في الانتخابات التشريعية ويريدون الإطاحة به من أجل هذا الهدف فقط لا لشيئ آخر. وبالتالي تحركاتهم ليست في صالح الحزب بل يبحثون عن مصالحهم فقط.

بالإضافة إلى ذلك، أعضاء اللجنة المركزية الذين وقعوا للإطاحة بولد عباس يتحدثون في بياناتهم وكأن ولد عباس هو الأمين العام الشرعي للأفلان، لكن نحن نؤكد مرارا وتكرارا أنه مكلف بمهمة من الرئيس وفقط ولا يعتبر أمينا عاما شرعيا نظرا لما سبق ذكره.

وبالتالي، إذا أرادوا الانضمام إلينا لإعادة الحزب إلى سكته الصحيحة فأبوابنا مفتوحة، وما عليهم إلا الاعتراف بضرورة تعيين قيادة انتقالية لتسيير شؤون الحزب. 

 

 

منسق حركة التقويم والتأصيل، عبد الكريم عبادة لـ”الموعد اليومي”:

“ولد عباس حاول ربح الوقت عندما استقبلنا في مقر الحزب “

“أملنا كبير في رئيس الحزب لتصحيح مسار الأفلان”

 

كشف منسق حركة التقويم والتأصيل للأفلان، عبد الكريم عبادة، أن الأمين العام للأفلان جمال ولد عباس لم يبد أي إشارة أو رغبة لاستقبال فرقاء الحزب بعد الاجتماع الأخير الذي دار بينهم في مقر الحزب قبل موعد الانتخابات التشريعية.

وقال عبادة في اتصال مع “الموعد اليومي”، “لدى تولي ولد عباس قيادة الأفلان استقبلنا في مقر الحزب ورحبنا نحن بجمع شمل الحزب وتوحيد صفوفه، لكنه قطع الاتصالات بنا وأغلق هاتفه”، مضيفا أن الأمين العام للأفلان “حاول ربح الوقت واستدرجنا في لقاء على أنه يريد توحيد صفوف المناضلين قبل الانتخابات التشريعية، لكنه وعد ولم يف، وإلى غاية اللحظة  لم يبد أي إشارة من أجل جمع شمل الأفلان”، متسائلا عن مصير المهمة التي كُلّف بها ولد عباس من طرف الرئيس.

في سياق ذي صلة، أوضح محدثنا أن الأمين العام الحالي لجبهة التحرير الوطني قد أهان الحزب وجعله أضحوكة أمام الرأي العام والمناضلين من خلال -يقول عبادة- “الخطابة الفارغة واستغلاله للحملة الانتخابية للحديث عن نفسه على أنه مجاهد ومحكوم عليه بالإعدام”، معتبرا أنه “لم ينجح في المهمة الموكلة إليه، بل أساء للحزب أكثر مما خدمه”.

وطالب عبادة من رئيس الحزب التدخل العاجل لعزل ولد عباس ووضع حد للنزيف الذي يشهده الحزب من مناضلين وقياديين، قائلا” أملنا كبير في السيد بوتفليقة كرئيس للجمهورية وكمجاهد ومناضل في صفوف الحزب لتصحيح مسار الأفلان”.

 

أكثر من ثلثي أعضاء اللجنة المركزية ليسوا مناضلين حقيقيين

 

وبخصوص المبادرة التي أطلقها عدد من أعضاء اللجنة المركزية من خلال جمعهم لتوقيعات بغية استدعاء مؤتمر استثنائي للإطاحة بولد عباس، استحسن منسق حركة التقويم والتأصيل خطوة بعض أعضاء اللجنة المركزية قائلا” هم مشكورون على تحركهم لإنقاذ الأفلان” غير أن محدثنا اعتبر تحركاتهم بغير المؤثرة نظرا للأقلية التي تطالب بتنحية ولد عباس، مضيفا أن اللجنة المركزية مغشوشة وأكثر من ثلثي أعضائها ليسوا مناضلين حقيقيين.

و أكد عبادة أن الحل الوحيد في ظل الظروف الحالية لتصحيح مسار الأفلان هو تدخل رئيس الحزب لوضح حد للأمين العام واستدعاء مؤتمر استثنائي كون ذلك من الصلاحيات التي يخولها له القانون الأساسي، ويقوم بعدها بتعيين لجنة انتقالية من القياديين الصادقين للإشراف على المؤتمر لانتخاب قيادة شرعية وليس من أولئك الذين يريدون تسلق المناصب والتموقع في هياكل الحزب.