تسببت بعض الانهيارات الأخيرة التي أصابت الواجهة الرئيسية لإحدى بنايات المدينة العتيقة لمدينة ميلة، إثر تآكل الجدران بفعل القِدم من جهة ومن جهة أخرى الظروف الطبيعية، حيث شكل هذا الانهيار خطورة على
المارة من المواطنين، ما أدى بالسلطات المحلية لبلدية ميلة إلى منع عبور هذا الشارع حفاظا على أرواح المواطنين وتفاديا لإصابتهم في حالة حدوث انهيارات أخرى واحتمال انهيار الأجزاء المتبقية من السكن.
وأفادت مصادرنا أن الانهيار تمت معاينته من طرف لجنة مشكلة لهذا الغرض يقودها رئيس المجلس الشعبي البلدي بالإضافة إلى ممثلين عن المصالح التقنية للبلدية، ومصالح الرقابة التقنية، الديوان الوطني لحماية واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية بميلة، ومديرية الثقافة، وممثلين عن مصلحة التراث الثقافي، والأقسام الفرعية للبناء والتعمير، وبعد معاينة وضعية هذا المسكن بعد الإنهيار تم “الغلق الفوري للشارع تخوفا من اتساع حجم الإنهيار، وتخوفا من وقوع إصابات لدى الأشخاص، هذا في انتظار التدخل العاجل والفعال مع كل الإجراءات لتهديم الجزء المتبقي من البناية وتفادي خطرها مستقبلا، مع رفع كل بقايا البناية الصالحة للإستعمال ورمي الردم المتبقي لتنظيف المنطقة والشارع وفتحه أمام المارة”.
وتحذر مصالح البلدية من خطورة بقايا البناية، وتدعو المواطنين لتوخي الحذر منها وتفادي عبور هذا الطريق، لكن هذه الدعوات لم تجد الصدى الواسع من طرف المواطنين الذين ما زالوا يعبرونه، ونظرا لأهمية هذه المنطقة الأثرية سبق وأن اتخذت إجراءات سابقة منها تشكيل لجنة لرئاسة والي الولاية الهدف منها تنفيذ مخطط حفظ المدينة القديمة بعاصمة الولاية ميلة.
وتحتضن مدينة ميلة واحدا من المواقع التاريخية والأثرية الهامة على الصعيد الوطني، والتي تعود إلى حضارات متجذرة في التاريخ، من العصر الحجري الحديث إلى تاريخ مدينة “ميلاف” التي تعود هي الأخرى إلى حقبة ما قبل التاريخ، ثم حضارات الوافدين على شمال إفريقيا، ما يميز المدينة القديمة أنها تشكل مزيجا من الآثار المختلفة، فمن الآثار النوميدية إلى الوندالية والبيزنطية والرومانية، إلى آثار العرب والمسلمين والعثمانيين، وحتى الإستعمار الفرنسي، فكل هذا المزيج ترك إرثا عمرانيا وثقافيا، حيث اختلفت الآراء حول مصدر اسم ميلة، وقد رجح الكثير أن أصلها أمازيغي، بتسميتها “ميلاف” التي تعني الألف ساقية أو الأرض المسقية، إلا أن كلمة ميلو في الأمازيغية، حسب بعض المصادر، تعني الظل.
إذا فالمدينة العتيقة “ميلاف” تحتاج اليوم رغم صلابتها الحضارية وثقلها التاريخي إلى رعاية أكثر ، تحتاج إلى برامج جادة للحفاظ على إرثها الحضاري، ولإخراجها من دائرة أنها خطر في بعض الأحيان على ساكنيها من جهة، ومن جهة أخرى على زوارها، ولما لا جعلها أهم مقصد يريده زوار الولاية، وأهم نقطة سياحية في الولاية.