-
الجزائر بشموخها كانت وستظل أكبر من كل المناورات
-
شهادات تعري الارتباطات الخارجية وأسرار التمويل المشبوه
-
صراعات داخلية وفضائح قيادية تعجّل بانهيار التنظيم
-
مبادرة لمّ الشمل تستعيد المغرر بهم وتُفشل المخطط التخريبي
في لحظة تكشف حجم الوهم الذي ظلّ يبيعه تنظيم “الماك” الإرهابي لسنوات، جاءت الانشقاقات المتتالية واعترافات قيادييه السابقين لتضع حدا لخطاب الادعاء وتفضح حقيقة تنظيم تحوّل إلى أخطر أداة أجنبية تستهدف الدولة الجزائرية من الداخل.
الشهادات التي نقلها الوثائقي “التحرر من أغلال ماك الإرهابية” تكشف خيوط التمويل والتوجيه، وتسقط القناع عن مشروع تخريبي نسجته الدوائر المغربية والصهيونية، ووجدت في فرحات مهني ورفاقه منفذا لتنفيذ أجندات تضرب المؤسسات الوطنية، وتستهدف اللحمة الاجتماعية، وتقوم على التضليل والكذب وبيع الوهم. إن تنظيم “الماك” اليوم لا يعيش أزمة قيادة فحسب، بل يواجه لحظة سقوط مدوٍّ بعدما تبيّن لأعضائه أنهم كانوا مجرد أدوات في لعبة استخباراتية قذرة، وأن الجزائر بشموخها كانت وستظل أكبر من كل المناورات.
تنظيم بلا سيادة.. كيف أصبح الماك ذراعا أمنية للمخزن؟
يعكس توصيف الشهادات التي بثّها الوثائقي حول “الماك” حقيقة تنظيم فقد منذ سنوات أي قدرة على اتخاذ قرار مستقل، بعدما سلّم مفاتيحه كاملة للأجهزة المغربية التي وجدت فيه فرصة لضرب الجزائر من الداخل، بعد فشل كل رهاناتها الدبلوماسية والإقليمية. فالعلاقة التي بدأت سنة 2000 بدعوة رسمية لفرحات مهني كانت اللحظة التي فتح فيها التنظيم الباب لتغلغل المخزن داخل هياكله، وتحوّله تدريجيا إلى أداة وظيفية تتغذى على التعليمات الخارجية بدل التمثيل المزعوم لساكنة منطقة القبائل. ومع مرور السنوات، لم تعد هذه العلاقة خافية لا على المتابعين ولا على أعضاء التنظيم أنفسهم؛ إذ أثبتت الاعترافات أن الماك أصبح خلية مرتبطة عضويا بأجهزة الأمن الخارجي المغربي، تتلقى التمويل، والأوامر، وخطط التصعيد، وحتى تفاصيل الحملات الإعلامية الموجهة ضد الجزائر. وقد قدّم المنشقون أدلّة دامغة على كيفية استغلال المغرب لهذا التنظيم، سواء في تهريب المعلومات، أو في تجنيد العناصر، أو في تسويق خطاب عدائي يهدف إلى خلق توترات مصطنعة داخل المجتمع الجزائري. وبذلك تحوّل الماك من حركة ارهابية انفصالية خجولة إلى ذراع أمنية يُدار من الرباط وفق أجندة واضحة. هذا الارتباط الكامل جعل التنظيم يفقد ما تبقى من شرعية مزعومة أمام حتى أقرب أعضائه، بعدما أصبح واضحا أن مشروعه لا يقوم على مطالب سياسية أو ثقافية، بل على تنفيذ “مهمات” تحددها دوائر استخباراتية تعمل على إضعاف مؤسسات الدولة الجزائرية. وقد كشفت الشهادات كيف كان المخزن يوظف عناصر التنظيم كـ”رهائن” للضغط عليهم، وكيف كان يحرّكهم طبقاً لتقلبات مصالحه وتوتراته الإقليمية، بما يؤكد أن الماك لم يكن في يوم من الأيام تنظيماً ذا سيادة، بل مجرد واجهة هجومية تُحرّك من خارج الحدود. ومع الزمن، تحولت هذه التبعية إلى فضيحة داخلية فجّرت موجات من الشك والتمرد في صفوف القياديين أنفسهم، بعدما أدرك كثيرون أن التنظيم الذي باع لهم خطاب “تحرير القبائل” لا يفعل سوى تنفيذ مناورات عدائية نيابة عن المغرب.
فرحات مهني.. من خطاب الانفصال إلى دور “المقاول الأمني” لدى اللوبيات الصهيونية
لم يكن ارتهان “الماك” للمخزن سوى بوابة لفضيحة أكبر، تجلّت مع انكشاف الارتباط المباشر بين قيادة التنظيم والدوائر الصهيونية التي رأت فيه واجهة مناسبة لتنفيذ مشاريعها التخريبية في شمال إفريقيا. ويظهر هنا الدور المحوري لفرحات مهني، الذي انتقل خلال سنوات قليلة من تقديم نفسه كـ”ناشط ثقافي” إلى أداء دور المقاول الأمني الذي ينفّذ ما يُطلب منه دون تردد. وقد جاءت شهادة القيادي المنشق زاهير بن أجعود لتقدم أول الأدلة الصارخة: مشروع إرسال مقاتلين من التنظيم للتدريب العسكري في الكيان الصهيوني… وهو تصريح لم يكتفِ بكشف طبيعة العلاقة، بل كشف حجم الانحراف الأخلاقي والسياسي الذي بلغته قيادة الماك. وتبيّن أيضاً أن خطاب مهني لم يعد يحمل حتى ذلك الغطاء السياسي الذي كان يخدع به الشباب في بدايات التنظيم، بل صار خطاباً دموياً يدعو إلى العنف بشكل صريح، ما يعكس حجم التحول الذي طرأ على مشروعه بعد دخوله في فلك اللوبيات المعادية. وداخل التنظيم نفسه، بدأت تتسع دائرة الرافضين لهذا المسار، بعدما لاحظوا كيف أصبحت القرارات تُتخذ وفق مصالح خارجية لا علاقة لها بالقبائل ولا بالجزائر، بل بصراعات أجهزة ومراكز نفوذ تبحث عن وكلاء ينفذون مخططاتها. ومع هذا الانحراف، لم يعد ممكناً إخفاء حقيقة أن فرحات مهني لم يعد قائداً سياسياً، بل مجرد “أجير” لدى دوائر لا تريد للمنطقة إلا مزيداً من التفكك. وتتعمّق الشبهة أكثر عندما تكشف شهادات المنشقين الامتيازات المالية الضخمة التي يحصل عليها مهني، سواء من تمويلات المخزن أو من الدعم الصهيوني، إلى جانب الاستثمارات الكبيرة لأبنائه في فرنسا، في وقت كان التنظيم يزج بشباب يعيشون أوضاعاً صعبة في مشاريع تخريبية لا تعود عليهم إلا بالضياع. هذا التناقض الفاضح بين ترف القيادة وبؤس الأتباع شكّل صدمة داخلية قوية هزّت ما تبقى من الثقة، وكشف أيضاً أن التنظيم لم يكن يسعى لأي “تحرير” أو “مشروع سياسي”، بل كان يغذي طبقة طفيلية تستثمر في معاناة الناس من أجل مصالح مالية وشخصية. ومع تراكم الأدلة حول هذه الارتباطات، بات واضحاً أن الماك لم يعد مجرد تنظيم انفصالي ضلّ في قراءة الواقع، بل أصبح جزءاً من شبكة نفوذ خارجية تعمل على إشعال التوتر في المنطقة، وتستخدم شعارات “الديمقراطية” و”حقوق الأقليات” كغطاء لعمليات تجنيد وتمويل مشبوهة. وهنا يتبدى أن الدور الذي يلعبه فرحات مهني ورجال دائرته ليس سوى امتداد لدورهم كمقاولين لدى أجهزة أجنبية، ينفذون المطلوب ويقبضون الثمن. لقد انكشف القناع، وبات الرجل نفسه عنواناً لفكرة التنظيم: مشروع خيانة مؤجّر، فقد كل علاقة بالأرض التي يدّعي الدفاع عنها.
تفكك داخلي وانهيارات متتالية.. حين اكتشف الأعضاء أنهم وقود لعبة قذرة
في مقابل هذا الارتهان الكامل للخارج، بدأ الصف الداخلي لتنظيم “الماك” ينهار بشكل متسارع، بعدما اكتشف العديد من أعضائه أن المشروع الذي جرى الترويج له لسنوات لم يكن سوى واجهة مضلِّلة تخدم أجندات لا علاقة لها بمنطقة القبائل ولا بمطالبها الاجتماعية. فالانشقاقات التي توالت منذ 2016 لم تكن مجرد حوادث فردية أو خلافات تنظيمية عابرة، بل كانت تعبيراً عن يقظة داخلية بدأت تتشكل كلما ظهرت حقائق جديدة حول الفساد المالي، والكذب الإعلامي، والتناقضات الأخلاقية التي تخفيها قيادة الحركة. ومع كل شهادة من منشقّ، كانت تتسع دائرة الشك داخل التنظيم، وتتراجع تلك الهالة المصطنعة التي حاول فرحات مهني فرضها على أتباعه. وقد كشفت الاعترافات بوضوح، أن التنظيم لم يكن يعيش انسجاماً داخلياً كما كان يدّعي، بل كان مسرحاً لصراعات خفية بين أجنحة تبحث عن النفوذ والمال، في ظل قيادة متسلطة تهيمن على القرارات دون أي تشاور أو رؤية سياسية. وتبيّن أن عدداً من القياديين فقدوا الثقة في الحركة بعد أن كشفوا حجم الانحرافات التي طالتها، سواء في طريقة توزيع الأموال القادمة من الخارج، أو في إدارة “الحكومة المزعومة”، أو حتى في التعامل مع الشباب الذي يتم الزج به في مشاريع تزوير ودعاية وتحريض. هذه الممارسات جعلت الكثيرين يدركون أن التنظيم لا يملك أي مشروع سياسي حقيقي، بل مجرد سلوك عصابات يعتمد على الأكاذيب والخداع للبقاء قائماً. ويضاف إلى ذلك الفضائح المتعلقة بفبركة الأحداث، وتضخيم الأعداد، وإنتاج روايات وهمية عن انتصارات غير موجودة، سواء عبر الادعاء بالاستقبال في الأمم المتحدة أو البرلمان الفرنسي، أو من خلال نشر صور مفبركة لمسيرات مزعومة. وقد أدت هذه الأكاذيب المتكررة إلى انهيار تماسك التنظيم من الداخل، بعدما أصبح واضحاً حتى لأعضائه أن قيادة الماك تعيش في عزلة عن الواقع، وتستغل “الوهم الجماعي” كوسيلة لتبرير فشلها. ومع كل كشف جديد، كان جدار التضليل يتصدع، وكان مزيد من الأعضاء يقررون الانفصال بعدما تبين لهم أن التنظيم يبيع شعارات لا وجود لها إلا في أشرطة الدعاية. ومع تراكم هذه الحقائق، أصبح الطريق واضحاً أمام عدد كبير من المنخرطين الذين أدركوا أن الاستمرار في هذا التنظيم ليس سوى مشاركة في مشروع تدمير ذاتي، وأن البقاء فيه يعني التضحية بالمجتمع وبأمن البلاد خدمة لأجندات أجنبية. وقد أكد المنشق محند بلوصيف، وغيره، أن العودة إلى الوطن كانت نتيجة حتمية لمواجهة الحقيقة: لا مستقبل لتنظيم يسير في اتجاه واحد، هو الهاوية. وهكذا تحوّل التفكك الداخلي إلى نقطة اللاعودة، إذ بات الماك تنظيماً يهرب منه أعضاؤه قبل خصومه، بعدما اكتشفوا أنهم كانوا مجرد أدوات في لعبة أكبر منهم، لعبة لم تجلب لهم سوى الندم والخسارة.
خديعة الخطاب الديمقراطي.. تجنيد الضعفاء وتضليل الرأي العام
ومع انكشاف حقيقة المشروع الخارجي والفساد الداخلي، برزت إحدى أخطر أدوات تنظيم “الماك”: تسويق خطاب ديمقراطي مزيف يستهدف استقطاب الفئات الهشة، مستغلاً مشاكلهم الشخصية واجتهاداتهم الفردية، ليحولهم إلى وقود لحملة تخريبية لا علاقة لها بالشعارات التي يرفعها. فقد أكد المنشق كمال معطوب أن التنظيم كان يعتمد على تجنيد كل من يعيش حالة صراع مع محيطه الاجتماعي أو الإداري، ويستثمر في نقاط ضعفهم النفسية والاقتصادية، مقدماً لهم صورة وردية عن “النضال” و”الحرية”، فيما يدفع بهم في الواقع نحو مواجهة خطيرة مع الدولة والمجتمع. هذا الأسلوب جعل الكثير من الشباب ضحايا لصراع ليس صراعهم، بعدما تم استغلالهم كمواد قابلة للاشتعال في معارك إعلامية وسياسية لا تعود عليهم بأي مكسب. وتتبدى لعبة الخداع هذه أيضاً في الحملات الإعلامية المضللة التي يديرها التنظيم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إذ يعتمد “الماك” على نشر الأخبار الكاذبة وتضخيم الوقائع وصناعة روايات مزيفة عن قوته وتأثيره. وقد كشفت شهادات المنشقين أن التنظيم يتعمد بث مقاطع مفبركة وإحصاءات غير دقيقة وتصريحات وهمية، ليظهر بحجم أكبر من حجمه الحقيقي، في وقت تتقلص فيه قاعدته وتنهار بنيته. ومن أبرز الأمثلة ادعاؤه أنه استُقبل في مقر الأمم المتحدة، بينما أثبتت التحقيقات أن عناصره كانوا قد تسللوا ضمن وفد تابع لجمعية مغربية، وهو ما يعكس مستوى الانحطاط في أدوات التضليل التي يوظفها التنظيم. كما يبرز التناقض الصارخ بين خطاب “الديمقراطية” الذي يدّعيه الماك وبين ممارساته داخلياً، حيث كشفت الشهادات أن القيادة تتعامل مع الأعضاء بمنطق الإقصاء والتحكم، ولا تسمح بأي نقاش أو اعتراض، بل تعتمد على توزيع الولاءات والامتيازات المالية لضمان الطاعة. هذا السلوك السلطوي يتناقض جذرياً مع الصورة التي يحاول التنظيم ترويجها خارجياً، ويكشف أن الحديث عن “الحقوق” ليس سوى غطاء يخفي مشروعاً استبدادياً تديره شبكة مغلقة من الأشخاص المرتبطين بالخارج. وهو ما دفع المنشق لعراب إلى القول إن قادة الماك “يدعون الديمقراطية وهم ليسوا ديمقراطيين”، بل يروّجون لأفكار “شيطانية وهدامة”. ومع كل هذا التضليل، أصبح من الواضح أن خطاب الماك لم يعد ينجح في إقناع إلا أولئك الذين يجهلون خلفياته أو يعيشون أوضاعاً شخصية تجعلهم عرضة للاستغلال. أما داخل المجتمع القبائلي وخارجه، فقد انهارت صورة التنظيم تماماً، بعدما اتضح أنه يستغل معاناة الناس ولا يقدم لهم سوى الوهم. وهكذا لم يعد “الماك” مجرد حركة انفصالية فقدت مشروعها، بل صار آلة بروباغندا تعمل على تفكيك الوعي الجماعي وتمزيق الثقة الاجتماعية، مستخدمة شعارات مستوردة لا هدف لها سوى تغطية مشروع تخريبي يخدم دوائر خارجية. ومن هذه النقطة تحديداً سيظهر أثر مبادرة لم الشمل التي أعادت الأمور إلى نصابها وفتحت باب النجاة للمنخدعين.
مبادرة لمّ الشمل.. كيف ضربت المشروع الانفصالي في العمق؟
وفي خضم هذا الانهيار المتسارع، جاءت مبادرة لمّ الشمل التي أطلقها رئيس الجمهورية كعامل مفصلي غيّر موازين القوى وأسقط آخر أوراق التنظيم، بعدما فتحت باب العودة أمام المنخدعين، ووفّرت لهم مخرجاً آمناً يحررهم من قبضة قيادة كانت تستغل خوفهم من القضاء ومن المجتمع. وقد كشفت شهادات العائدين أن التنظيم اهتزّ مباشرة بعد بدء تنفيذ المبادرة، لأن هذه الخطوة سحبت منه أهم ما كان يراهن عليه: العنصر البشري الذي كان يشكل واجهة الدعاية ووقود التحريض. ومع كل عودة جديدة، كان يتقلص حجم التنظيم فعلياً ويتعرّى مشروعه أمام المتابعين، لأن من يعرف خباياه أكثر هم أولئك الذين عاشوا داخله وقرروا الخروج منه. وقد أكد محند بلوصيف، أحد أبرز القياديين السابقين، أن الطريق نحو الانشقاق بدأ حين اكتشف مع غيره من الأعضاء حجم المخطط الذي كان يستهدف أمن الجزائر، وحين أدركوا أن التنظيم يسير نحو مواجهة مع الدولة لا يمكن أن تكون نتيجتها سوى الخراب. لكن ما سهّل قرار العودة هو التسهيلات الكبيرة التي قدمتها الدولة الجزائرية عبر سفاراتها وقنصلياتها، والتي استقبلت المنشقين وقدمت لهم كل الضمانات القانونية والإدارية، ما شجع الكثيرين على استعادة صلتهم بوطنهم. هذه المرونة السياسية لم تُضعف فقط قدرات التنظيم، بل وجهت ضربة مباشرة لقيادته التي كانت تروّج الأكاذيب حول “استحالة العودة” و”الاضطهاد” لمنع عناصرها من الهروب. وتتجلى قوة المبادرة أيضاً، في أنها أظهرت للمغرر بهم أن الجزائر دولة تحتضن أبناءها مهما كانت أخطاؤهم، وأن مستقبلهم داخل الوطن لا يمكن أن يقارن بالمصير المظلم الذي ينتظرهم ضمن تنظيم فاقد للشرعية. وقد تحدث نور الدين لعراب عن هذه الحقيقة بوضوح، حين أكد أنه وجد في وطنه ما لم يجده في قيادة الماك: الاحترام، والحماية، والقدرة على استعادة حياته الطبيعية بعيداً عن الابتزاز والخوف. ومع تكرار هذه القصص، بات واضحاً أن موجة الانشقاقات ليست حالة فردية، بل اتجاه عام يزداد اتساعاً، ويمثل نقطة ضعف قاتلة للتنظيم في الخارج. ومع اتضاح هذا التحول، أصبح المستقبل مرسوماً: تنظيم “الماك” الذي بُني على التضليل وارتبط بالخارج لا يمكن أن يصمد أمام دولة تُعيد أبناءها إلى حضن الوطن بثقة وبسعة صدر. فكل عودة جديدة ليست مجرد رقم، بل دفنٌ لجزء من المشروع التخريبي الذي حاولت قوى أجنبية زرعه داخل المجتمع الجزائري. ومع تفكيك بنيته البشرية، وانهيار صورته الإعلامية، وافتضاح روابطه الخارجية، يدخل التنظيم اليوم مرحلة الاحتضار السياسي والتنظيمي. وهكذا تغدو مبادرة لمّ الشمل ليس فقط سياسة إنسانية، بل استراتيجية أمنية ناجحة أغلقت الطريق أمام مشروع انفصالي هشّ، وأسقطت رهانات الدوائر التي كانت تراهن على اللعب بورقة القبائل لضرب استقرار الجزائر.
م. ع