جاء لتجديد العرفان ورد الجميل للآباء والأجداد “اليوم العالمي للمسنين”.. رعاية واجبة وليست احتفالية طارئة

elmaouid

تحيي الجزائر، اليوم، غرة أكتوبر 2018 اليوم العالمي لكبار السن، وذلك للتأكيد على أهمية توفير الظروف الملائمة لتفعيل قدرات شريحة كبار السن وانتهاج السبل الكفيلة بتمكينهم من المشاركة الإيجابية في الحياة

الاجتماعية والاقتصادية بما يتوافق مع حقوقهم وحاجاتهم ورغباتهم.

ويكرس الاحتفاء بهذه المناسبة التوجه الوطني في مجال رعاية كبار السن الرامي إلى تعزيز مكانتهم في مجتمع متوازن ومتضامن، يتمتعون في إطاره بالرعاية وبممارسة شيخوخة نشيطة ومتوازنة حرصا على تدعيم مساهمتهم في دفع نسق التنمية للبلد.

 

لن تصدق كم سيكون عدد المسنين في الجزائر بعد 22 سنة !!

يعرف الشعب الجزائري بأنه شعب شاب إلا أن تركيبة سكان الجزائر بدأت في التغير منذ عام 1990، حسب دراسات الأمم المتحدة التي أفادت بأن عدد الأشخاص فوق سن 60 سنة سيتجاوز في الجزائر 7.5 مليون شخص في عام 2050، ما يعني أن الحكومة الجزائرية ستعجز بعد 32 سنة عن تسديد معاشات المتقاعدين.

من بين 60 مليون جزائري سيعيشون في عام 2050 حسب تقديرات الأمم المتحدة، سيتواجد 7.5 مليون شخص سنهم يتعدى 60 سنة، وهو رقم مرعب في الجزائر التي تعاني من أزمات اقتصادية، بل ومن اقتصاد ضعيف غير قادر على الاستقلال عن الموارد المالية المتأتية من ريع النفط والثروات الطبيعية، كما سيتجاوز عدد المسنين في العالم عام 2030 مليار وأربعمائة مليون نسمة، ومليارين بحلول عام 2050.

وطالبت منظمات دولية عدة بمواجهة التحديات والآثار التي تطرحها الشيخوخة، ومن أبرزها ارتفاع تكاليف المعاشات والرعاية الصحية والاجتماعية، مما قد يفرض زيادة كبيرة بالإنفاق قد تؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي بالدول.

ويعزز الإعلان السياسي الذي اعتمد في مدريد عام 2002 حماية حقوق المسنين، والذي دعا إلى القضاء على التمييز والإهمال وإساءة المعاملة والعنف على أساس السن.

وتضمنت خطة مدريد الدولية توجيهات بشأن الحق في العمل والصحة، والمساواة بالفرص في جميع مراحل الحياة، ووضع برامج تتيح الحصول على الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي والمعاشات التقاعدية والتأمين ضد العجز والاستحقاقات الصحية.

وترى الأمم المتحدة أن جهودها لن تكلل بالنجاح لمعالجة قضايا الشيخوخة إلا بمؤازرة المنظومات الحكومية والطوعية لتحقيق أهدافها في وضع أنظمة رعاية كفؤة للمسنين يضعها أجيال اليوم لأجدادهم، وحتماً ستكون لأنفسهم عندما تمضي الحياة في دورتها.

سعاد شيخي :”ندعو الشباب للإستثمار في مجال الرعاية الصحية للمسنين”

دعت سعاد شيخي، رئيسة جمعية إحسان لرعاية المسنين الشباب، إلى الاستثمار في مجال إنشاء وحدات للتدخل الصحي لرعاية المسنين في بيوتهم، من أجل تقديم خدمات معقولة السعر للأشخاص البسطاء، خاصة المسنين الذين يعيشون لوحدهم بعيدا عن عائلاتهم.

في السياق ذاته، قالت شيخي إنه حان الوقت لإنشاء تخصصات صحية خاصة بــ “العمر الثالث” لرعاية المسنين، وهذا بتخصيص مراكز صحية كاملة يمكن للمسن أن يجد فيها ما يحتاج إليه من فحوصات يفرضها تقدم العمر وتجنبه التنقل بين المستشفيات والمراكز الصحية.

زيادة على ذلك أكدت شيخي على ضرورة نشر الثقافة الصحية في أوساط الجزائريين لرعاية ذويهم، فالعديد من العائلات مثلا لا تعرف الكثير عن مرض “باركينسون” الذي يصيب المسنين عادة.

من جهة أخرى، أضافت أن المسن يحتاج إلى إحاطته بالإهتمام وتحسيسه أن المجتمع والعائلة بحاجة إليه وإلى خبرته وخدماته، لذا يجب مثلا تكليف المسن ببعض النشاطات الخفيفة التي تتناسب مع صحته وحالته وسنه، تعود عليه بالفائدة وتشغل وقته وتجنبه الوحدة والإحساس بعدم الفائدة.

 

أمراض الشيخوخة تكلف الخزينة ميزانية معتبرة

أكد البروفيسور عبد النبي، المختص في جراحة الأعصاب بمستشفى زميرلي، أن فئة الشيوخ تكون معرضة أكثر للنزيف العصبي والمخي، حيث استعرض أسباب هذه الحالات الناتجة عن مضاعفات لأمراض الشيخوخة مثل السكري والضغط والقلب وكذا الصدمات غير المعالجة في وقتها، إضافة إلى أمراض أخرى تواجه الشيوخ في الجزائر وتكلف الدولة ميزانية كبيرة منها أمراض هشاشة العظام والقلب والسكري وغيرها، وهو ما يجعل الجزائر تواجه الكثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتظرها مستقبلا، والتي يجب التحضير لها من الآن، لأنها ستصبح في غضون سنة ظاهرة تفرض نفسها بقوة على المجتمع الجزائري الذي يعرف جملة من التغيرات الاجتماعية والديموغرافية التي لا يمكن تجاهلها، حيث أوضح المتحدث أن منظمة الصحة العالمية قد أشارت عام 2000 إلى أن كل 100 شخص مكلف برعاية 12 شخصا مسنا، وهذا العدد تضاعف عام 2002 ليصير 24 لكل 100 شخص، ما يعني أن الكثير من التحديات تنتظر الجزائر في هذا الاتجاه، خاصة أن منظمة الصحة العالمية توقعت أن يرتفع متوسط العمر لدى الجزائريين في غضون السنوات الخمس القادمة إلى 81 سنة للنساء و75 سنة بالنسبة للرجال.

ورغم أن نسبة 3 في المائة من عائدات المحروقات تذهب إلى صندوق خاص لرعاية الشيخوخة والمسنين، لكن هذا – يقول خبراء الصحة والاجتماع – لا يكفي، لذا يجب تسطير سياسة لا تقتصر فقط على الاعتبارات الصحية لكنها تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للتكفل بفئة المسنين.

من الناحية القانونية، قالت المحامية ليندة سعد العود، إن القانون الصادر عام 2010 لم يأت ليخلي مسؤولية الأسرة عن رعاية مسنيها ولا ليسقط المسؤولية عن الأبناء تجاه آبائهم، لكنه جاء من أجل توفير الحماية للأشخاص المسنين، خاصة الذين لا يجدون من يهتم بهم أوالعائلات التي لا تتوفر على إمكانيات.

وقالت المتحدثة إنه من غير المعقول أن تقوم الدولة مقام العائلة في رعاية مسنيها، وهذا ينم – حسب المتحدثة – عن وجود أمراض اجتماعية يتعين على الجامعات والمدارس أن تعيد النظر في سياستها التربوية، وذلك بإعادة نشر ثقافة التكافل والتراحم وإحياء القيم التربوية التي تقضي باحترام الكبير والإحسان إلى الآباء وكبار العائلة.

وفي السياق ذاته، قالت المحامية ليندة سعد العود إن المجتمع الجزائري الذي يشهد تغيرات اجتماعية وديموغرافية يجب أن تتجه الدولة إلى إيجاد مؤسسات صحية واجتماعية خاصة برعاية المسنين، مثل دور الحضانة ومراكز الراحة والمستشفيات النهارية، ولكن هذا لا يعني أبدا تملص العائلة من مسؤولياتها في هذا الاتجاه أو تخلي الأبناء عن دورهم، لكن يجب أن تكون هذه المؤسسات والمراكز أدوات مساعدة للأسر لأداء أدوارها في رعاية كبار السن.