أنوار من جامع الجزائر

جامع الجزائر.. حِصْن المرجِعِيَّة الوطنية – الجزء الثاني والاخير –

جامع الجزائر.. حِصْن المرجِعِيَّة الوطنية – الجزء الثاني والاخير –

واعلموا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أنَّ الشَّطر الأوّلَ مِن شَعْبَان قَدِ انْقَضَى، ومضتْ لَيْلَةُ النّصفِ مِنْه، وعُرضت الْأَعْمَالُ عَلَى الْعَلِيم الْخَبِير؛ فَغَفَر لِمَن استحقَّ الْمَغْفِرَة، وَرَحِم بِفَضْلِه مَن رَحِمَ، الأفضل لو يورد حديث النصف من شعبان تذكيرا به وَلَمْ يَبْقَ بَيْن يَدَي رَمَضَان سِوَى أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ؛ يَجمُل فِيهَا لِلْعَبْد الْمُؤْمِن المفرّطِ أن يتحسَّرَ عَلَى ضَيَاع فُرْصَة مَغْفِرَة الذّنوب فِي النِّصْف مَن شَعْبَان، ويتّخذ قَرَارَهُ ويعزم أمره بِالِالْتِفَات إِلَى نَفْسِه الْغَافِلَة الَّتِي تُفوِّتُ عَلَيْه فُرَص الْعُمُر، فرصةً بَعْد فُرْصَةٍ، وَيَبْدَأ فِي تَهْيِئَتِه قَلَبَه لِرَمَضَان، لعلّه يَكُونُ آخر َالعهد به.

أيها المؤمنون الصادقون: إنّ النِّصْف مَن شَعْبَان هَذَا الْعَامِ لَيَعُودُ عَلَيْنَا فِي جَامِعِنَا الْمُبَارَك بذكرى عَطِرَةٍ طَيِّبَةٍ، وَهِي مُرُور عَامٍ كَامِل عَلَى تدشين هَذَا الصَّرْحِ الْإِيمَانِيّ الَّذِي يُمَثِّل حِصْن المرجِعِيَّة الوطنية ِوالدينية الجامعة لكُلّ الجزائريين، وإنا لِنَسْأَل اللَّه أن يُدِيم عِمَارَتَه، وَيَحْفَظَ عِمَادَتَه، وَأَن يُبْقِيه شَامَة مَرْفُوعَة عَلَى جَبِين الْعِزّ فِي هَذَا الزَّمَان، وفاءً لِهَذِه الْبِلَاد الَّتِي طَهَّر الْمُجَاهِدُونَ أَرْضَهَا الْمُبَارَكَةِ مِن رِجْس المحْتَلِّ الْغَاصِبِ، وسَقَوْهَا بِدِمَائِهِمُ الزَّكِيَّةِ، وَأَعَادُوا الْمُحَمَّدِيَّة إِلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد ، فَاعْتَبِرُوا بِهَذِه الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَاتِ فَإِنَّهَا مِن أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى، واغتنِموا هَذِه السَّاعَاتِ فَإِنَّهَا مِن الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَاتِ، وصَلُّوا رَحمَكُمُ اللّهُ عَلَى مَن أَمَرَكُمُ اللّهُ بالصَّلَاةِ والسَّلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ: “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” الْأَحْزَاب: 56. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وعَلَى آلِ إبْرَاهيمَ فِي العَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُك مُوجِبَات رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ وَالْغَنِيمَةَ مِن كُلّ بِرٍّ وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّة وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ يَا سَمِيعَ الدُّعَاء اللَّهُمَّ أَبْرَم لِأُمَّة الاسْلَامِ أَمْرَ رُشْدٍ يَعِزُّ فِيه أَهْلُ طَاعَتِكَ ويُهدَى فِيهِ أَهْلُ مَعْصِيَتِكَ وَيُؤْمَرُ فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيُنْهَى فِيهِ عَنِ الْمُنْكَر يَا سَمِيعَ الدُّعَاء، اللَّهُمَّ لا تَدْع لَنَا فِي مَقَامِنَا هَذَا ذَنْبًا إلَّا غَفَرْتَهُ ولا همًّا إلَّا فرَّجْتَه ولا دَيْنًا إلَّا قَضَيْتَه ولا مَرِيضًا إلَّا شَفَيْتَه ولا مُبْتَلًى إلَّا عَافَيْتَهُ، اللَّهُمّ أَصْلِح لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا وَأَصْلِح لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِح لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنا واجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ واجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِن كُلّ شَرٍّ بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَم الرَّاحِمِين اللَّهُمَّ اُنْصُر الإسلام وَأَعَزّ الْمُسْلِمِين اللَّهُمّ اُنْصُر الاسلام وَأَعَزّ الْمُسْلِمِين اللَّهُمّ اُنْصُر الإسلام وَأَعَزّ الْمُسْلِمِين، وانصر بفضلك إخواننا المجاهدين المرابطين في فلسطين، واجعل بلدنا الجزائر في أمن وأمان، وعِزَّةٍ ورخاء، وسلِّمْها وسائر بلاد المسلمين من كُلِّ سوءٍ وبلاءٍ، برحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمين.

الجزء الثاني والاخير من خطبة الجمعة من  جامع الجزائر