الرقمنة لتحقيق القفزة والمحافظة على الطابع الاجتماعي للدولة

جراد يعرض رهانات الإصلاح الاقتصادي ضمن مخطط الإنعاش 2020-2024

جراد يعرض رهانات الإصلاح الاقتصادي ضمن مخطط الإنعاش 2020-2024

نشرت الحكومة مخطط الإنعاش الاقتصادي 2020-2024، وقال الوزير الأول، عبد العزيز جراد، أن هذا المخطط “يعد ضرورة قصوى لمواجهة جميع التحديات الاجتماعية والاقتصادية في السنوات القادمة”.

وفي كلمة له بمناسبة نشر المخطط، أضاف جراد أنه “يجب أن يعتمد مخطط الإنعاش هذا على إدماج متناسق لجميع جوانب الإصلاحات، سواء كانت إصلاحات اقتصادية كلية أو اقتصادية جزئية أو تنظيمية أو حتى مؤسسية “.

وذكر جراد أن “مخطط الإنعاش الاقتصادي يجب أن يقوم أساسا على تعزيز دولة القانون (سيادة القانون)، تعزيز المؤسسات (تعزيز قدرات الدولة)، تكريس تكافؤ الفرص (العدالة الاجتماعية)، المشاركة في إعداد السياسات (الشمولية)، الاستدامة الـمالية للمشاريع والبرامج  والإصلاحات، تحسين مستوى التعليم (تحسين رأس الـمال البشري) ، تعزيز دور القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني”.

وقال جراد أنه “ومع ذلك، فإن تجسيد هذه الـمقاربة الاقتصادية الجديدة يظل يعتمد على تحرير جميع المبادرات من القيود البيروقراطية، من خلال الرقمنة وتطهير تراكمات الـماضي، مع ضمان استقرار إطارنا التشريعي”. وأضاف أن الحكومة “توجه عملها نحو تنويع اقتصادنا، التحكم في تأطير تجارتنا الخارجية، تثمين الموارد الطبيعية، ولاسيما الإمكانات الـمنجمية، استبدال المنتجات المستوردة بمنتجات مصنعة محليًا،  ترقية نسيج المؤسسات الوطنية، ولاسيما الـمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والـمؤسسات الصغرى، تثمين طاقاتنا البشرية الإبداعية والمبتكرة، وخاصة تلك الـمقيمة في الخارج، مراجعة المادة 49/51،  إلغاء حق الشفعة واستبداله بالترخيص الـمسبق من الحكومة،  إلغاء الالتزام باللجوء إلى التمويل المحلي بالنسبة للاستثمارات الأجنبية، إلغاء النظام التفضيلي في مجال استيراد مجموعات SKD / CKD،  استكمال النظام البيئي اللازم لتطوير الـمؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة.

وقال جراد أنه “فيما يخص الـمجال الضريبي، فقد سلطت الحكومة الضوء على مختلف الإصلاحات التي يتعين تنفيذها، مثل إعادة تأهيل الخدمة العمومية، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتعبئة الموارد ورقمنة إدارة الضرائب، حيث سيسمح ذلك بمكافحة التهرب الضريبي بشكل فعال”.
 
++ الرقمنة لتحقيق القفزة والمحافظة على الطابع الاجتماعي للدولة

وقال جراد أنه “يجب علينا تسريع عملية الإنتقال الطاقوي والتحول البيئي، لاسيما في جانبها الصناعي، فضلاً عن رقمنة الاقتصاد التي ستتيح لنا تحقيق قفزة كبيرة في مجال الإنتاجية، حيث يمكن أن يكون هذان القطاعان الركيزة الأساسية من أجل تحقيق انعاشنا الاقتصادي،  إذ سيشهد هذان المجالان ابتكارات كبرى ومن الـمرجح أن يدفعا بالنمو العالـمي خلال العقود القادمة”. وأضاف جراد أنه “ينبغي أيضًا إيلاء اهتمام خاص للتنمية الفلاحية والريفية والصناعات الغذائية الزراعية، وتثمين مواردنا الصيدية من أجل تعزيز أمننا الغذائي. والأمر كذلك بالنسبة للصناعة الصيدلانية التي تسمح بضمان الأمن الصحي وضمان تلبية احتياجات مواطنينا من الأدوية الأساسية ذات الجودة والآمنة والفعالة”.

وتابع جراد قائلا” فضلا عن ذلك، يجب أن يحافظ مخطط الإنعاش هذا على الطابع الاجتماعي للدولة من أجل تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية وحماية القدرة الشرائية للمواطن، ولاسيما الفئات الأكثر هشاشة. كما سيسمح بتعزيز الأمن الطاقوي والغذئي للبلاد من أجل الحفاظ على سيادتها الوطنية، وضمان السيادة من حيث الخيارات الاقتصادية بما يخدم المصلحة الـمثلى للبلاد”.

وقال جراد أنه علينا أن نتحرك بشكل استباقي للتأقلم مع الـموجة الـمندفعة للثورة العلمية والرقمية والتحول الصناعي، وأن نستكشف محركات نمو جديدة ومسارات تنمية مبتكرة وأن نتعامل بشكل صحيح مع كل هذه التحديات حتى نلحق بركب الأمم الـمتطورة.

وذكر جراد أن “التغيرات التي نواجهها لا مثيل لها، ولكن التغيرات تخلق فرصًا يجب علينا اغتنامها، نحن الآن في مفترق طرق و علينا اختيار أي طريق يتعين علينا أخذه، فمستقبل البلاد يعتمد على خياراتنا وعلى عزيمتنا لتحقيقها”.

++ الجزائر تمكنت بفضل موارد المحروقات من تكريس دولة اجتماعية

وفي مستهل كلمته، قال جراد أن الجزائر تمكنت بفضل مواردها من الـمحروقات والنفط والغاز الطبيعي من ضمان مستوى معين من التنمية الاقتصادية، ولا سيما من خلال تطوير العديد من البنى التحتية، وتكريس دولة اجتماعية تضمن خصوصا مجانية التعليم والرعاية الصحية للجميع.

وذكر جراد أنه ” في الجزائر أدى الثقل الساحق لقطاع الـمحروقات إلى الحيلولة دون أي تنويع للاقتصاد، وتفضيل الواردات على الصادرات (خارج المحروقات) والحد في نهاية الـمطاف من وزن القطاع الصناعي  ليبلغ من  6 إلى 7% فقط من الناتج المحلي الخام”.

وأضاف جراد أن اقتصادنا يشهد بشكل عام إنتاجية منخفضة لوسائل الإنتاج، ويعاني بشكل خاص من البطء الإداري، وكذا نقائص في مجال التسيير وصعوبات في الحصول على التمويل، بل وحتى غياب رؤية قطاعية مشتركة متناسقة طويلة الـمدى، والتي يمكن أن توجه وتشرف على تنفيذ السياسات العمومية.
++ عصرنة النظام المالي لانجاح الاصلاح الاقتصادي

وقال جراد أنه ” سيتعين على الجزائر مواجهة العديد من التحديات الهامة، بما في ذلك التنويع الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار، والتفكير في السبل والوسائل للقيام، في أحسن الآجال،  بوضع عملية التنمية الاقتصادية الوطنية الـمرنة والشاملة والـموحدة في  الـمسار الصحيح”.

وأضاف جراد ” يجدر  تنويع مصادر التمويل، لاسيما فيما يخص البنى التحتية، من أجل تخصيص موارد الميزانية المحدودة للحالات التي لا يوجد فيها بديل آخر، ويجب تفضيل الـمسعى القائم على الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، التي تمثل إمكانات واعدة في تمويل البنى التحتية والـمرافق العمومية، كما ستمكن الشراكة بين القطاعين العام والخاص فضلا عن إمكانيات حشد التمويل، من الاستفادة من قدرات الابتكار والـمهارات في التصميم والإنجاز والاستغلال والصيانة المثلى للبنى التحتية العمومية”.

وذكر جراد أن إصلاح وعصرنة النظام المصرفي والمالي هو حجر الزاوية لنجاح كل إصلاح اقتصادي، فإنه يشكل، بالإضافة إلى تحسين مناخ الاستثمار الذي هو جزء منه، أم كل الإصلاحات، كما توجد ضرورة لتحسين مناخ الأعمال من خلال تبسيط إجراءات إنشاء الـمؤسسات التي تعتبر تكاليفه وآجاله كبيرة للغاية، فضلا عن تحسين الولوج إلى العقار والقروض والخدمات العمومية ذات الجودة.

وأضاف جراد أنه لا يمكن أيضا استبعاد الإدارة من هذا الـمسار، حيث يجب أن تأخذ على عاتقها عملية العصرنة ومحاربة الممارسات البيروقراطية، وذلك بفضل الإمكانيات التي توفرها التكنولوجيا الرقمية.