شجاعتها وجرأتها جلبتا لها مختلف أنواع التعذيب

جميلة بوعزة .. الشهيدة التي فجرت المقاهي وزرعت الرعب في نفس العدو

جميلة بوعزة .. الشهيدة التي فجرت المقاهي وزرعت الرعب في نفس العدو

أول من ضم جميلة بوعزة إلى الثورة والعمل الفدائي صديقتها جميلة بوحيرد، في صيف 1956 حيث كانت سبقتها إلى ذلك، ولم تكن تعرف أحدا غير تلك الصديقة، وحتى ياسف سعدي قائد معركة الجزائر لم تتعرف عليه إلا بعد الاستقلال، ولم يكن يتجاوز عمر الفتاة سبعة عشر سنة حينما انضمت إلى العمل الفدائي، وكانت حينها تلميذة تحضر لشهادة التعليم المتوسط .

وأول عملية كلفت بتنفيذها جميلة بوعزة ونفذتها، كانت في البناية رقم 11 مكرر من شارع ميشلي/ ديدوش مراد حاليا، وذلك في شهر نوفمبر من عام 1956، حيث تلقت قنبلة كبيرة من زميلتها جميلة بوحيرد في شارع لالير، وقطعت بها العديد من الحواجز، لتضعها كما هو مخطط في ذلك المبنى بجانب المصعد. تسبب انفجارها فيما بعد في أضرار مادية كبيرة جدا؛ بالإضافة إلى الهلع الذي دام أثره أسابيع. بهذه العملية بدأت الفدائية امتحانها، ومن يومها تأكد ضمها لفرق العمل الفدائي في مدينة الجزائر العاصمة ومحيطها. وكان الاعتماد عليها كبيرا، ومن يومها كذلك بدأ إعدادها للعمليات الخطيرة، لكن التحريات والمتابعات أوقعتاها في كمين، مما أدى إلى مداهمتها في العمل، حيث قيل لها إن أباها في الخارج ينتظرها، ولما خرجت وجدت النقيب (غرازياني) الشهير مرفوقا بستة عساكر، حيث اُقتيدت مباشرة إلى منطقة الأبيار وأدخلت عمارة كبيرة كانت في طور الإنجاز، وهناك وجدت زميلتها جميلة بوحيرد وشقيقها الذي لم يكن يتجاوز عمره الـ12  عاما، هالها منظر صديقتها التي كانت تقطر دما من كامل وجهها ورأسها، وفي نفس المكان تلقت هي الأخرى من الضرب والتعذيب ما أفقدها وعيها، وحينها اعترفت بانتسابها إلى جبهة التحرير، واعترفت لمعذبيها بأنها كانت واحدة من اللائي زرعن الرعب.

وبالرغم من أن هذه الجرأة والشجاعة جلبتا لها الكثير من التعذيب، لم يحصل المحققون من جميلة على شيء يفيدهم. ومن ذلك البناء إلى السجن، حيث بقيت هناك خمسة عشر يوما، كانت فيها عرضة للتحقيقات والإهانات والتعذيب من كل لون. ثم نقلت بعدها إلى سجن بربروس الشهير، قضت فيه جميلة بوعزة أربعة أشهر كاملة، إلى أن جاءت المحاكمة الشهيرة لها ولزميلتها بوحيرد، ومعهما عبد الرحمن طالب، وعبد العزيز مرسلي، والتي كانت نتيجتها الحكم بالإعدام على الجميع. وكان قد أنشئ في السجن العتيق / بربروس زنازن جديدة خاصة بالمحكوم عليهم بالإعدام، هي عبارة عن أقبية غائرة .

تسعة أشهر كاملة قضتها جميلة وأخواتها بعد المحاكمة في بربروس، إلى أن جاء الجنرال ديغول إلى الحكم. ونتيجة للضغط العالمي آنذاك على كل استفزازات المستعمر، واحتجاج المنظمات الإنسانية في الكثير من البلدان، وعلى محاكمته غير العادلة، اضطر الجنرال ديغول إلى إلغاء الإعدام بالنسبة للنساء وتعويضه بالسجن المؤبد. كانت فترة الاعتقال حوالي أربعة أشهر، نقلت بعدها جميلة في طائرة عسكرية إلى سجن بومات الشهير في مدينة مارسيليا جنوبي فرنسا، ثم نقلت بعدها إلى سجن آخر الذي قضت فيه أطول فترة. وكانت أيامها فيه أشد مرارة وأقسى، حيث تعرضت إلى ألوان شتى من التعذيب النفسي والجسدي المريرين، وبعد فترة نقلت جميلة بوعزة إلى سجن يقع في منطقة بروتان، وهناك ظلت إلى أن أطلق سراحها في أفريل عام 1962.

Aucune description de photo disponible.