العزم على إنجاح الموسم

جني الزيتون بالجزائر.. تقاليد وتضامن اجتماعي

جني الزيتون بالجزائر.. تقاليد وتضامن اجتماعي

يعتبر موسم جني الزيتون بالنسبة للعديد من فلاحي الولاية تقليدا عريقا وأسلوب حياة يتطلب مشاركة كل أفراد الأسرة، حيث جرى العرف وما يزال في بعض قرى الجزائر، وخاصة في منطقة القبائل، أن يعلن عن انطلاق موسم جني الزيتون من طرف أعيان القرية.

وبعد إعلان بداية الموسم، يتجه القرويون إلى حقولهم، حيث يجسدون صورا متعددة للتكافل والتلاحم الاجتماعي تحت عنوان “ثيمشراط” أو “تويزة”، وهي عادة توارثها الجزائريون أبا عن جد، إذ يتعاون أفراد الأسرة الواحدة أو كل أفراد القرية على جني الزيتون، وهناك تدعو الأسر المحدودة العدد أفراد أسرة أخرى إلى مساعدتها لأن جني الزيتون أمر يتطلب أيادٍ عاملة كثيرة العدد.

وسائل تقليدية

ويمارس غالبية الفلاحين هذه الزراعة بوسائل وممارسات تقليدية، ولا يجرون عملية الصيانة الدورية لمساحاتهم المزروعة، ولا علاقة لهم بالأشجار إلا في مرحلة جني الزيتون، ما يؤثر في تطوير الإنتاج وتحسين نوعيته.

وتجري حملة جني الزيتون حاليا على قدم وساق بحقول وبساتين العديد من القرى على غرار أقويلال وتينيري (العجيبة) واسيف اصماض (امشداله) وبشلول والأصنام بولاية المدية.

ويستعين القرويون بمختلف الأدوات الضرورية، من سلالم ومناشير ومقاص وأمشاط، لقطف وجني حبات الزيتون مع العمل على عدم إتلاف الأغصان والثمار، علما أن كل نوع من الزيتون ومن أشجار الزيتون له طريقة قطف مختلفة عن الأخرى.

ويفضل البعض استخدام أمشاط خاصة لقطف حبات الثمار، بينما يفضل آخرون قطفها يدويا، وقد أضفت البسط الملونة، الحمراء والخضراء والصفراء والبنفسجية الملقاة تحت الأشجار لتسهيل جمع الزيتون المتساقط، على الحقول رونقا وجمالا مميزين لا يمكن مشاهدتهما سوى في مثل هذه المواسم.

 

العزم على إنجاح الموسم

تتجند الكثير من العائلات الجزائرية لإنجاح العملية خاصة مع حلول العطلة الشتوية التي تعتبرها العائلات فرصة لاصطحاب الأطفال المتمدرسين والطلبة للمساعدة في العملية في أجواء عائلية تسودها روح التعاون والألفة والاستمتاع في أحضان الطبيعة، وهناك من الموظفين والعمال الذين فضلوا أخذ عطلتهم السنوية للتفرغ لجني الزيتون، خاصة مع تراجع اليد العاملة في العديد من المناطق الجبلية الصعبة، ما يجعل أصحاب الأرض يتجندون لاستغلال كل حبة زيتون، في ظل ارتفاع أسعار اللتر الواحد إلى مستويات قياسية بلغت 1200 دج في المعاصر العصرية و1300 دج في المعاصر التقليدية في بعض المناطق، وهذا ما يجعل الزيتون يتحول إلى تجارة مربحة ومصدر دخل قوي للأسر.

 

تقليد عريق واستثمار مربح

تحولت زراعة أشجار الزيتون في الكثير من الولايات من فلاحة للاستهلاك الشخصي إلى استثمار ومصدر دخل مهم للأسر،

وهذا ما جاء تماشيا مع إرادة الدولة في تكثيف هذه الزراعة واستغلالها، خاصة وأن وزارة الفلاحة أطلقت سنة 2024 برنامجا لزراعة مليون شجرة زيتون عبر 27 ولاية، تم الانتهاء من غرس أكثر من 900 ألف شجرة.. وهذا ما يعتبر حسب الملاحظين مكسبا كبيرا للاقتصاد الوطني، خاصة وأن وزارة الفلاحة تشجع المستثمرات الفلاحية في مجال زراعة الزيتون، التي تحولت إلى مشاريع اقتصادية واعدة.

 

أسباب طبيعية وراء الغلاء

أرجع الخبراء الاقتصاديون غلاء أسعار زيت الزيتون إلى الجفاف الذي مس الجزائر خلال السنوات الماضية، والذي أثّر بشكل كبير على مردودية أشجار الزيتون، بالرغم من اعتبارها أشجارا مقاومة وصالحة لمختلف التضاريس الصعبة، غير أن تتابع سنوات الجفاف أثّر كثيرا على زراعتها، وهذا ما يفسر ارتفاع الأسعار بحكم قانون العرض والطلب.

لمياء. ب