تبقى قرية تايراو التابعة إقليميا لبلدية السطارة والواقعة على الحدود مع ولاية سكيكدة شرق المنطقة وبلدية غبالة جنوبا، من القرى الأكثر فقرا وحرمانا على مستوى ولاية جيجل.
وقد كانت هذه المنطقة خلال العشرية السوداء من أكثر المناطق التي عانت من ويلات وآثار تدهور الوضع الأمني، وانتشار الجماعات الإرهابية على مستواها، أين تعرضت لعدة عمليات أدت إلى هجرة الكثير من سكانها إلى مناطق أخرى من بلدية السطارة، باتجاه مركز البلدية والتجمعات السكانية الكبرى كبرج علي وحي أقوف. ورغم مرور عشرات السنين، فإن مظاهر العزلة ما زالت تؤرق السكان، خاصة من مدخل القرية إلى غاية آخر نقطة فيها باتجاه مدرسة براشن حمدان والمسجد.
من خلال تواجدنا فيها، سجلنا منذ الوهلة الأولى مظاهر العزلة والفقر التي تتسم بها، مرورا بمركز الحرس البلدي الجديد والسكنات التطورية التي أصبحت تصنف مع الآثار، وقاعة العلاج القديمة، إلى غاية التجمعات السكانية المبعثرة في كل الإتجاهات، حيث يلاحظ الزائر سكنات مبنية بالطوب والخشب والأسقف القصديرية، وفوق كل هذه المعاناة نسجل تدهور الطرق والمسالك التي تربط أرجاء القرية، كونها مسالك ترابية مائة بالمائة، لا “الرمل”، ولا حتى “التيف”، وإذا زاد حجم الحفر، ترمم الحفر الطينية بالطين والتراب مرة أخرى، وهكذا دواليك، خاصة وأن هذه المسالك وعرة ومرتفعة، وكثيرة الأخاديد التي صنعتها الظروف الطبيعية. فحسب سكان المنطقة، فإن أكبر انشغال بالنسبة لهم هو الطريق الذي يعتبرونه شريان حياتهم اليومية، في تنقلاتهم من جهة ومن جهة أخرى في قضاء حوائجهم، وقد حدثنا أحد الشباب عن معاناة كل السكان في إيصال مواد البناء إلى مناطق القرية المبعثرة والصعبة، بحيث أثر هذا على يومياتهم بشكل مباشر وعلى عدم لجوء بعضهم لبناء مساكن لائقة، لصعوبة إيصال مواد البناء إليها، ولعدم توفر وسائل النقل وتفادي أصحاب الشاحنات التوجه إلى هذه القرية، وغلاء إيصال مواد البناء إليها في حالة توفر شاحنة ما، وهو ما يضاعف ثمن مواد البناء، ونفس الإشكال بالنسبة للمواد الأخرى المتعلقة بتربية الحيوانات والأسمدة الزراعية، خاصة أن المنطقة تعرف نشاطا فلاحيا وبعض الإستثمارات الفلاحية التي يبقى أصحابها يلاقون صعوبات كبيرة في الوصول إليها، وفي إيصال مختلف المواد والتجهيزات إليها، والعائق الأكبر أمامهم هو تدهور الطريق إلى درجة لا تطاق، إلى درجة تنفر السكان بدرجة كبيرة جدا.
حيث تبدأ معاناة السكان عند موقف المسافرين على الطريق الرابط بين برج علي وبني صبيح والمسماة بمنطقة تامديت، والذي يوصلك إلى مركز الحرس البلدي الجديد والبناءات التطورية المهجورة التي بنيت سنة 87 ولم تستعمل لعدم اكتمال الأشغال فيها، ثم نمر عبر بعض مشاتيها إلى غاية منطقة تايراو العلوية إلى غاية المدرسة والمسجد، وكل هذا لا يتعدى حوالي السبع كيلومترات، تنتظر منذ سنوات كثيرة الفرج، وإطلاق سراح أهلها بفتح الطرق وتهيئتها، لتسهيل حركة تنقل الأشخاص منها وإليها، لكنها تبقى نقطة سوداء في قلب هذه المنطقة، ونقطة سوداء تزيد من ظلمة يوميات سكان تايراو.
ويأمل السكان أن تلتفت إليهم السلطات المحلية بجيجل، وعلى رأسها والي الولاية إليهم، للإسراع في تجسيد مشروع طريق لفك العزلة عنهم، وفتح آفاق كبيرة أمامهم، لتطوير حياتهم اليومية من مختلف جوانبها وخاصة تطوير نشاطاتهم الفلاحية كالزراعة الجبلية وتربية الحيوانات وتربية النحل، التي تعتبر المورد الأساسي في حياتهم بهذه القرية.
جمال. ك