الجزآئر- لا تزال التسريبات المتعلقة باستخدام واشنطن الأراضي التونسية لضرب تنظيم “داعش” في ليبيا، تثير التساؤلات حول حقيقة وعيها بكل أبعاد العمليات العسكرية الأمريكية الموجودة في تونس، خصوصا بعد حديث عن انزعاج جزائري حول رضوخ تونس لشروط مبهمة بموجب اتفاقية مشتركة وقعت العام الماضي في واشنطن.
وأزاحت الحرب الأمريكية على تنظيم “داعش” في سرت، الستار عن الإستراتيجية الأمريكية الجديدة المتبعة لمراقبة الوضع الليبي عن قرب باستخدام قواعد عسكرية لها في تونس.
وتعود المساعي الأمريكية في البحث عن موطئ قدم في دول شمال إفريقيا، إلى حادثة اغتيال السفير الأمريكي في ليبيا، كريس ستيفنز، سنة 2012 في بنغازي، حيث باشرت واشنطن بعدها جهودا لإنشاء قواعد عسكرية تنطلق منها طائراتها في حال وقوع طارئ، وأجرت محادثات مع دول شمال إفريقيا لإنشاء قاعدة عسكرية استخباراتية لطائرات من دون طيار على أراضيها، لمراقبة تحركات تنظيم “داعش” والتنظيمات المسلحة الأخرى في ليبيا، وتعتبر تونس البلد الأقرب لإقامة هذه القاعدة الأمريكية على أراضيها، بعد أن منحتها الولايات المتحدة صفة شريكها غير العضو بحلف “ناتو”، وتوقيعها على مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة تتضمن بنودًا تتعلق بالشأن العسكري.
وكشفت المحادثة التي جمعت كلا من الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ووزير الخارجية الأمريكية جون كيري، في نوفمبر 2015، عن تجديد موافقة السبسي على مشروع حمل عدة بنود ظلت سرية، وبحسب التسريبات الأمريكية تقضي الاتفاقية بأن “تفتح تونس أجواءها دون شروط أو قيد لقوات ناتو للتجسس ومسح الأراضي عبر طائرات الاواكس”، إلى جانب السماح بتواجد قوات أجنبية على أراضيها للمراقبة الإلكترونية عبر الأقمار الصناعية والطائرات دون طيار، والمجسات الأرضية أو عبر جنود البحرية لقوات الناتو بما فيهم جنود البحرية الأمريكية (المارينز).
وذكرت تقارير أنه قبل أن يتحول التواجد الأمريكي في تونس إلى حقيقة، فعلت واشنطن كل ما في وسعها لتأجير قاعدة جوية في ولاية تمنراست، حيث تعتبره موقعًا مثاليًا لقربه من ليبيا وتغطية كامل منطقة الساحل والصحراء.
وكانت الجزائر الوجهة المفضلة لمسؤولين رفيعي المستوى من الجيش الأمريكي ووكالات المخابرات، بهدف وحيد هو إقناع نظرائهم الجزائريين لتكثيف “التعاون في مكافحة الإرهاب”، أو بالأحرى، لتنضم الجزائر إلى رؤية الولايات المتحدة في “الحرب ضد الإرهاب”، ولكن السلطات رفضت في 2014 الطلب الأمريكي بإقامة قاعدة لطائرات بدون طيار “درونز”.
بالمقابل، علّق موقع “ميدل ايست أي” البريطاني أنه بعد “تفجر فضيحة جديدة حول استخدام طائرات دون طيار تجاه ليبيا انطلاقا من تونس، فإن الولايات المتحدة ترمي لهدف شبه مستحيل وهو مراقبة منطقة الساحل بأكملها”، مذكرا بتواجد قواعد “روتا ومورون” في إسبانيا – ممولة بالكامل من قبل الولايات المتحدة – لتكون من المراكز الأمريكية الرئيسة في حال وجود أي عمل عسكري في شمال أفريقيا.
وتستخدم “أفريكوم” أيضا جزءًا من القاعدة الجوية كلميم جنوب المغرب لأنشطة المراقبة الجوية. وهذا هي الحال في مالي وبوركينا فاسو، حيث تحتفظ فرنسا والولايات المتحدة بوجود واضح من حيث الاستطلاع أيضا.