في حوار خص به “الموعد اليومي”، تحدث الفنان حمدي بناني عن عميد أغنية المالوف الحاج الطاهر الفرقاني الذي انتقل إلى جوار ربه ليلة الأربعاء الفارط. واستهل حديثه قائلا:”لقد تعرفت على الحاج الطاهر الفرقاني في عام 1965، وكان كلما تنقل إلى عنابة يزورني في بيتي ويبيت عندي ونقوم سويا بجولة سياحية في المدينة، لقد كان قريبا جدا مني ومن عائلتي. ففي سنوات الخمسينيات كان يغني الشرقي، وبعدها غنى المالوف وطوره، وأدخل عليه النوع الشرقي، كان رحمه اللّه يعزف على كل الآلات.
ويتميز الحاج محمد الطاهر الفرقاني بحسن النية والطيبة ومعروف بفعل الخير ومساعدة المحتاجين، لا يعرف الحقد حيث كان عندما يحدث بينه وبين الفنانين خلاف يتصالح وينسى الأمر ويضحك ويمزح وكأن شيئا لم يحدث، ترك وراءه كنزا ثريا وكبيرا من الأغاني التي ستحفظ اسمه.
وذكر محدثنا أن الحاج الطاهر الفرقاني رحمه اللّه كان شاهدا على زواجه في عام 1973، وكان من بين رفقائه المقربين في مجال الفن، وقال موضحا “مثلنا الجزائر فنيا في العديد من المناسبات وشرفنا وطننا في مهرجانات كثيرة أبرزها السينغال، فرنسا.. وكان دائما يمدني بالنصائح ويقول لي لا تعمل مثلي ولا تنجز أغنيات تشبه نوعي الغنائي، فأنا أفضّل أن تكون أحسن مني، وتكون خليفتي بعد وفاتي، فكنت أطمئنه على ألا أقلده أبدا، لأنه لا يمكن أن يخلفه أحد، حتى أبناءه وأحفاده الذين يمارسون الفن حاليا لا يمكنهم أن يعوضوه لأن الحاج محمد الطاهر الفرقاني رحمه اللّه شخصية فنية نادرة، ويبقى للأبد عميد وعملاق أغنية المالوف”.
وأشار محدثنا بخصوص ظروف الحاج محمد الطاهر الفرقاني الصحية إلى أنها لم تكن على ما يرام، وقبل اختتام تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة الإسلامية كان يعاني من ظروف صحية حرجة، لكن حبه لفنه جعله يقاوم المرض وحضر التظاهرة والتقى بزملائه وأصدقائه من الوسط الفني.
وعن آخر لقاء جمعه بالراحل، قال حمدي بناني “لقد زرته في المستشفى بفرنسا في 27 نوفمبر الفارط، ووجدته متعبا جدا، وكنت أسأل دائما عن أحواله عن طريق أقربائه، وعلمت منهم أنه قبل يومين من وفاته دخل في غيبوبة. ولحظة وفاته وصلني الخبر من صديق لي في فرنسا مباشرة وقد نزل عليّ خبر وفاته كالصاعقة وبرحيله أكون قد فقدت أحد أصدقائي المقربين جدا”..
وعن وقوف المسؤولين إلى جانبه في محنته المرضية، قال حمدي بناني “طبعا كان المسؤولون في اتصال دائم معه ووقفوا إلى جانبه، وحتى رئيس الجمهورية كان يحبه والقنصلية الجزائرية بفرنسا تدخلت عقب الإعلان عن وفاته وقامت بالإجراءات اللازمة ليدفن في الجزائر”.
وأفكر ـ يقول حمدي بناني ـ في إنجاز أغنية تكريما لهذا العملاق رحمه اللّه، وهذا اعتراف مني بخصاله وشهامته وخدمته للفن الأصيل، وبأنه عملاق وسيبقى كذلك للأبد فرحمه اللّه وأسكنه فسيح جنانه، إنا للّه وإنا إليه راجعون.