خريطة طريق المسلم

خريطة طريق المسلم

قال تعالى ” وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ” الحجر: 99. هذه الآية العظيمة تضع للمسلم خريطة طريق حياته، حيث تفيض علينا بالعديد من الفوائد التربوية التي يجب على المسلم أن يضعها نُصب عينيه، ويتمسك بها، ويعض عليها بالنواجذ، حتى يلقى الله عز وجل. فوائد تنير للمسلم طريق حياته في ظلمة مطبقة من تراكم هموم الدنيا ومغرياتها، وتَعصمه من الزلل والوقوع في منعطفات الطريق، وتقيه من الضياع في فيافي الحياة الموحشة المقفرة.

– إن أول هذه الفوائد التربوية أن للمسلم غاية واحدة واضحة وضوح الشمس، لا يرى سواها ولا يحيد عنها، وهذه الغاية قد حدَّدها لنا ربنا في الآية بقوله: “وَاعْبُدْ رَبَّكَ”، وقوله: ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ” الذاريات: 56.

– ثانيًا:  دقِّق معي في قول الله في الآية: “رَبَّكَ”، فهل لك رب سواه؟ هذه مشكلة الكثير من الناس الذين اتخذوا أربابًا من دون الله: ” وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ” يوسف: 106.

– ثالثًا: أن يلتزم المسلم بهذه الغاية طول حياته: ” حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ “، فكلمة “حتى” تنم عن مدى هذه العبادة.

– رابعًا: لا يوجد عمل سوى العبادة يغطي حياة المسلم كلها، وعليه فيجب أن تكون كل حركات وسكنات المسلم بكل حياته محققة لذلك: ” قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ” الأنعام: 162.

– خامسًا: أن عبادة المسلم تكون بالطريقة التي حدَّدها الله له في كتابه الكريم، وأرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم مطبقًا لها في الحياة قولًا وفعلًا وإقرارًا، هذا المنهج القويم: ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ” المائدة: 3.

– سادسًا: أن تدرُّجَ المسلم في درجات اليقين لا يكون إلا بجهاد النفس وأشواقها، والحياة وأشواكها؛ مما يستلزم معه الصبر: ” أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ” آل عمران: 142.

هذه النقاط المحددة توضح لنا خريطة العمل التي يجب السير بها: ” قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ” يوسف: 108.