تستقطب مراكز تقديم دروس الدعم عددا كبيرا من التلاميذ من مختلف الأطوار الدراسية كالابتدائي، المتوسط والثانوي، حيث يضطر هؤلاء المتمدرسين إلى توسيع جدولهم الدراسي وتكثيفه عن طريق هذه الدروس خاصة فيما يتعلق بالمواد التي يواجهون فيها صعوبات، حيث يتنافس التلاميذ على الدراسة عند أكفأ الأساتذة المشرفين على تدريسهم وذلك أيام نهاية الأسبوع والعطل الموسمية، فبالنسبة للعائلات الجزائرية أصبحت هذه الدروس ضرورة حتمية لا غنى عنها.
تجولت “الموعد اليومي” في العديد من المؤسسات التعليمية بالجزائر العاصمة وضواحيها لتقصّي آراء التلاميذ وأوليائهم في الدروس التدعيمية، فتفاجأنا بعدم تضارب آرائهم حول هذا الموضوع إلا القلة القليلة منهم التي أبدت عدم اقتناعها بهذه الدروس كونها تمنع التلاميذ من تنمية قدراتهم الفكرية والعلمية، أما البقية كلها فرأت بأن الدروس الخصوصية تعتبر منقذتهم من إعادة السنة أو الرسوب في المواد التي يواجه فيها الطلاب عراقيل وصعوبات في فهمها من بينها اللغة العربية والمواد العلمية كالرياضيات، الفيزياء والعلوم الطبيعية زيادة على مادتي اللغة الفرنسية والإنجليزية.
لا يمكن الاعتماد على المدرسة فقط
عبّر الكثير من الأولياء عن استحسانهم لوجود الدروس التدعيمية التي تساعد التلاميذ على فهم واستيعاب بعض المواد الصعبة، ومنهم من يشجع أبناءه على تلقيها، كما يصل الأمر في بعض الأحيان إلى إرغامهم على ذلك، أما آخرون فقد أبدوا استياءهم لوجود مثل هذه الدروس التدعيمية وذلك نتيجة للمصاريف الكبيرة التي يضطرون إلى دفعها نزولا عند رغبة أبنائهم وخوفهم على فشلهم في الدراسة خاصة عند وجود أكثر من تلميذ في العائلة يقوم بتلقي الدروس، فهناك يكون على الأولياء دفع مبالغ كبيرة خصوصا وأن قيمة تدريس المادة الواحدة تفوق 1000 دينار.
أسباب متعددة والنتيجة واحدة
أرجع العديد من المختصين التربويين السبب الرئيسي في جعل الدروس التدعيمية ضرورة بالأساس إلى نقص كفاءة واحترافية الأساتذة، زيادة على ضعف تكوينهم، وحسب بعض التربويين، فإن تمسك المدرسين بالمناهج القديمة في ظل ضعف تكوينهم بالإضافة إلى عدم استيعاب بعضهم للميكانيزمات الجديدة، الأمر الذي جعل معظم الأساتذة قناة ضعيفة في العملية التربوية. كما رأى آخرون أن هاته الأسباب تجعل الأساتذة ليسوا أهلا بالتدريس ما داموا لا يستطيعون إيصال الرسائل التعليمية للتلاميذ وغير قادرين على تمكينهم من فهم المادة واستيعاب وحداتها خاصة الصعبة منها، ما يجعل التلميذ يبحث عن بديل آخر يوصله إلى بر الأمان ويحقق له النجاح، ويجد هذا في الدروس التدعيمية التي رأى فيها هؤلاء الأساتذة سبيلا للهروب من خلال تكثيف جهودهم في حشو أدمغة الطلاب بالمعارف عن طريق الحفظ دون التطبيق، لهذا تكون فعالية هذه الدروس وتحقيقها لهدف انجاح الطالب ضعيفة جدا كون العديد من التلاميذ لا ينجحون رغم مزاولتهم للدروس التدعيمية.
من جهة أخرى، كشف بعض المختصين البيداغوجيين أن السبب في انتشار الدروس التدعيمية يكمن أيضا في تدني المستوى التعليمي وكثافة البرنامج الذي يصعب على التلاميذ استيعاب كل الدروس خاصة الصعبة منها، لهذا يلجؤون إلى تلقي دروس تدعيمية لتغطية ضعفهم في بعض الوحدات التعليمية، كما يرجع البعض السبب إلى اكتظاظ الأقسام، حيث يجد الأستاذ صعوبة كبيرة في شرح الدرس لجميع التلاميذ، بالإضافة إلى ذلك تلعب التكنولوجيا السلبية دورا كبيرا في عزوف التلاميذ عن الدراسة نتيجة لقضائهم ساعات طويلة أمام جهاز الكمبيوتر وإبحارهم عبر صفحات الأنترنت التي تلهيهم عن مراجعة دروسهم، إلى جانب هذا هناك من يرى أن تدني الوضعية الاجتماعية للأساتذة وراء عدم تأديتهم لمهنتهم على أكمل وجه، لذا يلجؤون إلى تقديم الدروس التدعيمية للحصول على مورد مالي آخر يساعدهم على تحسين وضعيتهم.
الإطار الصحيح يضمن إيجابيتها
يرى أغلب المختصين التربويين أنه وفي ظل الظروف التعليمية الحالية التي تستدعي ضرورة الاعتماد على الدروس التدعيمية التي تكمن فعاليتها برغبة التلاميذ في تحسين مستواهم الدراسي في بعض المواد التي تشكل لهم بعض الصعوبات، زيادة على رغبتهم في رفع مستواهم التعليمي الذي أنهكته كثافة البرنامج لمختلف المواد الدراسية، بالإضافة إلى نقص الكفاءة عند بعض الأساتذة خاصة الجدد منهم الذين يفتقدون إلى قواعد البيداغوجيا في النظام التربوي، لهذا ينصح بعض المستشارين بأهمية الدروس التدعيمية لبعض المواد التي يجد فيها التلاميذ عراقيل وصعوبات لفهمها، ونخص بالأمر الطلاب المقبلين على اجتياز الامتحانات الرسمية، ولا تخص هذه الدروس الأطوار الأخرى لأنه من الأفضل اعتماد التلميذ على قدراته وإمكانياته الدراسية زيادة على مرافقته من طرف كل الشركاء الاجتماعيين لمساعدته في تنمية هذه القدرات.
من جهة أخرى، ينصح المختصون بالاختيار الدقيق للأساتذة الذين يشرفون على تقديم الدروس التدعيمية، والذين يجب أن يتمتعوا بالكفاءة والاحترافية، كما لا يجب أن تكون هاته المراكز مكتظة وشبيهة بالأقسام المدرسية.
ل. ب