الجزائر- حذر الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول، من السياسية النقدية التي تنوي حكومة أويحيى المضي فيها، داعيا إلى فتح نقاش وطني بشأن مراجعة قانون النقد والقرض، والتوجه صوب التمويلات غير التقليدية،
وذلك بعد إعلان الوزير الأول أحمد أويحيي، على هامش افتتاح الدورة العادية للبرلمان، بأن الجزائر تحضر لمشروع قانون يعدل قانون النقد والقرض الحالي والذي من شأنه فتح الباب أمام مصادر التمويل غير التقليدية المحلية.
وأشار مبتول إلى الآثار الضارة المحتملة لهذه الإجراءات في حال تدخل الحكومة في السياسة النقدية لبنك الجزائر التي تقع دستوريا تحت سلطة رئيس الجمهورية، وما يتعلق بضخ مزيد من الأموال عبر التمويل غير التقليدي (عن طريق طباعة النقود فيما يتعلق بالدينار) والتي لن تذهب إلى القطاعات التي تخلق قيمة مضافة. وقال مبتول إن هذه السياسة ستؤدي إلى الإفلاس كما وقع في فنزويلا.
ويرى الخبير الاقتصادي في تحليل نشر مضمونه على موقع “كل شيء عن الجزائر” أن الأسلوب الجديد من التمويل، يستند إلى النظرية الكينزية الجديدة التي تتوقع زيادة الطلب مع مرور الوقت (الاستثمار والاستهلاك)، ولكن في حالة الجمود الهيكلي وعدم ديناميكية النسيج الإنتاجي، فإنه يسرع عملية التضخم. وقد استخدم التمويل غير التقليدي، ولكن في اقتصاد السوق المنظم مع إمكانية خلق قيمة مضافة في حالة نمو الشركات أو المؤسسات الخاضعة لإعادة الهيكلة، حينما لا يسمح التمويل التقليدي ذلك، أو عندما يكون التمويل غير متوفر. فعندما تمتلك الشركة أصولا أو تدر تدفقات نقدية، فإن خيارات التمويل غير التقليدية تكون متاحة لها، بالإضافة إلى التمويل التقليدي.
وتابع موضحا أن التدابير غير التقليدية هي تدابير مؤقتة للسياسة النقدية تهدف إلى إعادة تفعيل قنوات نقل السياسة النقدية، وفي نهاية المطاف دعم الائتمان المصرفي والسيولة في السوق النقدية، وتصنف التدابير غير التقليدية إلى ثلاث فئات. أولا، تدابير التيسير الكمي، وهي تدابير يقدم من خلالها البنك المركزي مبلغا غير محدود من المال للمصارف التجارية. وفي حال تشبع الطلب، تقوم تلك البنوك بإنفاق الفائض النقدي، أي بعبارة أخرى منح قروض بنكية للمؤسسات والأسر.
ويتعلق الصنف الثاني من التمويل، بتدابير تتعلق بالسياسات العامة المتعلقة بتوقعات نسب الفائدة المستقبلية، وهي أن يقوم البنك المركزي بالمشاركة في المسار المستقبلي لأسعار الفائدة الرئيسية، مما يسهم في خفض أسعار الفائدة في الأجلين المتوسط والطويل ويقربه من سعر الفائدة الرئيسي. وهي تأخذ شكل التزامات صريحة للحفاظ على سعر الفائدة على مستوى منخفض جدا أو قريبا من الصفر لفترة طويلة من الزمن.
أما الصنف الثالث، يتمثل في تدابير تخفيف الائتمان. وهي تدابير تسمح بالتحايل على انسداد قناة الائتمان (القروض) الناجمة عن ظاهرة “فخ السيولة” أو التوترات على بعض الفروع الرئيسية في الأسواق المالية. ويعمل البنك المركزي “كوسيط وملاذ أخير” ويقوم بتمويل الاقتصاد مباشرة.
وفي الواقع، فإن تخفيف شروط الأهلية للحصول على القروض سيؤدي طبيعيا إلى مراجعة نظام المخاطرة الذي يكبح منح القروض البنكية، ما يسمح بمنح المزيد من القروض للمشاريع المتوسطة أو الصغيرة.
ويعتقد عبد الرحمان مبتول، أن تطبيق النموذج “الكينزي” في الجزائر صعب التنفيذ، بالنظر لعدة عوامل، حيث أن 98 بالمائة من الإيرادات تأتي بشكل مباشر أو غير مباشر من قطاع المحروقات، كما أن حوالي 83 بالمائة من النسيج الإنتاجي يتكون من صغار التجار أو الخدمات، بالمقابل فإن القطاع الإنتاجي يبقى هامشيا، ويمثل أقل من 5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، خاصة وأن 95 بالمائة من النسيج الصناعي عبارة عن شركات صغيرة غير مبتكرة، وهو ما يصعب من مهمة خفض الواردات لتلبية الحاجيات الاستهلاكية للمواطنين وتشغيل الأداة الإنتاجية، طالما أن 70 بالمائة من المؤسسات العامة والخاصة، تستعمل المدخلات المستوردة مع نسبة اندماج أقل من 15 بالمائة.
ويحذر مبتول، انه إذا لم يتم تعزيز القطاع الإنتاجي بين 2017/2020، بالاعتماد على الحد من التمويل الداخلي بوسائلنا الخاصة، فإن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى استنزاف احتياطيات النقد الأجنبي. بالنظر إلى ارتفاع سعر الصرف الرسمي الذي انتقل إلى أكثر من 130 دينارا مقابل اليورو وأكثر من 190 دينارا في السوق الموازية، مع احتمال ارتفاع سعر الصرف إلى حدود 200 دينار مقابل اليورو، وهي عملية تضخمية تؤدي بالضرورة إلى رفع أسعار الفائدة.