كانت الزوايا إحدى أهم النقاط التي انشغل بها الاستعمار الفرنسي نتيجة الدور الوطني الذي كانت تلعبه هذه المؤسسات قبل وخلال الثورة التحريرية، فعلاوة على كونها تلقن تعاليم الدين الإسلامي، فإن أئمتها آنذاك كانوا حلقة مهمة ضد المستعمر. وأهم ما قامت به هذه الزوايا المحافظة على القرآن الكريم وتحفيظه وحفظه في صدور أبناء المسلمين، وأمام هذا الدور الكبير الذي لعبته هذه الزوايا إلا أن الاستعمار لم يتردد في تدمير أغلبيتها، وغلق عدد آخر منها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية تابعة للجيش الفرنسي، كما تعرض مشايخها إلى أقصى أنواع التعذيب وأعدم بعضهم، ورغم ذلك لم يستطع الحد من نشاطها، لأنه أدرك مدى خطورة هذه المؤسسات ومدى أهميتها، لأن معظم الثورات والانتفاضات الشعبية كانت تنطلق من الزوايا في ذلك الوقت. والحق أن معظم الثورات خلال القرن التاسع عشر، ضد الوجود الفرنسي في الجزائر كانت قد أدت ونظمت، ونفذت بوحي من بعض هذه الزوايا، فالأمير عبد القادر نفسه كان ينتسب لواحدة منها وهي القادرية، والشيخ الحداد الزعيم الروحي لثورة 1871 م كان رئيس لأكبر طريقة جزائرية، وهي الطريقة الرحمانية. فالزوايا على اختلاف طرقها من الرحمانية إلى التيجانية إلى القادرية، كلها كانت تصب في وعاء واحد، هو الحفاظ على مقومات الأمة الجزائرية، عكس ما كان يعتبره بعض المؤرخين على أنها حرب دينية مبنية على التعصب الديني والعرقي. إذ تشكل الزوايا العصب الرئيسي للدين في بلدان المغرب العربي عموما وفي الجزائر خصوصا، لما تضطلع عليه من أدوار رئيسية من جميع الجوانب لا سيما منها الجانب الروحي والعقائدي، باعتبارها حاملة لراية الدين الإسلامي، ونظرا للمكانة المهمة للزوايا في تاريخ الجزائر فقد شكلت الدرع المحافظ على الهوية الوطنية والدين الإسلامي واللغة العربية إبان الاستعمار الفرنسي. كما أن للزوايا رسالة سامية ومهمة نبيلة متمثلة في المحافظة على الإسلام وحماية العقيدة من الانحراف، وذلك عن طريق نشر الوعي الديني في أوساط الجماهير في المدن والقرى.
مذكرة تخرج – جامعة تيارت-