دعا حركة عدم الانحياز إلى بناء منظومة دولية عادلة.. الرئيس تبون يؤكد: زمن الصهاينة مع اللاعقاب واللاحساب ولّى

دعا حركة عدم الانحياز إلى بناء منظومة دولية عادلة.. الرئيس تبون يؤكد: زمن الصهاينة مع اللاعقاب واللاحساب ولّى

*  القرارات الأممية يفترض أن تكون ملزمة للجميع بما فيها آلة الدمار الصهيونية

 

دعا رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، السبت، حركة عدم الانحياز إلى تكثيف الجهود الجماعية للمرافعة لصالح القضية الفلسطينية من أجل إعلاء صوت الحق، وتغليب منطق القانون، وإرساء مبدأ المساواة، وتكريس أولوية الاحتكام للضوابط القانونية الملزمة فوق كل اعتبار، طبقا للشرعية الدولية والقرارات الأممية، مشددا على أن هذه الأخيرة يفترض أن تكون ملزمة للجميع، بما في ذلك تجاه آلة الدمار الصهيونية على أرض فلسطين المحتلة.

اعتبر الرئيس تبون، في كلمة ألقاها باسمه الوزير الأول، نذير العرباوي، أمام القمة التاسعة عشر لحركة عدم الانحياز، الجارية بكمبالا الأوغندية، حرب الإبادة الجماعية والممارسات اللاإنسانية للاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني العزل من نساء وأطفال ورضع، خاصة بقطاع غزة، على مرأى ومسمع من العالم أجمع، مثال واضح على إخفاق المجتمع الدولي في فرض ضوابط وقيود تنطبق على الجميع دون انتقاء أو تمييز، حيث يضرب الاحتلال الإسرائيلي بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط ويرفض الانصياع لقرارات مجلس الأمن والاستجابة لخيار السلام، دون محاسبة أو عقاب. وشدد رئيس الجمهورية، على أنه في ظل هذا الوضع المأساوي، يتعين على الحركة ودولها الأعضاء التأكيد بصوت عال، على أن زمن اللاعقاب واللاحساب قد ولّى، مثمّنا تمسك الحركة الدائم بدعم القضية الفلسطينية بوصفها قضية عادلة يرتبط حلّها بتجسيد مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وإيمانهم بضرورة إنهاء كافة أشكال الاحتلال وتصفية كل صور الاستعمار. وبالإشارة إلى مسار حركة عدم الانحياز الحافل بصور التضامن مع الشعوب المضطهدة والمستعمرة الذي تجسده عمليا من خلال مواقفها المناصرة للقضايا العادلة، دعا الرئيس إلى دعم حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير، “وهو الذي سلبت أراضيه وتنهب ثرواته في تعارض صارخ مع القانون الدولي، وهو الذي تتعرض قضيته العادلة وتطلعه المشروع إلى تنظيم استفتاء حرّ ونزيه وفقا للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لمحاولات الطمس والتغليط، لحرمانه من حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف أو التقادم”.

 

تعزيز وحدة الحركة لبناء منظومة دولية عادلة

في سياق متصل، دعا رئيس الجمهورية، الدول المنضوية تحت مظلة حركة عدم الانحياز إلى تنسيق الجهود وتحديد المسؤوليات المنوطة بها ككتلة موحدة من أجل رفع التحديات الدولية الراهنة وبلوغ مقاصدها المشتركة، مبرزا تعزيز وحدة الحركة وتموقعها الاستراتيجي كفاعل نشط يساهم في بناء منظومة دولية تقوم على منطق الإشراك لا الإقصاء، وتكون قادرة على فرض الانصياع لقوانينها وقواعدها على الجميع، وأعرب عن قناعة الجزائر الراسخة بوجود علاقة ترابطية بين الأمن والتنمية، في القارة الإفريقية، خاصة في ظل تنامي حدة ووتيرة الأزمات السياسية والأمنية واتساع نطاقها، واستفحال آفتي الإرهاب والجريمة المنظمة وتفاقم بؤر التوتر والصراعات، وتجدّد ظاهرة التغييرات غير الدستورية للحكومات، خاصة في منطقة الساحل الصحراوي. وشدّد الرئيس، على أهمية تأطير العمل الجماعي لبلوغ الأهداف المنشودة وتصحيح واستدراك حالة الظلم التاريخي الذي تعرضت له القارة في تركيبة مجلس الأمن الأممي، والسعي بلا هوادة للتجسيد الفعلي لمشروع الاندماج القاري لتحويل إفريقيا إلى فاعل دولي في مسار تجسيد “أجندة الاتحاد الإفريقي 2063″، مثمّنا دعم حركة عدم الانحياز لهذه المساعي. في سياق آخر، نوّه رئيس الجمهورية بالتعاون الكثيف للجزائر مع شركائها الدوليين للتخفيف من وطأة التداعيات التي خلفتها أزمة الطاقة العالمية، عبر مواصلة وتقوية دورها كمموّن موثوق وذي مصداقية، لا سيما وأنها تتأهب لاحتضان، القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات البلدان المصدرة للغاز، مطلع مارس المقبل، “والتي تطمح لجعلها محطة مفصلية لتعزيز الحوار والتشاور بين الدول الأعضاء من جهة، وبين المصدّرين والمستوردين، من جهة أخرى، لدعم وتطوير صناعة الغاز الطبيعي والتأكيد على الحقوق السيادية الكاملة والدائمة للدول الأعضاء، في التخطيط وتطوير واستغلال مواردها من الغاز الطبيعي، الذي يحتل مكانته كطاقة نظيفة للحاضر والمستقبل.

 

تجديد الالتزام بالمبادئ التأسيسية لحركة عدم الانحياز

كما دعا الرئيس تبون، إلى تجديد الالتزام بالمبادئ التأسيسية لحركة عدم الانحياز، القائمة على قيم العدالة واحترام الالتزامات الدولية وسيادة الدول وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وحماية المصالح المتبادلة وتعزيز المنظومة المتعددة الأطراف، كركائز أساسية لبلوغ الأهداف التي سطرها الآباء المؤسّسون للحركة، والمنبثقة عن روح ميثاق منظمة الأمم المتحدة ومبادئ باندونغ، والمتسقة مع أهداف التنمية المستدامة لأفق 2030، مشيرا إلى السياق الدولي والإقليمي المتغير والمتشابك، الذي تطبعه تهديدات وتعقيدات متتالية تحمل مخاطر وتحوّلات دولية متعددة الأبعاد والمستويات ستنعكس بشكل أو بآخر وبدرجات متفاوتة، على أمن واستقرار الدول وعلى مستقبل منظومة الأمن الجماعي الموروثة بعد الحرب العالمية الثانية. وفي حين، سجل أن هذا السياق أعاد للساحة الدولية مشهد الاستقطاب الحاد لصالح قوى دولية على حساب أخرى، وعمق بؤر التوتر، الذي وصل إلى أعلى مستويات التهديد للسلم والأمن الدوليين ولقيم الإنسانية جمعاء، اعتبر رئيس الجمهورية أن المبادئ التأسيسية للحركة تكتسي اليوم قيمة متجددة في ظل عودة خيار اللجوء إلى القوة كبديل عن المساعي الدبلوماسية في حل النزاعات الدولية، وتآكل منظومة الأمن الجماعي التي تعد الأمم المتحدة ركيزتها الأساسية في ظل عجزها الهيكلي لوضع حد، أو كبح سياسات الأمر الواقع ومحاولات فرض مصلحة القوي على الضعيف، والتعاطي مع القضايا التي هي في صميم انشغالاتنا بترجيح منطق الانتقائية وسياسة الكيل بمكيالين.

دريس.م