رحيل زياد الرحباني.. اختار ألا ينجو

رحيل زياد الرحباني.. اختار ألا ينجو

في زاوية من مستشفى خوري في الحمراء، كان زياد الرحباني يتردد مرة في الأسبوع، بصمت يشبه صمته الطويل على المسرح… ذلك الصمت الذي يخفي وراءه وجعاً لا يرغب في مشاركته مع أحد.

لم يكن زياد يتحدث كثيرا عن مرضه، ولا يقدم تبريرات. كان يقول ببساطة مؤلمة: “لست مستعداً لكل هذا العذاب، ولا لهذه الكلفة، ولا لهذا التعب المنتظر”. لم يكن يهرب من المواجهة، لكنه رفض أن يحصر ألمه في غرفة عمليات أو عملية زراعة كبد لا تليق به. يقول رفاقه: “كنا نحاول، نخطط، نجمع التكاليف، نمنحه فرصة للبقاء، لكنه كان قد اختار ألا ينجو… أو ربما شعر أن هذا الوطن لا ينجو، فلماذا ينجو هو؟”. وقال مرة: “لا أحب المستشفيات، ولا العلاج، ليس لأني قوي… بل لأنني أرى كل شيء ينهار حولنا، فما الفائدة من الاستمرار؟”. كان تعبه أعظم من جسده. تعب الوطن في جسد رجل. تعب التاريخ، وخيبات الثورات، وموت الضحك الصادق، وغياب الأصدقاء… كلها تجمعت في كبده المتعب، وفي صوته المكسور حين قال:”أحيانًا لا يكون المرض موجعاً بقدر ما يكون خيانة من جسدي لي”.  لقد لحن عدداً من الأغاني لوالدته فيروز، أبرزها: “كيفك إنت”، “ولا كيف”، “عودك رنان”، و”قهوة”. كانت تلك التجربة الخاصة بين الأم والابن واحدة من أكثر المحطّات تأثيراً في مسيرته. ورغم غيابه عن الإعلام في فترات طويلة، ظلّ حضوره ثابتاً في الوجدان اللبناني، سواء من خلال موسيقاه، أو مسرحياته، أو عباراته الشهيرة التي تحوّلت إلى أقوال متداولة. وكان الوسط الفني والثقافي في لبنان والعالم العربي قد فجع بوفاة الفنان اللبناني الكبير زياد عاصي الرحباني عن عمر ناهز 68 عامًا تاركًا وراءه إرثًا فنيًا خالداً وأعمالاً أثّرت في أجيال متعاقبة، ومواقف حادة صنعت له مكانة خاصة في قلوب محبيه

يُشار إلى أن زياد الرحباني وُلد في عائلة فنية عريقة عام 1956، فهو نجل السيدة فيروز والفنان الراحل عاصي الرحباني. ورث الموهبة الفنية من والديه، وبدأ مشواره الفني في سن مبكرة. تميز بأسلوبه الفريد في الموسيقى والغناء، وقد ساهم في تطوير الموسيقى اللبنانية والعربية.

ق-ث