وقّع وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات قرارا وزاريا يتعلق بتنظيم نشاط الاستعجالات الطبية والطبية الجراحية على مستوى المؤسسات العمومية للصحة.
ويهدف القرار إلى تحديد القواعد التنظيمية لنشاط الاستعجالات الطبية والطبية الجراحية باعتبارها خدمة عمومية أساسية، وفي نص المادة الثانية، يُعَرَّف بـ«حالة الاستعجالات» أي تدهور فجائي أو حاد للحالة الصحية قد يهدد حياة المريض ويستلزم علاجًا فوريًا. ويشمل نطاق تطبيق القرار مجموعة واسعة من المؤسسات الصحية العمومية، بدءًا من المراكز والمستشفيات الجامعية والاستشفائية المتخصصة، مرورًا بالمؤسسات الصحية الجوارية، والتي تعتبر نقطة الولوج الأولى للمرضى في الحالات ذات الخطورة الأقل. وقد فرض القرار تنظيمًا دقيقًا لدوام وحدات الاستعجالات بالتناوب، بحيث تغطى الخدمة لمدة تتراوح بين 12 و24 ساعة يوميًا 7 أيام في الأسبوع، مع تأكيد على ضرورة توفر العدد الكافي من مهنيي الصحة وفقًا للمادة 165 من القانون 18 11 الصادر في 2 جويلية 2018، وتجهيزات طبية وصيانة دورية وشروط نظافة صارمة وتوفر دائم للأدوية والمستلزمات والإمدادات مثل الأمصال، كل في شروط تنظيمية محددة ضمن الملحق المرجعي للقرار. ومن أبرز محاور القرار، توزيع وحدات الاستعجالات على ثلاث مستويات: المستوى 1 يتعلق بالحالات الجوارية البسيطة، تُعالج في المؤسسات الجوارية والمستوى 2 يتعلق بالحالات المتوسطة، تُعالج في المؤسسات الاستشفائية والداعمة والمستوى 3 يتعلق بالحالات المعقدة والمتخصصة، تُعالج في المراكز الاستشفائية الجامعية والمستشفيات المتخصصة.
تعليمات بخلق “وحدة فرز” طبية بتشخيص أولي وتوجيه المرضى حسب درجة الخطورة
وألزم القرار بوجود «وحدة فرز» طبية في كل مستوى، مهمتها التشخيص الأولي وتوجيه المرضى حسب درجة الخطورة، وتكون مُزودة بممارس طبي وتقنيين مؤهلين، وسجلات رقمية وتحديد هوية وطنية فريدة للمريض لتسهيل تتبع ملفه الطبي، حيث جاء في القرار “أنه يجب على مصالح ووحدات الاستعجالات الطبية والطبية الجراحية تقييم حالة المرضى وتصنيفهم وفقا لنظام الألوان حسب درجة الخطورة مع ضمان إعلام المرتفقين حول أهمية احترام المستويات”. ويتم بذلك الفرز الطبي للمرضى على مستوى المصالح والوحدات التي تضمن الاستعجالات الطبية والطبية الجراحية من طرف ممارس طبي. ويتكفل أعوان الادارة والتقنيون والمستخدمين المؤهلين بالإجراءات الادارية الخاصة بالمريض ورقمنة ملفه ومنحه معرفا وطنيا فريدا، والذي هو المرجع الأساسي للمريض بحيث يسمح تسجيل كل الفحوصات والتشخيصات وحالات الاستشفاء التي يستفيد منها وكذا البيانات الشخصية. كما تضمن القرار تسهيل قبول الفحص والاستشفاء حسب الضرورة خلال أجل أقصاه 48 ساعة، وإمكانية نقل المريض بتنسيق مسبق عند الحاجة، مع توضيح آليات نقل المرضى بين المؤسسات الصحية. أما فيما يتعلق بتجهيز الصيدليات، فقد نصت المادة 10 على ضرورة إنشاء ملحق صيدلي داخل مؤسسات الاستعجالات، يشرف عليه صيدلي مختص لتسيير الأدوية والمستلزمات بالتنسيق مع رئيس مصلحة الاستعجالات. ولضمان التشغيل الآمن والسلس، ركزت المواد اللاحقة (12 و13) على ضمان توفر الأمن والحماية والنظافة والوقاية من العدوى وإدارة النفايات الطبية، فيما وحددت المادة 14 اعتمادًا ماليًا مخصصًا ضمن ميزانية المؤسسة لتغطية الاحتياجات اللوجستية والتجهيز والصيانة والاحتياطات ضد الحالات الطارئة. أما فيما يتعلق بالتكوين والمهنية، فقد ألزم القرار كل مؤسسة بوضع مخطط تكويني محلي مستمر لموظفي الاستعجالات، بما يعزز مهارات الأطقم الطبية والطبية شبه الطبية، كما ركز القرار على رقمنة الخدمات، لتسهيل متابعة المرضى إلكترونيًا منذ دخولهم إلى خروجهم، مع إعداد ملف طبي إلكتروني مرتبط بالهوية الوطنية المميزة. كما أنشأ القرار هيكلًا تنظيميًا متعدد المستويات: لجان استثنائية داخل كل مؤسسة صحية، ولجنة تنسيق ولائية، واللجنة الوطنية للاستعجالات بالمستوى المركزي للوزارة، لتنسيق وتقييم النشاطات وتحضير المخططات الوطنية للتدخل Ad hoc وتنظيم اجتماعات دورية للتقييم وإعداد التقارير. ويمثل هذا القرار علامة فارقة في سياسة إصلاح القطاع الصحي، إذ يوفر إطارًا قانونيًا معمّقًا لتنظيم نشاط الاستعجالات الطبية والجراحية، وفي ظل المناخ المؤسساتي الحالي، فإن التطبيق المُحكم لهذا النص يشكّل خطوة أساسية نحو تحسين قدرة المستشفيات ووحدات الرعاية الصحية على الاستجابة السريعة والفعالة للحالات الحرجة، وإنقاذ الأرواح.
سامي سعد