حرب أكتوبر وحدت العرب وجسدتها في روح حقيقية افتقدناها اليوم
استعرض سفير مصر بالجزائر عمر أبو عيش في حوار جمعه بـ “الموعد اليومي” ملفات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية والملفات المشتركة وكذا مسائل متعلقة بالشأن المصري.
– دماء الجزائريين والمصريين اختلطت على أرض الجزائر وعلى أرض مصر في سيناء
سعادة السفير المصري بالجزائر، ونحن نجري معكم هذا الحوار، نرى لزوما علينا أن نسألكم استفتاحا: كيف تجدون الجزائر وأنتم تمارسون مهامكم فيها؟
** طبيعة مهام السفير هي تقريب العلاقات بين البلدين، وهذه هي المهام الرئيسية التي يقوم بها، يدرس جيدا العلاقات القائمة وسبل تنميتها في مختلف المجالات ليس فقط على الصعيد السياسي لكن أيضا على الصعيد الاقتصادي والثقافي بكل مشتملاته لأن العلاقة بين دولة وأخرى هي علاقة تكون إما على مستوى السلطة السياسية أو الحكومات، بالإضافة إلى المستوى الشعبي.. لما تكون المصالح مشتركة والروابط الاجتماعية والإنسانية قوية بين الشعوب، تكون هذه العلاقة هي الحاضنة
والضامنة الرئيسية لديمومة العلاقات الثنائية، ومن هنا يكون السفير حريصا على استشراف مجالات التعاون التي يمكن تنميتها وتقويتها وتأسيس أرضية صلبة جدا لإقامة علاقات التعاون.
العلاقة مع الجزائر طبعا هي علاقة قديمة وليست وليدة الظروف المعاصرة، لدينا تاريخ مشترك، لدينا دماء مشتركة اختلطت سواء هنا على أرض الجزائر أو على أرض مصر في سيناء.. صلة الدم والروابط بيننا قوية جدا، تضفي مسؤولية كبيرة علينا حتى نحافظ عليها ونسعى لتنميتها دوما إلى آفاق أكبر. البداية كانت حين حضرت بعد زيارة فخامة الرئيس السيسي في نهاية جوان 2014 وتلك الزيارة كانت فاتحة خير علينا جميعا لأنها بدأت تستعيد الزخم الحقيقي لهذه العلاقات، والحمد لله أنه خلال 3 سنوات وباستعراض الحصيلة النهائية نجد أنها إيجابية جدا ونجحنا في عدة أمور اعتبرها البداية وإن شاء الله ستُستكمل من بعدي.
– الجزائر ومصر قطبان مهمان بالقارة الإفريقية
ما دمتم تحدثتم عن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الجزائر التي كانت لها رمزية “خاصة” باعتبارها أول خرجة له بعد تنصيبه رئيسا للبلاد، ما هي أبعاد هذه الرمزية؟
** الجزائر لها أهمية إستراتيجية كبرى لدى مصر، هي رسالة قوية وواضحة، كما أن العلاقة مع الجزائر ذات مواصفات خاصة، وبالتالي فهى علاقة إستراتيجية متكاملة الأركان، وهو الهدف من هذه الزيارة الرمزية التي كانت مدخلا للرئيس في استعادة مصر لعلاقتها الطبيعية مع الاتحاد الإفريقي، وهذا يعني أن هذا الأخير لا يستطيع أن يعيش من دون مصر والجزائر، كونهما قطبين مهمين بالقارة بجانب بعض الدول الأخرى، لكنهما القطبان الرئيسيان لأنهما حملا على عاتقهما لواء حركات التحرر الإفريقية وبناء الدول الإفريقية.. لهذا الزيارة كان لها دلالة على الصعيد الثنائي والإقليمي وكذا على الصعيد الدولي لأن التنسيق والعلاقة المباشرة بين البلدين يساهم في حل عدد من المشاكل الإقليمية على غرار المشكلة الليبية التي لها تداعيات وآثار ليس فقط على الصعيد الإقليمي وإنما تتسبب فى توترات عالمية..
– بومدين منح صكوكا على بياض للاتحاد السوفياتي والملك فيصل قرر حظر النفط
قبل التطرق إلى الملف الليبي سعادة السفير، تمر هذه الأيام الذكرى الـ44 لحرب أكتوبر (حرب الكرامة) التي تعبر عن لحظات تاريخية ولحظات تحدي مشترك، كيف ترى مصر مساهمة الجزائر ودورها في هذه الحرب وكيف تفاعل الشعب المصري معها؟
** الدور الجزائري في حرب أكتوبر كان مهما جدا وفعالا لأننا كلنا في مصر نذكر بجلاء شديد الموقف العربي الأصيل لفخامة الرئيس بومدين رحمة الله عليه، فعندما احتاجت كل من مصر وسوريا للسلاح لدخول الحرب، وحينما رفض الاتحاد السوفيتي إرسال شحنات السلاح قبل أن يستلم ثمنه مقدما (مسبقا)، فما كان من الرجل إلا أن اتجه إلى موسكو في رحلة عاجلة، حيث تفاوض مع القيادة السوفيتية وقتذاك ومنحهم صكوكا على بياض موقعة منه شخصيا لتوفير العتاد والأسلحة والذخيرة المطلوبة لاستمرار الحرب وتمكين الجيوش العربية التي كانت تحارب في ذلك التوقيت.. فهو موقف بطولي وأصيل يعكس الروح الأصيلة.. فالرئيس بومدين هو أحد الرموز القوية الموجودة في موسوعة الأزهر، وأذكر أن أحد كبار علماء الأزهر قد ذكر لي في لقاء معه وهو أحد المسؤولين عن الموسوعة أن الرئيس بومدين وبرفقته اثنين من زملائه انتقلوا إلى مصر برا من الجزائر، وكان الوحيد الذي تمكن من تحمل مشاق الرحلة الطويلة
والوصول إلى القاهرة وهذا يعكس الشخصية القوية والخصائل الحميدة التي تميز بها الرئيس الراحل بومدين رحمة الله عليه، وأذكر أيضا أنه في فترة من الفترات كان لي لقاء مع نجلة الرئيس السادات وتحدثت عن الظروف المحيطة بحرب أكتوبر وذكرت أن الرئيس تطرق إلى شخصيتين مهمتين من زعماء العرب وتحدث عن دورهما البطولي في حرب أكتوبر وهما الرئيس بومدين والعاهل السعودي الملك فيصل بقرار حظر النفط، هذه مواقف بطولية وكنت قد عبرت عنها في مقال مؤخرا.. كنت تحدثت عن روح أكتوبر أو حرب أكتوبر التي وحدت العرب وجسدتها في روح حقيقية افتقدناها. اليوم نحن بحاجة إلى هذه الروح الجديدة لمواجهة التحديات التي تقف أمامنا سواء داخل أو خارج الأمة العربية ولمواجهة الظواهر الجديدة التي تهدف إلى هدم الدول من الداخل.
– لهذه الأسباب تراجع مستوى العلاقات بين الجزائر ومصر في السبعينيات
بعد النصف الثاني من السبعينيات أخذت العلاقات الجزائرية – المصرية منحى جديدا لا يرقى إلى حجمها وأبعادها، كيف تفسر مصر هذا الجانب؟
** هذا التراجع كان نتيجة اختلاف وجهات النظر حول استمرارية الصراع العربي الإسرائيلي وتأثيرها في العلاقات المصرية ومواجهتها لإسرائيل، الظروف الإقليمية والدولية كانت قائمة في هذا التوقيت وفرضت خيارات إستراتيجية على صنع القرار السياسي، خصوصا وأن حرب أكتوبر لم يكن الهدف منها في ذاته الحرب من أجل الحرب، كانت حربا من أجل تحرير الأرض، فتحرير الأرض كيف يتم في هذا الزمن المعاصر؟.. الأراضي لا يتم تحريرها بالكامل عن طريق الحروب لكن الحرب كانت وسيلة لتحريك القضية العربية والحق العربي المسلوب، والظروف الدولية لم تساعد على استعادة هذا الحق وحتى القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن لم يكن لها تطبيق فعلي، وسياسة الوفاق التي حدثت في هذا الوقت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي حالت دون قيام حروب إقليمية بالوكالة وهذا المناخ كله لم يكن ميسرا لقيام حرب، كما أنه بعد الحرب (حرب أكتوبر) النظام الدولي فرض آليات جديدة لمحاولة الحد من هذا الصراع وإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، وبالتالي كانت هناك عدة وسائل وبدائل لفض الاشتباك على الجبهتين المصرية والسورية، وكان من المفروض أن تتبعها خطوات واستمرارية حالة اللاحرب واللاسلم هذه كان يستحيل أنها تستمر ومن هنا جاءت حرب أكتوبر.. ثم في مرحلة لاحقة كان لابد من التفاوض لاسترداد الأرض، وبالتالي كانت هناك اختلافات في وجهات النظر، وهو ما يكون قد أدى في المرحلة التي أعقبتها إلى تراجع مستوى العلاقات، وصدرت وقتئذ قرارات من بعض القادة العرب، لكن في النهاية لم تضف شيئا، فشهدنا كسرا للإجماع العربي الواعي المستنير العقلاني، وعليه حصلت قطيعة لفترة من الزمن لسنوات ثم عادت العلاقات من جديد وبدأت تأخذ مجراها الطبيعى.
– لو قبل عرفات بعرض السادات لكسب أراضي أكثر بكثير من التي أخذوها في اتفاقية أوسلو
هل نفهم من كلامكم أن المجتمع الدولي أخلّ بالتزامه تجاه مصر والقضية عموما؟
** بالعكس، لقد كانت هناك رعاية أمريكية لعملية السلام في هذا التوقيت ونجحت بالفعل، والنتيجة هي أننا استرددنا أرضنا كاملة.
– ألا تعتبرون أن القضية أكبر من تحرير الأراضي المصرية فقط؟
** بالنسبة للقضية الأكبر، السادات رحمه الله أعطى فرصة كبيرة جدا للرئيس الفلسطيني ورئيس منظمة التحرير وقتها ياسر عرفات للجلوس للتفاوض على الأرض وكان بإمكانهم افتكاك مكتسبات وأراضٍ أكثر بكثير من التي أخذوها في اتفاقية أوسلو لاحقا، الرفض جاء من الجانب الفلسطيني، وللأسف نمر بالمراحل والفرص الضائعة التي كان يمكن أن تعطينا حلولا مناسبة لمشاكل نمر بها، طبعا في النهاية القضية الفلسطينية ستظل القضية الأولى بالنسبة لمصر، وسياستها الخارجية تقوم على إيجاد حل دائم وعادل وشامل للقضية مهما كانت الظروف.
نتيجة الاتفاقيات التي وقعتها مصر، هي التي سمحت أن نكون وسيطا وضامنين للحق الفلسطيني، فهذه النقطة كانت مهمة جدا وتم تطويعها دائما لصالح أشقائنا الفلسطينيين، واليوم نرى أن الانقسام الفلسطيني الذي استمر لسنوات طويلة، وللأسف كان مدعوما من دولة عربية صغيرة (قطر) همها الأول كسر الاجماع العربي ودعم الارهاب بشكل لم نعهده من قبل أي دولة، ولا حتى من قبل الأعداء. قد انتهى وتم تجميع حماس مع فتح من جديد فى طريق واحد بعد إقرار حماس أن خيار المصالحة هو الخيار الاستراتيجي ولا رجعة فيه
وهذا فى حد ذاته تقدم لأن الثورة الفلسطينية لا يمكنها الاستمرارية والعيش في سلام ما لم تكن موحدة تحت لواء واحد حتى يستطيعوا المطالبة بحقهم ومتابعة تنفيذه.
– هل هذا معناه أن مصر تمكنت من تحييد الدور القطري من التدخل في الصراع الداخلي الفلسطيني؟
** دولة قطر بممارساتها جنت ردود فعل سلبية تجاهها ليس فقط من مصر لكن أيضا من قبل الدول الأخرى، وخصوصا من دول مجلس التعاون الخليجي التي من المفروض هم أقرب إليها من مصر، ومع ذلك كانت سببا كبيرا في أن أكبر دول مجلس التعاون الخليجي ينفضون يدهم عنها تماما ويدخلون في حالة من الخلاف الشديد، لكن في النهاية قطر تظل دولة عربية والشعب القطري شعبا عربيا شقيقا، يبقى أن المطلوب من النظام القطري أن يتعامل بما يجمع الأمة العربية، لا أن يمول الإرهاب ويدعم الجماعات والتنظيمات المتطرفة في مختلف ربوع التراب العربي، واضطلاعه بدور سلبي فيما يسمى بالربيع العربي، كل هذه الأمور وضعت النظام القطري في منطقة سلبية ضد مصلحة الأمة العربية؟
– المعايير المزدوجة وراء تمادي قطر في دعم الارهاب
قطر، حسب قولكم، قد تمادت في مخططاتها، ما الذي تركها إلى هذا الحد طيلة سنوات؟
** المعايير الدولية المزدوجة وعدم وجود إرادة دولية حقيقية لمكافحة الارهاب والداعمين له، بعدما انتشر الارهاب بصفة كبيرة ومس الدول الغربية التي كانت تتصور أنها بعيدة عن العمليات الإرهابية، وبعدما ثبت أن قطر لديها أيدٍ قوية في تمويل الجماعات والتنظيمات المتطرفة، فمن الطبيعي أن الدنيا تقف اليوم في مواجهة هذه الأمور، البعض الآخر يقول إن هنالك مصالح اقتصادية مشتركة هي التي تحول دون اتخاذ إجراء حقيقي، لكن في النهاية هذا غير صحيح.. اليوم نجد أن تطورات الوضع الداخلي بها والضغوط التي مورست عليها عالميا وإقليميا انعكست إيجابيا على الصراعات الإقليمية، فالوضع في ليبيا أصبح أقرب إلى الحل منه إلى مزيد من التوتر والانقسام، وكانت فاعلا رئيسيا في تمويل هذه الجماعات التي كانت تعرقل التوصل الى أي حل سياسى يحقق طموحات الشعب الليبى أو تحاول أن تثبت أنها الأقوى على الأرض أو تحاول أن تهدم المؤسسات الليبية التي كنا نسعى – نحن الدول العربية ودول الجوار – أن نرسخها.
-لا يوجد تباين بين وجهات النظر المصرية والجزائرية نهائيا حول الملف الليبي
ما دمتم تتحدثون عن الملف الليبي، مصر تشترك مع الجزائر اليوم في مساعيها لحل الأزمة الليبية، لكن هذه المساعي تصطدم في تباين منظور كل طرف إلى الحل، إلى أين وصلت مساعي التقارب بين الطرفين وإلى أي مدى القاهرة حريصة على خارطة طريق الحوار الداخلي الليبي؟
** أولا، لا يوجد تباين بين وجهات النظر المصرية والجزائرية نهائيا، هذا أؤكده بشدة.
حتى في تمثيل الأطياف الليبية المعنية بالحوار؟
** ولا الأطياف ولا أي شيء، صدقني، وجهة النظر الجزائرية والمصرية متطابقة تماما في الحل وآلياته وكيفيته وتوقيتاته والأطراف الفاعلة فيه، لا يوجد أي نوع من أنواع الخلاف، هذا أؤكده مائة بالمائة.. وأكبر دليل هو أن التنسيق يسير بشكل ثنائي مباشر، على صعيد دول الجوار بصفة عامة وعلى صعيد المبادرة التونسية التي تحولت إلى مبادرة ثلاثية وداخل أروقة الإتحاد الإفريقي أو أروقة الأمم المتحدة، البلدان متفقان على أن الحل هو حل أممي، نحن الطرفان سعداء جدا بالدور الذي يقوم به غسان سلامة في الملف الليبي وندعم جهوده بشكل إيجابي جدا. ونحن ننسق المعلومات المتوفرة، تنسيق أمني وسياسي، كما أن وزراء الخارجية يتحدثون بشكل مباشر و بصفة مستمرة، وفي كثير من الأحيان تصلنا المعلومات من خلالهم ولسنا من يمهد للاتصال بالشكل المباشر. في شهر نوفمبر إن شاء الله، سيعقد الاجتماع الثالث للمبادرة الثلاثية في القاهرة، بعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا لمواصلة تنسيق المواقف بالنسبة لليبيا، كلنا متفقون على أن الأطراف الليبية يجب أن تجتمع وتتفق بشكل واضح على ثلاث أو أربع نقاط فى الاتفاق السياسى يتم التفاوض بشأنها، وهناك اتفاق كامل حول الرؤية في هذا الشأن، تذليل الدور المعوق لقطر ولدولة إقليمية أخرى، وهذا له تأثيره الإيجابي في حدوث التقارب، الشعب الليبي أكثر الأطراف التي تحتاج والتي تنادي بالحل وتدفع مسئوليها نحو ضرورة التنسيق والاستجابة والتفاوض لإيجاد تسوية سياسية لهذه الأزمة، وشهدنا مؤخرا مجموعة الأطراف السياسية الفاعلة مثلا من مصراتة تجتمع فى القاهرة مع نظرائهم من الشرق الليبى ويتحدثون معا بشكل مباشر، ساهم بشكل ملموس فى إذابة الجليد بينهما ، فنحن ندعم فايز السراج و الأفكار المتعلقة بتشكيل المجلس الرئاسي ، ووضع دستور جديد، حكومة جديدة، دور المؤسسة العسكرية.. لابد من إعادة هيكلة الجيش الليبي بالكامل وأن يتوحدوا في مؤسسة موحدة وقد طلبوا من مصر مؤخرا أن ترعى هذا الجانب لأنه ليس هناك دولة يمكنها العيش من دون جيش، الجيش القوي هو الضامن الحقيقي لوحدة الدولة خصوصا إذا كانت هذه الدولة افتقرت فى السابق لمفهوم مؤسسات الدولة والبناء المؤسسي، نحن نحاول لم شتات هذه الدولة من جديد من خلال مؤسسات فاعلة ليس فقط الجيش بل أيضا المؤسسات التعليمية، الصحية وغيرها لترسيخ المفهوم المؤسسي لبناء الدولة.
يعني أنكم متفقون أيضا بخصوص العناصر غير المقبولة في الحوار؟
** نعم متفقون، نحن نجمع الفرقاء الليبيين للتفاوض، والاتفاق كان على عناصر على قدر من المسؤولية وتعمل على إعلاء المصلحة الليبية.
الاتفاق على العناصر تم بشكل توافقي أقصاِي؟
** بشكل توافقي، طبعا نحن متفقان على أن التنظيمات الإرهابية لا مجال لها، كيف يمكن أن تتفاوض مع شخصية إرهابية، ففي النهاية الدولة هي التي يجب أن تحكم وليس التنظيمات الارهابية.
-الجزائر ومصر تملكان مؤسسات أمنية احترافية
الجزائر ومصر معروفتان بمستوى الأجهزة الأمنية، كيف تقيمون اليوم التعاون الأمني والاستخباراتي خاصة ما تعلق بالملف الليبي؟
** التعاون السياسي يتبعه التعاون الأمني ليس فقط على الصعيد الليبي لكن على الصعيد الثنائي، منها مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة، الدولتان تملكان مؤسسات أمنية احترافية، وبالتالي كل له خبرته وتجربته الهامة والمؤثرة والفعالة في مكافحة الإرهاب وتنظيماته، فالتبادل مستمر والعلاقات قائمة وأنت تعرف طبيعة عمل هذه الأجهزة.. أنا سعيد بهذا النوع من التعاون.
حاولوا استقدام حوالي 3 آلاف عنصر جهادي لتكوين نواة جيش موازي للجيش المصري
– الإخوان رفضوا المصالحة ولجأوا إلى العنف
ننتقل إلى الشأن المصري الداخلي، حيث تعيش تجربة مشابهة لتجربة الجزائر في مشهدها العام وإن اختلفت المسميات والأطراف الفاعلة، وتنظيم الإخوان مصنف اليوم تنظيما إرهابيا، ما مدى استعداد مصر للذهاب نحو مصالحة سياسية داخلية أو بالأحرى ماذا يمنعها من ذلك ما دامت الأطراف كلها مصرية؟
** في بداية الأمر الرئيس السيسي فتح الباب أمام الإخوان حتى ينضموا إلى الجهود السياسية لحماية المواطنين وأن يكونوا طرفا، هم رفضوا هذا الطرح ولجأوا إلى العنف والاعتصامات ومحاولة تشكيل دولة داخل دولة، بل محاولة تفتيت الدولة وتشكيل جماعات متطرفة ارهابية داخل وخارج مصر بالمال والجهد والعتاد واستقدام كميات غير عادية من السلاح من ليبيا مستغلين الظروف القائمة وقتها، وقاموا بهجمات عديدة ضد قوات الشرطة في سيناء وحتى داخل مصر.. وتلاحظ أن اجتماعات المصالحة الفلسطينية مع حماس تمكنت من إزالة قبضتها عن الجماعات الارهابية التي كانت تتسلل من قطاع غزة لتنفيذ هجومات في سيناء والعريش ورفح وتعود عبر الأنفاق، الإخوان رفضوا كل هذا من البداية واتجهوا إلى العنف… بعض الأفراد كانوا يتصورون أن الإخوان كانوا يملكون رؤية تنموية جديدة وبرنامجا حتى أن بعض من مسيحيي مصر انتخبوا الإخوان (رغم الشكوك حول الانتخابات)، لكن تبين بعد وصولهم إلى السلطة أنهم ناس بدون رؤية وأن هدفهم تركز فى الحكم فقط وتبين أنهم ضد منطق ومفهوم الدولة، تلقوا دعما من جهات خارج مصر لإخضاع مصر وتكسيرها ومحاولة استقدام حوالي 3 آلاف عنصر جهادي لتكوين نواة جيش موازي للجيش المصري، اليوم الشعب المصري يرفض الإخوان، فكرة المصالحة تقوم على أساس أن طرفا يكون لديه قدر كبير جدا من اليقين أنه على استعداد ليتخلى عن اللجوء إلى القوة ويتعامل وفق القانون.
-قيادات الإخوان هربوا حين “فض اعتصام الرابعة” وتركوا “المغرر بهم”
ربما من منطلق أن البعض “غرر بهم” سياسيا أو إيديولوجيا؟
** هناك من يساعدهم على ذلك وينفق الأموال على ذلك، بدليل أن وقت “فض اعتصام الرابعة” لم يكن هناك أي قيادة من الإخوان، بالعكس سلطات الداخلية المصرية سربت خبر فض الاعتصام حتى يعطوا للناس فرصة فضه، أول طلقة أطلقت كانت من الإخوان وأول أربعة شهداء سقطوا كانوا من رجال الشرطة، قياداتهم هربوا، ولا واحد كان موجودا حين فض الاعتصام وتركوا “المغرر بهم”، وكان هناك قناصين بالعمارات استهدفوا الشرطة
وادعوا أن الاعتصام سلمي وغير مسلح، أؤكد هذا مائة بالمائة …. ثم إنه في فترة التسعينيات كانت هناك أعمالا إرهابية في مصر، بعض الجماعات السلفية كانت مسؤولة عن هذه العمليات الإرهابية، لكن بعدها شهدنا مراجعات من هؤلاء من جانبهم وعادوا إلى المجتمع وهم اليوم لديهم أحزاب سياسية ومتواجدون بالبرلمان ولا يتعرضون للمنع أو الإساءة من أي أحد.
هناك رغبة كبيرة مصرية للاستثمار بالجزائر في المجال السياحي لإنشاء المنتجعات
الدورة الثامنة للجنة المشتركة الجزائر ومصر ستعقد قبل نهاية العام، ما هو المنتظر منها؟
** ينتظر منها تقييم التعاون الثنائي بين البلدين، انشاء مجلس لرجال الأعمال بين البلدين، تطوير العلاقات لتجاوز التحديات القائمة حاليا.
-الجزائر في مرحلة البحث عن السكة الاقتصادية التي تقودها إلى التخلي عن الاقتصاد
الريعي، ماذا بإمكان مصر أن تساهم بهذا الخصوص؟
** ظروفنا مشابهة لظروف الجزائر والخبرة التي مررنا بها كانت تقتضي ضرورة هيكلة الاقتصاد في عدة نواحي، وخضنا في هذا الموضوع على عدة مراحل وفي المرحلة الأخيرة اتخذنا خطوات متقدمة وحاسمة وضرورية للإصلاح ، والشعب المصري وقف وراء قيادته ودعمها وتحمّل آلاما كثيرة من أجل بناء الاقتصاد الوطني، والحمد لله كل المؤشرات تشير الى التحسن… كل ما لدينا من خبرات هو متاح لأشقائنا في كافة المجالات وليس هناك ما يمنع أن نطرح كل ما قمنا به بشفافية كاملة، كانت هناك منذ فترة مشاورات منذ حوالي سنتين حول ترشيد الدعم على البنزين بشكل منظم حتى لا يقع في أيدٍ لا تستحقه وعرضنا تجربتنا كاملة على أشقائنا فى وزارتى الطاقة والمالية نظرا لارتباط الموضوع بشقين مالى وفنى واستقبلنا وفدا مشتركا لهذا الغرض وكانت زيارة ناجحة في القاهرة… لدينا استثمارات مصرية بالجزائر تساهم في التنمية في مختلف القطاعات (6 شركات كبرى) وبعضها ساهمت في تصدير الكابلات إلى إيطاليا .. وهناك رغبة كبيرة للاستثمار في المجال السياحي لإنشاء المنتجعات، وهناك زيارة مرتقبة لوزير السياحة المصري إلى الجزائر، كما نسجل طلبات لزيادة عدد الرحلات بين مصر والجزائر لمواكبة النقلة والطفرة التي شهدها المجال، ونسجل أيضا عودة الأفلام المصرية إلى شاشة التلفزيونات الجزائرية وعودة الحياة الثقافية بين الجانبين بشكل كبير وفى كافة المجالات الثقافية .
– لا وجود لخلافات داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة
أخيرا أسئلة على الخفيف، هنيئا تأهل المتخب المصري لكأس العالم 2018 بروسيا، لكن نتساءل في حال تأهل المنتخب المصري لمونديال قطر 2022، هل ستشاركون؟
** هذا إن عقد في قطر.. وقتها لكل حادث حديث. ومع ذلك فالتظاهرة دولية لها قواعد والتزامات محددة على كاقة الأطراف وبالأخص الدولة المضيفة
– تناقلت مواقع إخبارية خلافات داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، ما قولكم؟
** المؤسسة العسكرية المصرية مؤسسة سيادية وطنية والقرار فيها يكون موحدا ولا مجال للحديث عن خلاف، هذا حديث إخواني لأن كل ما هو نجاح بالنسبة لنا هو فشل بالنسبة لهم.