رغم فرحة ملايين الجزائريين بعد التهاطل الأخير للأمطار باعتبارها نعمة من نعم الله عز وجل، إلا أنه بعد سقوطها تفضح تلاعبات وغشا كبيرا في إنجاز العديد من المشاريع وترميم البنايات، حيث تعيش عائلات برمتها في مساكن هشة وبنايات يعود تاريخ إنشاء بعضها إلى حقبة الاستعمار الفرنسي، وبعضها يعود للعصر العثماني، ومنها مساكن القصبة العتيقة التي مازالت عشرات العائلات تقطنها، والغريب أن هذه البنايات التي تتهاوى من حين إلى آخر تعرضت في مناسبات عديدة للترميم.
كثير من هؤلاء يرون في سقوط المطر بداية مسلسل البحث عن طريقة لإنقاذ أرواحهم من انهيار الجدران والأسقف أو تسرب المياه إلى البيوت، هي صورة محزنة في بلد وضع مخططا لبناء أكثر من مليون مسكن بمختلف الصيغ.
مع سقوط أولى قطرات الأمطار، تتعاظم مأساة سكان الأحياء العتيقة على غرار القصبة، باب الوادي، حسين داي، بلكور وغيرها، حيث تقبع عشرات العائلات في الشارع عقب انهيار مساكنها. أصوات استغاثة أطلقتها العائلات من أجل انقاذها وترحيلها إلى مساكن أفضل في فصل الشتاء. في حي “الزغارة” القديم ببلدية “بولوغين” بحي باب الوادي، تهدمت عشرات المساكن دون تسجيل خسائر بشرية.
ورغم أن أسباب الانهيار راجعة إلى التساقط الكثيف للأمطار، إلا أن سكان الحي العتيق أكدوا أنهم أرسلوا العديد من الممثلين عن الحي لتقديم شكاوى لرئيس البلدية من أجل ترحيلهم ضمن مخطط باشرته ولاية الجزائر منذ أكثر من سنتين، إلا أن أصواتهم لم تسمع لدى المسؤولين المحليين.
واللافت للانتباه أن انهيار جدران وأسقف بعض البنايات تسبب أكثر من مرة في إصابات متفاوتة الخطورة لساكنيها، إلا أن عملية الترحيل لم تتح لبعض سكان الحي الذي بات يعرف لدى المواطنين بحي “الموت”، على اعتبار أن معظم مساكنه هشة ويتوقع سقوطها.
وأشار أحد السكان إلى أن دخول فصل الشتاء يعتبر فترة خوف وتوجس لدى السكان، فسقوط المطر “يعني أن الساكن ينتظر كارثة”.
أميار يسّدون أذانهم عن استغاثات السكان
وتساءل عشرات السكان بمختلف بلديات العاصمة التي تحوي بنايات هشة مهددة بالانهيار عن جدوى المنتخبين المحليين ببلدياتهم، ما داموا لا يستمعون لانشغالاتهم واستغاثتهم قبل انهيار سكناتهم فوق رؤوسهم، في حين أكد العديد من الأميار أنهم لا يملكون الصلاحيات في الترحيل وإنما مهامهم تقتصر على إعداد تقارير عن وضعية البنايات القديمة المهددة بالانهيار وإرسالها إلى الولاة المنتدبين الذين يحولونها بدورهم إلى والي العاصمة عبد القادر زوخ صاحب القرار النهائي في برمجة ترحيلهم أم لا.
زوخ مطلوب لزيارة الأحياء العتيقة
وطالب سكان العمارات العتيقة الوالي عبد القادر زوخ بزيارة أحيائهم عند كل تساقط للأمطار للوقوف على حجم معاناتهم والمخاطر التي تهددهم، خصوصا وأن العديد من العمارات صنفت في الخانة الحمراء بعد زلزال ماي 2003 ولم يرّحل سكانها إلى حد كتابة هذه الأسطر.