الثائر قبل الثورة

سويداني بوجمعة.. رجل من عظماء الجزائر

سويداني بوجمعة.. رجل من عظماء الجزائر

يعتبر سويداني بوجمعة من الذين ارتقوا شهداء خلال شهر أفريل، وهو من أبرز قيادات الصف الأول للثورة الجزائرية التي اندلعت في أول نوفمبر 1954، ومن أهم العسكريين الذين فقدتهم بعد سنوات قليلة من اندلاعها.

والقائد سويداني من أعضاء مجموعة 22 التي خططت وفجرت الثورة، وهو قائد بارز في الولاية الرابعة التاريخية، كما أن ماضيه حافل بالنضال والعمليات التي شارك فيها تحضيرا للثورة وأبرزها الهجوم على بريد وهران.

وكانت الجزائر تمر بفصل صعب من فصول الاستعمار الفرنسي خلال فترة العشرينيات، ويقول رئيس قسم التاريخ بجامعة سعيدة غرب الجزائر، عبد الرحمان قدوري، إن تلك الأوضاع أعقبت قيام السلطات الفرنسية بتجريد الأهالي من أراضيهم وأملاكهم لصالح المعمرين الفرنسيين والأوروبيين.

في هذه الظروف ولد سويداني بوجمعة بمدينة قالمة، شرق الجزائر عام 1922، في وسط فقير، بعدما تولت والدته تربيته بعد أن توفي والده وهو صغير، ولم تسمح له تلك الأوضاع بإتمام دراسته، واضطر للتوقف والعمل في الطباعة.

وسمح له عمله الجديد في الطباعة لدى أحد المعمرين بالتعامل مع الأوروبيين، ما أكسبه مهارة وخبرة ودراية بالكثير من الشؤون الاجتماعية والسياسية، وما أعانه لاحقا على العمل في النضال ضد الاستعمار، يقول قدوري.

وتأثر سويداني بوجمعة بمجازر سطيف، قالمة وخراطة، شرق البلد التي ارتكبها الفرنسيون في 8 ماي 1945، وحمله هذا التأثر على مواصلة النضال في حزب الشعب والحركة الوطنية.

ويتحدث عبد الرحمان قدوري عن سويداني الذي يوصف بـ “الثائر” موضحا أنه كان من قيادات اللجنة الثورية للوحدة والعمل أو (المنظمة الخاصة) التي حضّرت لاجتماع مجموعة 22 التاريخية وأسفر عن اتخاذ قرار تفجير الثورة الجزائرية.

كما ساهم سويداني في جمع السلاح، ولتحقيق ذلك شارك في عملية الهجوم على بريد وهران رفقة أحمد بن بلة وحسين آيت أحمد في 5 أفريل 1949 لتمويل الكفاح المسلح ضد الفرنسيين واستولوا على أكثر من 3 ملايين فرنك فرنسي في ذلك الوقت، وكانت عملية بريد وهران “ضربة موجعة للاستعمار الفرنسي الذي تفاجأ لقدرات جزائريين في تنفيذ عملية جريئة بهذا المستوى من الدقة”.

ويروي المؤرخ الجزائري، محمد لمين بلغيث، أن سويداني كان من بين أكثر أعضاء مجموعة الـ 22 تحمسا وتشبثا بقرار اندلاع الثورة خلال الاجتماع التاريخي الذي انعقد في العاصمة شهر جوان 1954.

وخلال الاجتماع “ألقى سويداني بوجمعة خطابه بحماس شديد لدرجة أنه ذرف الدموع تأثرا، داعيا رفاقه إلى اتخاذ قرار تفجير الثورة معتبرا أنه الخيار الوحيد لهم”، يضيف المتحدث.

وبعد الإجماع على مقترح الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، تولى سويداني بوجمعة مهمة التحضير الميداني لها بحشد المقاومين وجمع السلاح.

وقد تدرج سويداني في المناصب والمسؤوليات بالولاية الرابعة التاريخية، التي تعتبر منطقة حساسة جدا لقربها من الجزائر العاصمة، وأهلته كفاءته وقدراته على إدارة المعارك ضد الفرنسيين لمنصب قائد ناحية متيجة، إلى أن سقط في حاجز أمني لقوات فرنسية يوم 16 أفريل 1956، بعد تبادل كثيف لإطلاق النار مع عناصرها، وهو من القيادات التي رحلت باكرا عن الثورة.