الجزائر -وزعت رئاسة الجمهورية، الخميس، مسودة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور على الشخصيات الوطنية والأكاديمية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والمنظمات الطلابية بهدف مناقشته وإثرائه.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية: “هذا المشروع هو مجرد مسودة قابلة للتعديل والحذف والزيادة، وتوجه بأن يجري ذلك في إطار الاحترام التام لإجراءات الوقاية من انتشار جائحة الكورونا”.
وجاء في الرسالة أنه “تبعا لما التزم به رئيس الجمهورية خلال الحملة الانتخابية لرئاسيات الثاني عشر ديسمبر 2019 بشأن تعديل الدستور، بادر مباشرة بعد انتخابه بتكليف لجنة من الخبراء لصياغة مقترحات لإعداد مشروع دستور توافقي يكون في مستوى تطلعات المواطنين المعبر عنها خلال مسيرات الحراك الشعبي الأصلي المبارك”.
وجرى التنويه إلى أنّ الرئيس وعد بأنّ هذا المشروع التمهيدي سيحظى بنقاش واسع من قبل كامل فعاليات المجتمع من خلال إرسال نسخة منه لـ”مناقشته وإثرائه وتقديم الاقتراحات بشأنه”.
وأضافت الرسالة أنّ توزيع هذا المشروع التمهيدي كان قد “تأجل بسبب أزمة كوفيد 19 التي لا تسمح بتنظيم مناقشة عمومية، لكن أمام رغبة العديد من الشركاء السياسيين ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والشخصيات الوطنية لاستغلال شهر رمضان المبارك وفرصة الحجر الصحي للاطلاع عليه، ارتأى رئيس الجمهورية تلبية طلبهم بتوزيعه”.
وشدّد بيان الرئاسة أنّ المشروع التمهيدي “ليس سوى مجرد مسودة لتعديل الدستور تعديلاً شاملاً وعميقًا وهو بمثابة أرضية للنقاش لا غير، ومنهجية عمل ارتأى السيد الرئيس اتباعها، حتى لا ينطلق النقاش من فراغ، بل يرتكز على وثيقة معدة من طرف نخبة من كبار أساتذة القانون”.
وأحال البيان على الأمل الكبير الذي يحذو الرئيس في إسهامات المعنيين “البناءة” بتعديل ما يرونه “يستحق وبحذف ما يجب حذفه، وإضافة ما ينبغي إضافته، لأنّ الغاية السامية هي تزويد الأمة بدستور توافقي يستجيب لتطلعات الشعب”.
وخلص البيان إلى أنه من شأن هذه الاسهامات المرتقبة أن “تعبّد الطريق أمام بناء جمهورية جديدة، ينعم فيها الجميع بالعدل والحرية والأمن والاستقرار والرفاه الاجتماعي والثقة بالمستقبل”.
تعليل لجنة صياغة مقترحات تعديل الدستور
ولخصت اللجنة الوطنية لصياغة مقترحات تعديل الدستور أسباب التعديلات، في خمس محاور أساسية، تتعلق بتدعيم الحقوق والحريات، الفصل بين السلطات وتنظيمها بصفة عقلانية ومتوازية، عدالة أكثر استقلالية والعدالة الدستورية وأخلقة الحياة العامة.
وفيما يتعلق بالحقوق والحريات، قالت اللجنة إنه رغم تكريس دستور 2016 لحرية الصحافة وممارسة العبادة، إلا أن ذلك لم يكن له أثر على المستوى العملي بسبب غياب الضمانات القانونية التي كان ينبغي أن ترافق التكريس الدستوري. ملحة على ضرورة تمكين الصحافة من ممارسة حريتها مع حماية الحقوق والحريات والمبادئ التي تحكم المجتمع.
وبخصوص الفصل بين السلطات، قالت اللجنة إن الازدواجية في السلطة التنفيذية سمحت لرئيس الحكومة أن يظهر كقطب ثان للحكم، بعض الصعوبات العملية حتى وإن احتفظ رئيس الجمهورية بمركز دستوري مهمين، وقد اتضح الطابع غير العملي لهذا الشكل في المشهد السياسي والمؤسساتي للجزائر.
فيما يخص طبيعة النظام، استبعدت اللجنة النظام البرلماني الذي قالت إنه لا يشكل بديلا حقيقيا بالنظر إلى السوسيولوجيا السياسية للجزائر، كما رفضت الخوض في الخيار بين النظام الرئاسي أو البرلماني باعتبارهما مجرد بناء فقهي للاستعمال البيداغوجي غير قائم على معيار دقيق.
ولضمان عدالة أكثر استقلالية، اتفق أعضاء اللجنة على اعتماد مصطلح العدالة بدلا من السلطة القضائية وتم تعزيز حق المتقاضين ودسترة تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء برئاسة رئيس الجمهورية وإسناد نيابة رئاسة المجلس للرئيس الأول للمحكمة العليا بدلا من وزير العدل.وعكفت اللجنة على دراسة العدالة الدستورية وضمان سمو الدستور، وتم اقتراح تحويل المجلس الدستوري إلى المحكمة الدستورية.
وفي أخلقة الحياة العامة، أبرزت اللجنة أن الأحكام المدرجة في هذا الباب تهدف إلى الرقي بالقواعد المتعارف عليها إلى المستوى الدستوري، مشيرة إلى الدور الذي يجب أن تلعبه المؤسسات الرقابية، لاسيما مجلس المحاسبة.










