قدوة الطلاب الجزائريين

طالب عبد الرحمن.. “الشهيد الذي تحمل مسؤولياته على أكمل وجه”

طالب عبد الرحمن.. “الشهيد الذي تحمل مسؤولياته على أكمل وجه”

كان التزام وتضحية الشهيد البطل عبد الرحمان طالب، الذي أعدمته السلطات الاستعمارية بالمقصلة في 24 أفريل 1958 مثالا وقدوة لكل الطلبة، الذين التحقوا قبل أو بعد إضراب 19 ماي 1956 بصفوف جيش التحرير الوطني.

لم يكن عمره يتجاوز 28 عاما عندما أصبح طالب عبد الرحمان الذي كان حينها طالبا في قسم الكيمياء بكلية العلوم لجامعة الجزائر مسؤولا في جبهة التحرير الوطني عن المتفجرات، حيث قام بصنع العديد من القنابل التي استعملت خلال معركة الجزائر قبل أن يتم توقيفه وتعذيبه ثم إعدامه بالمقصلة بسجن بربروس (سركاجي حاليا).

ولد شهيد المقصلة طالب عبد الرحمان الذي تحمل اليوم اسمه الإقامة الجامعية للذكور ببن عكنون، وكذا الشارع والحديقة المتواجدين بباب الوادي ذات 5 مارس 1930 من أب جاء من ميزرانة (ولاية تيزي وزو) ليستقر بالقصبة سنة 1916.

بالقصبة العتيقة بدأ طالب عبد الرحمان الدراسة سنة 1937 ليلتحق في 1949 بالمدرسة العصرية المتواجدة بشارع غيلومان بالحي الأوروبي آنذاك، وهي المدرسة التي هي اليوم ملحقة ثانوية عقبة المحاذية للحديقة التي تحمل اسمه.

في هذه المرحلة التي بدأت فيها بوادر التطلع نحو الانعتاق والحرية، تتجلى خصوصا بين سكان القصبة التي نمت فيها كل الأفكار التحررية، تبنى الشهيد البطل طالب عبد الرحمان أفكار ومبادئ الوطنيين.

وبذا شارك الشهيد طالب عبد الرحمان في التظاهرة التي أقامها حزب الشعب الجزائري في الفاتح من ماي 1945 بمناسبة اليوم العالمي للشغل، في ذلك اليوم تعرّف الشهيد على حقيقة الاستعمار الفرنسي بعد أن أطلق الجيش الرصاص على جموع الحاضرين قرب البريد المركزي وقتل اثنين من أعضاء حزب الشعب محمد الحفاف وعبد القادر زيار.

سمح ولوع واهتمام الشهيد طالب عبد الرحمان بالكيمياء منذ السنوات الأولى بمواصلة الدراسات العليا التي لم تكن في متناول المسلمين الأهالي من جهة، وفرصة لتحقيق حلمه الذي كان يراوده منذ الصغر، وهو العمل في مجال الكيمياء من جهة ثانية.

موازاة مع التحاقه بقسم الكيمياء بجامعة الجزائر، ودون أن يصبح عضوا منهم، كان الشهيد يراود نادي الطلبة الماركسيين، وخارج الجامعة اعتاد طالب عبد الرحمان المعروف بطبعه الهادئ ارتياد مقهى التلمساني بحي لامارين (القصبة السفلى) لحضور وسماع النقاشات السياسية التي كان يديرها نقابيون ومناضلون سياسيون أمثال أحمد غرمول وأرزقي بوزرينة.

في ليلة الجمعة 10 أوت 1956 انفجرت قنبلة في شارع تيب وأحدثت أضرارا مادية وبشرية كبيرة لتتوعد جبهة التحرير الوطني بالرد على الحادثة بالمثل (بالمتفجرات) بمساعدة الكيميائي طالب عبد الرحمان، لتبدأ بهذا معركة الجزائر.

بمعاونة جاره صالح بازي أنشأ طالب عبد الرحمان ورشة في مخبئه ثم في بيت والدي جميلة بوحيرد التي كانت تنشط هي الأخرى ضمن شبكات المنطقة المستقلة للعاصمة، في الوقت الذي كانت فيه السلطات الاستعمارية تواصل حملاتها الترهيبية ضد سكان القصبة وبلكور.

انفجرت أولى القنابل التي صنعها طالب عبد الرحمان في 30 سبتمبر في أرقى الأحياء الأوروبية على غرار ميلك بار

(المتواجد بساحة الأمير عبد القادر حاليا) والمقهى المقابل للجامعة المركزية.

يقول ياسف سعدي في إحدى شهاداته عن طالب عبد الرحمان إن الشهيد “تحمّل مسؤولياته على أكمل وجه”.

طالب عبد الرحمان فنّد مزاعم فرنسا