سلوك ينبغي الانتباه إليه

التنمر المدرسي…عنف وأذيّة بنتائج طويلة الأمد

التنمر المدرسي…عنف وأذيّة بنتائج طويلة الأمد

يتعرض بعض الأطفال لما يطلق عليه بالتنمر، وهو الاستهزاء بالطفل، سواء من لونه أو شكله وحتى في بعض الأحيان من اسمه، ناهيك عن السخرية من لهجته التي تبدو مختلفة في نظر الأطفال المقيمين بذات المنطقة، وبالرغم من المحاولات الحثيثة لمنع سلوك السخرية والاستهزاء المنطوية في ظاهرة “التنمر المدرسي”، أو للحد منها من قبل المؤسسات التعليمية، إلا أنها ما زالت موجودة.

ينتج عن التنمر غالبا مضاعفات يصعب التخلص منها إذا لم يتم التدخل في الوقت المناسب وبالشكل الصحيح، وهو ما قد لا يكون بسبب إخفاء الطفل الذي تعرض للتنمر الأمر عن عائلته بسبب الخوف أو أي سبب آخر يمنعه.

 

الانتباه مطلوب من الأولياء

لا ينتبه بعض الأولياء لبعض الأمور التي قد يتعرض بسببها ابنهم للتنمر وهو ما حدث مع السيد إسماعيل الذي قال: “لم ألاحظ على ابني أي دلالات مباشرة توحي بأنه قد تعرض للتنمر، وكان في اعتقادي أن التنمر مجسد في ضرب أو عراك، ما يترك آثارا متمثلة في كدمات أو خدوش على مستوى الجسم أو الوجه، وبمجرد معرفة الفاعل يمكن إنهاء المسألة باستدعائه ومطالبته بعدم تكرار فعلته، ولكن ابني كان يتعرض للتنمر النفسي بسبب التأتأة، ما جعله يعاني من تدني تقدير الذات والشعور بالوحدة والاكتئاب، لاسيما القلق والميل للتغيب عن المدرسة”.

أما السيدة زينب فتقول: “كانت تعاني ابنتي من مرض تسبب في سقوط شعرها طيلة سبعة أشهر كاملة، الأمر الذي جعلها مدعاة للسخرية أمام بعض أقرانها في المدرسة، في الشارع أيضا، فأصبحت منطوية على نفسها لدرجة أنها كرهت المدرسة والشارع، لأنها لم تجد من يدافع عنها إزاء ما تعانيه من مرض جعلها أضحوكة بين الجميع، بالرغم من وقوف ودعم المعلمة وأغلب زملائها معها”.

التنمر في عيون الأطفال

وفي حديث الطفل خالد الذي يتعرض للتنمر بسبب لقبه فقال: “يؤلمني جدا أن أقول بأنني عرضة للتنمر من أصدقائي بسبب لقب أسرتي، كانت تلك التصرفات تضايقني كثيرا، لدرجة أني قمت بحذف حسابي على الفايسبوك بسبب تعليقات بعض من الأصدقاء، لا لشيء سوى لأني فتحت صفحتي الشخصية تحت اسم بطل أفلام معروف، وليس هذا فحسب بل وصلت الجرأة بأحدهم إلى أن طلب مني مالا مقابل عدم مضايقته لي من جديد”.

أما محمد فقال: “تعرضت للتنمر الجسدي في الابتدائي وفي المتوسطة أيضا، من طرف بعض التلاميذ الذين كانوا يجبرونني على إعطائهم حلول الواجبات المدرسية، ناهيك عن المواقف المزعجة إزاء كل اختبار، الأمر الذي جعلني أنخرط في جمعية رياضية لأتعلم بعض رياضات الدفاع عن النفس، لأستطيع من خلالها أن أحمي نفسي من الأسلوب الخشن المتأتي من أولئك المزعجين”.

 

رأي علم النفس العيادي المدرسي

عرَّف المختصون في الإرشاد النفسي العيادي المدرسي ظاهرة التنمر بكونه شكلا من أشكال العنف والإيذاء والإساءة التي تكون موجهة من فرد أو مجموعة أفراد نحو الأضعف جسديا في الغالب، ما يؤدي إلى خلل في توازن لدى شخصية الطفل المتنمر، وسلوك المتنمر يهدف إلى لفت النظر إليه، ويعتقد أنه يصبح بذلك محبوباً وقوياً وقد يقوم بذلك بدافع الغيرة من الضحية ومن الشائع أن قيامه بالتنمر يعود إلى أنه تعرض للتنمر من قبل.

ومن أهم الحلول لمعالجة ظاهرة التنمر حسب المختصين نلخصها في الخطوات الآتية: الاستماع جيدا لأبنائنا، متابعة السلوك العدواني للطفل منذ الصغر وتعديله، مراقبة البرامج والألعاب الإلكترونية التي يشاهدها الطفل والبعد عن العنف منها، إلحاق الطفل بأي نشاط رياضي وتوعيته بسمو الهدف، توعيته بثقافة السلوك لمواجهة التنمر بشتى أنواعه، تعزيز ثقة الطفل بنفسه وهي حجر الأساس في أي مرحلة علاج نفسي، تربية الطفل تربية سليمة بعيدة عن العنف، نشر ثقافة التسامح والحوار، القدوة الأسرية الحسنة، مراقبة سلوكات الأبناء منذ الصغر، بناء علاقة صداقة بين الوالدين وأبنائهم وخلق أجواء عائلية، تشجيع السلوكات الإيجابية ونبذ الأفكار السلبية الهدامة، التحلي بالحكمة والصبر وتفسير المواقف بأسلوب مرن وتقبل الطفل المتنمر مهما كانت النتائج، إخضاع كل من المتنمر ومن معه لجلسات عديدة للعلاج النفسي وتعديل السلوك، تربية الأبناء تربية صحيحة بعيدة عن العنف ومنع مشاهدة برامج وألعاب ورسوم كارتونية عنيفة، تدريب الأطفال على رياضة الدفاع عن النفس لتعزيز قوتهم البدنية والثقة بالنفس، الاستماع إلى الأولاد وسؤالهم إن كانوا يعانون من أي أنواع التنمر، الانتباه إلى أي علامة تنمر على جسد الطفل، إقامة برامج توعوية تحسيسية سواء في المدارس لتوعية الأولياء أو الأولاد بـ “التنمر” وخطورته وكيفية الحماية منه.

لمياء. ب