في خطوة تعكس التزام الجزائر بتطوير قطاع المحروقات وتعزيز شراكاتها الدولية، وقعت شركة سوناطراك عقدا جديدا مع الشركة الصينية سينوبك، يهدف إلى تقاسم الإنتاج في محيط حاسي بركان الشمالي.
يأتي هذا الاتفاق في إطار أحكام القانون رقم 19-13، الصادر في 11 ديسمبر 2019، والمنظم لنشاطات المحروقات، والذي يهدف إلى تحفيز الاستثمار الأجنبي وتعزيز استكشاف وتطوير الموارد الطاقوية في البلاد.
مراسم التوقيع بحضور مسؤولين جزائريين وصينيين..
أقيمت مراسم التوقيع في مقر المديرية العامة لسوناطراك، تحت إشراف الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، السيد رشيد حشيشي، وبحضور شخصيات بارزة، من بينها وزير الدولة، وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، السيد محمد عرقاب، الذي أكد أهمية هذه الشراكة في تعزيز الإنتاج الوطني من المحروقات. كما حضر سعادة سفير الصين الشعبية بالجزائر، السيد دونغ غوانغلي، الذي أبرز عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين. من الجانب الصيني، حضر النائب الأول لرئيس مجلس إدارة مجموعة سينوبك، السيد نيو شوانوين، الذي عبر عن التزام شركته بتوسيع استثماراتها في الجزائر. وجاء هذا التوقيع تتويجا لمفاوضات استمرت منذ توقيع بروتوكول الاتفاق الأولي في 3 مارس 2024، حيث تهدف هذه الشراكة إلى رفع مستويات الإنتاج وتحسين تقنيات الاستكشاف في الجزائر، بما يحقق الاستغلال الأمثل لموارد البلاد الطاقوية.
مشروع استراتيجي في قلب الصحراء الجزائرية..
يقع حاسي بركان الشمالي في منطقة ذات أهمية استراتيجية، حيث يمتد بين ولايتي ورقلة والمنيعة، ويبعد بحوالي 80 كيلومترا عن حاسي مسعود أكبر حقول النفط في الجزائر. بموجب هذا العقد تلتزم سوناطراك وسينوبك بتنفيذ برنامج بحث وتقييم متكامل يهدف إلى تطوير الاحتياطات الطاقوية في المنطقة وتحقيق أقصى استفادة منها. يشمل هذا البرنامج عدة مراحل، تبدأ بإجراء دراسات جيولوجية وجيوفيزيائية معمقة لتحديد الإمكانات النفطية والغازية في الحقل، ثم تنفيذ عمليات حفر استكشافية لاختبار الإنتاجية الفعلية للآبار. بعد ذلك، سيتم إدخال تقنيات متطورة في عمليات الاستخراج لضمان تحسين معدلات استرجاع المحروقات، مع إقامة بنية تحتية حديثة لدعم عمليات الإنتاج المستدامة في المنطقة.
استثمار ضخم يعكس التزام الطرفين بتطوير المحروقات..
يقدر إجمالي الاستثمارات المخصصة لتنفيذ برنامج الاستكشاف والتطوير في هذا الحقل بحوالي 850 مليون دولار. يعكس هذا المبلغ رغبة سوناطراك في تعزيز الإنتاج الوطني وضمان أمن الطاقة في الجزائر، كما يظهر حرص سينوبك على توسيع استثماراتها في الجزائر، باعتبارها سوقا استراتيجية غنية بالموارد. بالإضافة إلى ذلك، يؤكد هذا المشروع التزام الطرفين باستخدام أحدث التقنيات لرفع الإنتاجية وتقليل التأثير البيئي لعمليات الاستخراج.
شراكة جزائرية-صينية متينة منذ أكثر من عقدين..
تعد سينوبك واحدة من أكبر الشركات الصينية العاملة في قطاع الطاقة، ولديها حضور قوي في الجزائر منذ سنة 2002. عملت سينوبك بالشراكة مع سوناطراك في تطوير حقل زارزيتين، الذي يعتبر من المشاريع المهمة الرامية إلى رفع معدلات استرجاع النفط الخام وتحسين كفاءة الإنتاج. وتعكس هذه الشراكة الثنائية، عمق العلاقات الاقتصادية بين الجزائر والصين، حيث تعتبر بكين من أبرز الشركاء التجاريين والاستثماريين للجزائر، خاصة في مجالات الطاقة، البنية التحتية، والتكنولوجيا المتقدمة.
تعاون استراتيجي يعزز مكانة الجزائر في سوق الطاقة العالمي..
يمثل هذا الاتفاق الجديد، خطوة إضافية نحو تعزيز مكانة الجزائر كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمي. تسعى الجزائر إلى زيادة إنتاجها الطاقوي لمواكبة الطلب المتزايد، سواء في الأسواق المحلية أو الدولية. وتؤكد هذه الشراكة، على التزام الجزائر بجذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع المحروقات وفق إطار قانوني حديث ومحفز، كما تعكس حرص الصين على تعزيز وجودها في السوق الجزائرية عبر شراكات استراتيجية طويلة الأمد. بالإضافة إلى ذلك، يبرز الاتفاق أهمية توظيف التكنولوجيا الحديثة لرفع كفاءة الإنتاج وضمان الاستغلال الأمثل للموارد الطاقوية.
نحو آفاق جديدة للتعاون الطاقوي بين الجزائر والصين..
في ختام مراسم التوقيع، أكد المسؤولون من الجانبين على أهمية تعزيز التعاون في المستقبل، من خلال البحث عن فرص شراكة جديدة في الاستكشاف والإنتاج، وتعزيز تبادل الخبرات في مجالات الطاقة المتجددة وتكنولوجيا استخراج المحروقات. ويمثل هذا العقد الجديد، نموذجا ناجحا للتعاون بين الجزائر والصين، حيث يفتح الباب أمام مشاريع مستقبلية تعزز أمن الطاقة في الجزائر، وتساهم في تنويع مصادر الإنتاج بما يتماشى مع التوجهات الاستراتيجية للحكومة الجزائرية.
محمد بوسلامة