بسبب عرض المشاكل والخصوصيات

علاقات أسرية تحكمها تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي

علاقات أسرية تحكمها تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي

تشهد مواقع التواصل الاجتماعي منشورات عن الخلافات الأسرية على شكلين: الأول منشور بشكل مباشر من الحسابات الشخصية، والثاني عبر مجموعات في “فايسبوك” أو غيرها من الفضاءات الاجتماعية، والتي توفر نشر الموضوع من دون ذكر اسم المرسل أو صاحب الحساب، ليتلقى الشخص المرسل نصائح من بقية المتابعين.

يُعتبر الحديث عن المشاكل الشخصية، سواء أسرية أم خلافات في العمل، ونقلها إلى مواقع التواصل الاجتماعي ونشرها للناس، وفتح باب التدخل، ظاهرة سلبية عامة، فالمجتمع الجزائري اعتاد طوال سنوات أن يسهم في حل الخلافات ضمن دائرة ضيقة من الأقرباء والأصدقاء، وثقافة المجتمع لا تسمح بنشر هذه التفاصيل أمام الجميع.

 

استخفاف بقدسية العلاقة الزوجية

أصبح الكثير من الأزواج والزوجات يستخفون بقدسية العلاقة الزوجية، ويبوحون بأسرار حياتهم ومشكلاتهم الشخصية والخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال كتابة منشورات على صفحاتهم الشخصية أو مجموعات خاصة بالمشاكل الزوجية، مما يلحق الضرر بالطرف الآخر أو بالعائلة.

 

غياب الأمانة

يعتبر المختصون أن نشر خصوصيات العلاقة الزوجية

والأسرية له علاقة بغياب الأمانة وانعدام الثقة في حفظ الأسرار الزوجية، وهو ما سيحدث شرخا بالعلاقة ويلحق بالزوجين الضرر بسبب الكلام عن العلاقات الزوجية والأسرية ونشر الأخبار الخاصة بالحياة الشخصية، وعندما ينشر شخصا ما مشاكله، فيكون ذلك بهدف البحث عن حل، في حين قد يفاجأ أحد الأطراف بأن هناك طرفا منهم عضو في المجموعة أو العكس مما يثير المشاكل بينهما، لذلك لا يجوز للزوجة أن تفشي سر زوجها وكذلك الزوج.

كما يُحذر مستشارو الصحة النفسية من نشر الأسرار الزوجية على مواقع التواصل الاجتماعي لأنها تعمل على تدمير مساحة الأمان والثقة داخل الحياة الزوجية .

 

ماذا يترتب عن نشر المشاكل الزوجية؟

يترتب عن نشر المشاكل الزوجية على مواقع التواصل الاجتماعي عدة نتائج نوجزها فيما يلي:

إساءة استغلال الصور

تستهين بعض الزوجات ببث الفيديوهات والصور الخاصة بمشاكلها الأسرية، أو بإرسال صورها بدون حجاب لصديقتها على سبيل المزاح، لكنه قد يساء استغلال هذه الصور والفيديوهات لإثارة المشاكل بين الزوجة وزوجها .

عدم وجود خصوصية

الزواج ميثاق غليظ ورباط مقدس والأصل في العلاقة الزوجية أن تكون محاطة بالخصوصية، فلا ينبغي الحديث عن الأسرار والمشكلات الزوجية في “الجروبات” ومواقع الدردشة وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، حتى في حالة الانفصال بين الزوجين، ينبغي عدم التشهير أو التجريح .

 

إطلاع طرف آخر على المشكلة

يقتضي فن التعامل مع المشكلات الزوجية عدم إدخال طرف آخر بالمشكلة، لأن ذلك قد يزيد ويعقد المشكلة أكثر، كما أن الحلول التي يطرحها البعض لا تستند على أي أساس علمي أو مرجع صحيح؛ فضلا عن الضرر المعنوي والمادي الذي يلحق بأحد الزوجين إذا أفشى الآخر أسراره على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

انتهاك الخصوصية

قد تفتح بعض “جروبات” التواصل الاجتماعي ومواقع الدردشة باب المضايقات وخاصة للزوجات، فقد يستغل البعض ممن يمكنهم الدخول إلى مثل هذه المواقع المشكلات المنشورة ومحاولة التقرب من أصحابها، وبالتالي تشتعل الفتنة أكثر بين الزوجين؛ وذلك لأن الأصل في الإصلاح وإيجاد الحل أن يكون طرح المشكلة في إطار الأسرة وعدم انتهاك خصوصية الزوجين.

مهارة حل المشكلات

ينبغي على الزوجين التحلي بمهارة حل المشكلات، والتي تبدأ بعدم السماح للآخرين بالتدخل في المشاكل الزوجية، وطلب النصيحة من أصحاب التخصص والمشورة الصادقة، وليس عبر مواقع افتراضية وهمية يصعب التحكم فيها ويطلع عليها ملايين البشر.

 

حلول حسب التجارب الخاصة

يقول المختصون في علم الاجتماع إن طرح الأسئلة حول قضايا أسرية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والطلب من العموم تقديم آرائهم فيه الكثير من الخطورة، فمن يدلي برأيه ليس صاحب خبرة واختصاص بالضرورة، وقد يكون متحاملا أو لا يريد الخير، أو صاحب تجربة فاشلة يريد أن يعممها ويرى العالم كله من خلال تجربته.

كما أن القضايا الأسرية تتعلق بالأشخاص وهم مختلفو الطباع والمزاج والثقافة والبيئة الاجتماعية والعمر والنضج، ولا يمكن أن يصح فيها التعميم، فما يناسب شخص قد لا يناسب آخرا، وسر نجاح أسرة قد لا يكون بالضرورة هو نفسه للأسرة الأخرى.

فالنظر في القضايا الأسرية والاجتماعية يحتاج إلى تشخيص صحيح وخبرة وقدرة على اقتراح الحلول المناسبة، وهذه لها أهلها من أصحاب التخصص والخبرة والمؤتمنين على أسرار الآخرين والحريصين على مصالحهم بما فيها مصلحة الأسرة، وطلب الرأي والمشورة على مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال المجموعات له سلبيات كثيرة، إذ يظهر صاحب السؤال أنه يعاني من مشكلة ويطلب رأي الآخرين فيها، ويبدأ بإفشاء الأسرار والطلب من الآخرين التدخل، وهو ما يستثير الأطراف الأخرى في المشكلة وهذا يسيء للعلاقات وقد يدمرها.

ومنه لا يمكن من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات أن يتحدث الإنسان عن مشاكله بكل صراحة ووضوح، فلا توجد إجابة جاهزة لكل سؤال حتى من أهل الاختصاص، ونشر تفاصيل الحياة الشخصية والمشكلات يؤدي إلى استسهال هذه الأمور وقبولها بل وتعميمها في المجتمع.

ق.م