مواصلة لمشواره الأدبي الحافل بالإنجازات الأدبية الهامة، صدر مؤخرا للمؤلف الدكتور عيسى ماروك كتاب يحمل عنوان “على تخوم النص.. الجندر – الجسد – الآخر”.
ويضم الكتاب مجموعة من المقالات؛ بعضها سبق نشره في مجلات علمية جمعت هنا من أجل تيسير الوصول إليها وتعميما للفائدة.
وتتناول بالبحث والدراسة موضوعات من صلب اهتمامات النقد الثقافي، وذلك من خلال البحث في تيمات بعينها خاصة ما تعلق بصراع المراكز وصورة المهمشين في الأدب، ودور التراتبية الاجتماعية في توزيع الأدوار، والصور النمطية للفئات الهشة كالنساء والمهاجرين… ولعل التركيز على صورة الآخر في الشعر والرواية جاء بغية الكشف عن الأنساق المهيمنة، ودينامية إعادة إنتاج البنيات الناظمة للسلوك الاجتماعي والثقافي، بالإضافة إلى الجسد كمعطى ثقافي يتأرجح بين كونه ذاتا وموضوعا في الآن نفسه، وتوظيفه خاصة لدى الأديبات تمردا على وضع ثقافي قائم. كما تطرق الباحث إلى الجندر أو الجنوسة والتحديدات الاجتماعية التي تواجهه، وأثر العنصر الثقافي المكوّن له في تكوّن الهويات.
كما يقدم معرفة شاملة بالنقد الثقافي من خلال قراءة عدد من النصوص الشعرية المعاصرة، مبرزا خصائصها الفكرية الفنية وما تضمنته من أنساق مضمرة تحث على الكشف عنها الدراسة التطبيقية التي يهتم بها النقد الثقافي، وقد كان ذلك فرصة لملء فراغ تطبيقي ناجم عن تردد النقاد في المغامرة النقدية، وللتعريف بعدد من الشاعرات الجزائريات والعربيات التي رأت الدراسة أنها أصوات جديدة حاولت إحداث قطيعة مع نسق فكري فني تقليدي كرس الذكورية عن وعي وعن عدم وعي، مبرزة أن هذه المحاولة في التجاوز مشتركة بين عدد من الشعراء والشاعرات، ومن الواضح أن هذا التناول يصب كذلك في توجيه القراءة بالالتفات إلى ما يخبئه النص داخل جمالياته من تكريس للسلبيات المتراكمة في سيرورة الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية المنتقلة برعاية مركزية رسمية مهيمنة ظلت تفرض نفسها عبر العصور حارسة مجموعة من المصالح التي يضمنها الثبات على ما كانت عليه الحياة. من هنا يتبين مدى أهمية قراءة كتاباتنا الأدبية العربية بالمناهج المعاصرة وعلى رأسها المنهج الثقافي الذي يصب عمله على قراءة النص من منابعه الثقافية الشاملة انطلاقا من لا وعي جمعي متحرك عبر الزمن داخل المنتج الثقافي والجمالي ككل.
حاء/ ع



