نمر الثورة الخالد

علي النمر.. السياسي المحنك والعسكري الشجاع

علي النمر.. السياسي المحنك والعسكري الشجاع

ولد علي النمر في 16 مارس 1925 في مشتة أم الرخاء بدوار حيدوسة قرب مروانة التابعة لولاية باتنة في سلسلة جبال الشلعلع، التحق الشهيد بكتّاب القرية لحفظ ما تيسر من القرآن الكريم خفية عن أنظار العدو، ثم انتقل به والده إلى مدينة باتنة وهو لم يتجاوز بعد العقد الأول من عمره. وفي مدرسة الأهالي بمدينة باتنة واصل تعلمه باللغتين العربية والفرنسية، ورغم السنوات القليلة التي قضاها في هذه المدرسة، فقد استطاع أن يتقن القراءة والكتابة باللغتين معا، عاش علي النمر مرحلة طفولته كغيره من الشباب الجزائريين في الحرمان وضنك العيش الذي فرضه الاستعمار الفرنسي على سكان المنطقة خاصة والجزائر عامة لا سيما بعد ثورة 1916 في كل من مروانة، باتنة، فكان علي النمر كبقية الوطنيين يتابع عن كثب هذا الوضع غير الطبيعي الناتج عن انتقام العدو من السكان بعد كل ثورة من الظلم، ونظرا للوضع المادي السيء لأسرته، فقد اضطر إلى البحث عن عمل لمساعدتها، وفعلا تمكن من إيجاد منصب عمل في الشركة الصناعية للقبائل الصغرى التي كانت تقوم باستغلال الخشب في غابات هذه المناطق.

انضم الشهيد إلى حزب الشعب الذي كان ينشط سرا أثناء الحرب العالمية الثانية وذلك في حدود سنة 1943 بباتنة وهو لم يتجاوز 18 سنة من عمره، ثم واصل نضاله وتعاظمت مسؤولياته ومهماته داخل حزب انتصار الحريات الديمقراطية ضمن خلية مدينة باتنة ثم في الخارج، إذ في أواخر سنة 1948 هاجر إلى فرنسا تحت غطاء البحث عن العمل في أوروبا، بينما كان الهدف هو تجنيد المناضلين وتوعيتهم وبعد أكثر من سنتين قضاها في فرنسا في سبيل تعبئة صفوف المناضلين عاد إلى باتنة، ليواصل نشاطه السياسي كمسؤول عن عدد من الخلايا، ولم يقتصر نشاطه على مدينة باتنة وحدها، بل استطاع أن يكوّن خلية حزبية في مدينة سريانة من مناضلين بعضهم كان يعمل تحت إشرافه في فرنسا.

وكانت الخلية تعقد اجتماعاتها كلما دعت الضرورة وفي سرية تامة مع تغيير مكان الاجتماع في كل مرة. وكان نشاط الشهيد علي النمر محل ملاحقة واهتمام من طرف رجال الأمن الفرنسيين، إلا أن شدة كتمانه للسر وحنكته وذكائه جعلهم يعجزون عن كشف المهام التي كان يقوم بها من جهة، وقوة ثقة المناضلين فيه وحبهم له من جهة أخرى. كان يتمتع بثقة كبيرة لدى مصطفى بن بولعيد، وله كفاءة سياسية وثقافية أكثر من جميع المناضلين الذين يترأسهم في الخلايا وله سمعة كبيرة في أوساط الشعب. وعند اندلاع الثورة المجيدة والتي كانت تفاصيل اندلاعها محاطة بسرية متناهية جدا لا يعلم لحظتها إلا مصطفى بن بولعيد ومناضلين قلائل. قسّم بن بولعيد مهام مناضليه إلى مهام عسكرية وأخرى سياسية قبيل لحظة اشتعال فتيل الثورة المباركة.

علي النمر من المناضلين الذين أسندت لهم المهمة السياسية في أواسط الجماهير الشعبية لدعم الجانب العسكري للثورة ماديا ومعنويا وغرس مبادئها في صفوف الشعب وتعبئتهم وتجنيدهم حولها. ويرجع ذلك إلى أن علي النمر كان من المناضلين الذين لم تكشفهم فرنسا، ولم تتمكن من معرفة نشاطه ودوره الحقيقي في الإعداد للثورة..

إلى أن تم اعتقاله في 1954/11/11 وسجنه في باتنة حوالي ثلاثة أشهر وتعذيبه ومحاكمته ولم تتمكن فرنسا من معرفة الدور الذي كان يقوم به، فاضطرت إلى إخلاء سبيله في شهر فيفري 1955. لكن قوات الاستعمار الفرنسي ظلت تلاحق تحركاته، فالتحق بالعمل العسكري في صفوف جيش التحرير، إلى جانب إخوانه المجاهدين في أوائل شهر مارس 1955.

ومنذ التحاقه بصفوف جيش التحرير الوطني عمل الشهيد علي النمر على نشر وتوسيع رقعة الثورة بتوعية وتعبئة الجماهير الشعبية وتجنيد الشباب في صفوف جيش التحرير الوطني إلى غاية استشهاده في 6 جوان 1958.