يؤكد المجاهد، صادق كيرمان، أن عمارة رشيد، اجتاز مسارا دراسيا لامعا، تنقل من الثانوية الفرانكو إسلامية التي تحمل اسمه الآن، إلى ثانوية بيجو (ثانوية الأمير عبد القادر حاليا)، تحصل على شهادة البكالوريا قبل الالتحاق بجامعة الجزائر للسنة الجامعية 1955-1956، انضم مبكرا إلى العمل السياسي، انخرط في حزب الشعب الجزائري في 1950، وهو لم يبلغ 16 سنة، كان لديه إحساس عميق بالظلم المسلط على الجزائريين من طرف الإدارة الاستعمارية، وكان يطمح للنضال في التيار الذي يطالب باستقلال الجزائر والكفاح بكل الطرق والوسائل لتحقيقه، انضم إلى جبهة التحرير الوطني في ديسمبر 1954.
عمارة رشيد، وكل الذين انضموا إلى الثورة، لم يختاروا الطريق السهل، عكس ذلك اختاروا طريقا مملوءا بالعراقيل والمخاطر، الإيمان بعدالة القضية الجزائرية وحتمية تحرير الجزائر عن طريق التضحيات الجسام والمخاطرة لتحقيق الهدف، هذه الصفات المميزة وأخرى وجدتها في عمارة رشيد عندما تعرفت عليه أول مرة في أفريل 1955 بمناسبة تبادل بين جمعيات الطلبة، يقول كيرمان. ويشير المجاهد إلى انتخاب عمارة رشيد رئيسا لجمعية شباب الطلبة المسلمين الجزائريين، عند انعقاد الجمعية العامة يوم 15 فيفري 1955، في إطار التبادل بين جمعية الجزائر وجمعية قسنطينة، التي كانت برئاسة الأخ علي عبد اللاوي، وكان كيرمان أمين المال، حيث التقى لأول مرة بعمارة رشيد، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشبيبة المناهضة للاستعمار والإمبريالية المنعقد في 21 أفريل 1955، وكان المتحدث حينها ممثل جمعية قسنطينة. جمع هذا اللقاء حوالي 200 شاب أغلبهم من الطلبة والثانويين، يقول كيرمان:”التقيت عمارة رشيد ولونيس وصابر على هامش التجمع، وتبادلنا وجهات النظر، وتبين أن مواقفنا كانت متطابقة ومتقاربة جدا وتبادلنا مناشير، وقد أعطاني عمارة بيان 1 أفريل 1955 المشهور الذي وجه فيه عبان رمضان، نداء للشعب الجزائري يطالبه فيه بمساندة الثورة، وسلمته منشورا أو اثنين وزعا من قبل في قسنطينة”. ويضيف: “عند تعييني كمراقب داخلي في ثانوية بيجو في أكتوبر 1955، عاودت الاتصال بالأخ عمارة رشيد، واندمجت في فوجه.. كنا في البداية أربعة: عمارة، لونيس، صابر.. كان عمارة مسؤولا عن الفوج مكلف بالاتصال مع عبان رمضان، لم يقتصر دور عمارة على تنشيط الفوج فقط. كنا نجتمع مرة واحدة في الأسبوع لضبط أنشطتنا وأخذ التعليمات من المسؤولين بواسطة عمارة، بمحل كائن في نهج ماهون ملك لأب لونيس، من المواضيع التي ناقشناها آنذاك انتخاب قسمة الجزائر للاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، المقررة في 9 ديسمبر 1955 بعد محادثات، اتفقنا على ترشيح عمارة رشيد، عضوا في المكتب بنية أن يصبح رئيسا”. أيام قبل الانتخابات، كلف عمارة رشيد بالسهر على حسن سير الاقتراع دون لفت الانتباه وعدم التدخل إلا في حالة الاستفزاز أو الانزلاق، كان الخطر ضئيلا، لأن جبهة التحرير الوطني قد صادقت على القائمة الوحيدة المرشحة، وفي نهاية هذا اليوم تلقى المجاهد كيرمان، بكل أسف خبر توقيف الأخ عمارة رشيد، رفقة فرحات عباس وأحمد فرانسيس الذين كانوا في طريقهم إلى لقاء عبان رمضان، أطلق سراح فرحات عباس وأحمد فرانسيس بعد استجوابهم لأنهما يتمتعان بالحصانة البرلمانية. ويقول بشير رويس: “لقد تفانى عمارة رشيد كليا في العمل السياسي الوطني إلى حد التميز، اكتسب مودة وإعجاب زملائه الطلبة وبعض قادة الحركة الوطنية آنذاك مثل عبان رمضان، محمد الصديق بن يحيى، بلعيد عبد السلام، بلقبي، مسعود أيت شعبان، علي لونيس، بن يوسف بوديسة، بن قرطبي، لمين خان، عبد القادر كلاش وشقيقه يحيى”.