ولد شهيد الثورة والنقابة، المناضل عيسات إيدير أول سكرتير عام للاتحاد.ع.ع.ج بمنطقة جمعة صهاريج بتيزي وزو بتاريخ 11 جوان 1915.
لم يتمكن الشاب عيسات إيدير من الالتحاق بالمدرسة الوطنية لتكوين الأساتذة لأسباب قاهرة رغم التفوق المدرسي والتحصيل العلمي الذي كان يتميز به، فالتحق بـالأراضي التونسية أين كان يقيم عمه الذي مكنه من مواصلة دراسته هناك والتحضير لدخول الجامعة التونسية .
بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، سرح عيسات إيدير من الخدمة العسكرية الإجبارية برتبة رقيب أول، فالتحق بوظيفته الأصلية بالورشات الصناعية الجوية أين تطورت وظائفه إلى غاية أن وصل إلى رتبة إطار سامي في المحاسبة، مكنته هذه الوظيفة السامية والثقة التي كان يحوز عليها من قبل المجموعة العمالية الجزائرية التي كانت تشتغل بهذه الورشات من كسب ثقة الجميع والترقية، وكانت السلطات الإدارية والسياسية الاستعمارية تتابع تحركات عيسات إيدير الذي بدأ يظهر الكثير من خصال الزعامة، ورفض الأمر الاستعماري وطرح تساؤلات تحرج النظام الكولونيالي المبني على تفوق العنصر الأوروبي على كل ما هو جزائري أصيل، وجدت الإدارة الاستعمارية في الإضراب الذي قام به المناضل النقابي عيسات إيدير ذريعة تكفي لإدانته وتسريحه من العمل بحجة عرقلة العمل وزرع البلبلة في الورشات.
غير أن التضامن بين النقابيين قد مكنه من تجاوز هذا العزل الوظيفي الاستعماري، اُستدعي عيسات إيدير من طرف هيئة تحرير “الأمة الجزائرية” السرية والتابعة لحزب الشعب الجزائري وقد كلف بركن “البروليتري الجزائري”.
دخل معركة الكفاح بقيادة جبهة وجيش التحرير الوطني وكان عمره لا يتجاوز 38 سنة، ناهيك عن خصال الاستقامة والوفاء والتمتع بالسلوك النضالي النظيف الذي يفتح له المجال واسعا في صفوف الثورة.
تجسدت الآمال التي كانت تراود عيسات إيدير وزملاءه منذ أزيد من عشرية كاملة من النضال السري والعلني بالإعلان عن تأسيس الاتحاد.ع.ع.ج وبروز قيادات نضالية تسهم في تحرير الوطن، وتشارك في أشغال البناء، بعد الحصول على الاستقلال، وذلك من أجل بناء مجتمع تضامني ومتقدم.
لم تتوان السلطات الاستعمارية في قمع قيادة المركزية النقابية والزج بإطاراتها ومناضليها القاعديين في السجون.
علم الجيش الاستعماري بخبر عضوية المناضل عيسات إيدير في اللجنة الوطنية للثورة الجزائرية، فقام باستنطاقه في محتشد “بوسي” وفي المركز التابع للمباحث بوهران، قبل أن يحول إلى وحدة عسكرية تابعة للمظليين بقيادة العقيد “بيجار”. لم تتأخر كل من الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في تونس والاتحاد الدولي للنقابات الحرة في بروكسل في الدفاع عن قضية عيسات إيدير وتعيين محامين للدفاع عنه.
ثم حاولت الاتحادية الدولية للنقابات الحرة الحصول على تسريح بنقل عيسات إيدير نحو الخارج للتداوي من الجروح في مركز متخصص بسويسرا، إلا أن هذا الطلب قد رفض رفضا قاطعا من قبل “ذولوفري” ممثل الحكومة الفرنسية في الجزائر.
توفي الشهيد عيسات إيدير، بعد معاناة طويلة ومريرة نتيجة الحروق التي أصابته، يوم 27 جويلية 1959، وهي الوفاة التي أحدثت تأثيرا عالميا في الأوساط النقابية والمحافل الدولية المحبة للحرية والسلام التي نددت جلها بهذا الاغتيال الهمجي.