قبلة العائلات والنوادي الرياضية

غابة بوشاوي… مفضلة الجزائريين على مدار السنين

غابة بوشاوي… مفضلة الجزائريين على مدار السنين

ظلت غابة بوشاوي الوجهة المفضلة لدى الكثير من الجزائريين من سكان العاصمة والولايات المجاورة لها على مدار السنين، رغم إنشاء عدد من المرافق والحدائق العامة التي تنافسها في استقبال الزوار.

غالبا ما تستقبل غابة بوشاوي زوارها خلال العطل الموسمية وعطل نهاية الأسبوع، فتشهد حركة كثيفة وأجواء مميزة يصنعها زوار الغابة وعشاقها، وهو ما وقفنا عليه خلال الزيارة التي قادتنا إلى غابة بوشاوي، حيث ينتابك الحنين للجلوس تحت الأشجار الكثيفة التي تغطي الغابة والديكور المميز الذي صنعته الكراسي المصنوعة من خشب الأشجار التي توحي أنك تعيش في جو مغامرات يسرح بخيالك بعيدا.

 

الأمن والهدوء سمة غابة بوشاوي

رغم إنشاء عدد من المساحات الخضراء والمرافق العامة، إلا أن غابة بوشاوي تعتبر المكان المفضل للكثير من الجزائريين نظرا لشساعتها والخدمات المقدمة بها، إضافة إلى الأمن الذي يبقى الحافز الأساسي للإقبال المتزايد من طرف العائلات، حيث جندت قيادة الدرك الوطني أعوانها للسهر على حفظ الأمن داخل الغابة طيلة أيام الأسبوع مع زيادة أعوان إضافيين خلال يومي الخميس والجمعة اليومين اللذين يسجل فيهما الرقم القياسي من حيث عدد الإقبال.

علما أن فرق الدرك الوطني تعمل بالتنسيق مع مديرية الغابات التي تخصص في أوقات العطل فرقا متنقلة وشاحنات بصهاريج للتدخل السريع في حالة وقوع حرائق.

 

وقد ساهم وجود الأمن في غابة بوشاوي في عودة العائلات إليها خاصة بعد أن تم تهيئتها من خلال وضع طاولات وكراسي مصنوعة من خشب أشجار الغابة، الأمر الذي سمح للعائلات بوضع ما يحضرونه من مأكولات من المنزل أو تلك التي تقتنيها من المحلات المتواجدة على مستوى الغابة، إضافة إلى المحلات التي هيئت لاستقبال الزوار في ظروف ملائمة .

 

جولة على الخيل وسط الأشجار

أكثر ما يميز غابة بوشاوي، وما يجلب زوارها من الأطفال خاصة هي الأحصنة التي أصبحت بوشاوي تتميز بها، إذ يقصدها عدد كبير من هواة ركوب الخيل للاستمتاع بجولة بين الأشجار الشامخة إما على ظهر الحصان أو فوق “الكاليش” الذي زاد من روعة المكان، وقد حدد سعر الجولة الواحدة على الخيل بـ100 دينار والجولة على الكاليش بـ150 دينارا، في حين لا يدفع مقابل ركوب الأطفال الخيول الصغيرة “البونيه” إلا 50 دينارا، وتعتبر أغلب العائلات هذه الأسعار معقولة، خاصة وأن الدخول إلى الغابة مجاني عكس الأماكن الترفيهية الأخرى التي يشترط فيها دفع مبلغ ولو رمزي.

وخلال اقترابنا من الراغبين في ركوب الأحصنة، فوجئنا بهم وهم يحفظون أسماء الأحصنة، بل ويظهر من تعاملهم معها أنهم على علاقة صداقة معها، حتى أن بعض الأطفال كانوا يشترطون ركوب خيل محدد، لأنه تعوّد عليه وكسب وده.

وبالإضافة إلى الزوار المعتادين للغابة، فإنها تستقبل أيضا الكثير من الزوار العاديين الذين يفرون من ضجيج المدينة للتمتع بقليل من الهدوء، ناهيك عن الرياضيين سواء المحترفين منهم أو الهواة الذين يجدون في الغابة المكان الأمثل للتدريب والتحضير لمنافساتهم، بينما يتخذه بعض المواطنين من بينهم نساء فضاء ملائما للركض، إما في الفترة الصباحية أو في المساء.

 

إقبال كبير.. زوار دائمون وآخرون موسميون

لم يكن جمال الغابة وروعة المكان مفاجأة لنا، لأن غابة بوشاوي مشهورة ومعروف عنها جمالها حتى بالنسبة للذين لم تتسنَ لهم فرصة زيارتها، ولكن ما يجعلك تندهش حقا هو الإقبال الكبير رغم أن العطلة الصيفية لم تبدأ رسميا، وحاولنا خلال زيارتنا تبادل الحديث مع زوار الغابة دون أن نقطع عليهم متعتهم، أول من تحدثنا إليها كانت السيدة “ليلى” التي كانت تراقب أطفالها وهم في أعلى الأرجوحة، فقالت لنا “لقد سلبني هذا المكان وأنا أزوره رفقة عائلتي منذ سنة كاملة، بل أصبحت كل عائلتي تفضل هذا المكان خاصة الأطفال الذين يجدون فيه المكان المثالي للعب والمرح وسط الأشجار”، سيدة أخرى كانت جالسة وأمامها إبريق الشاي وبعض الحلويات المصنوعة في البيت، قالت إن غابة بوشاوي مكان عائلي بامتياز، ولذا فهي تزورها باستمرار لكسر الروتين والتخلص من أعباء الحياة وهمومها، وحسب ما سمعنا من أصحاب الأحصنة، فإن عددا لا بأس به من العائلات خاصة في فصل الصيف تتوافد على الغابة في المساء لتناول وجبة العشاء المحضرة في البيت تحت الأشجار وفي الهواء الطلق لتغادر المكان مع بداية حلول الظلام.

كما أكدت بعض العائلات، في حديثها لـ “الموعد اليومي”، أنها تقصد هذا المكان الجميل من أجل كسر الروتين القاتل والهروب من ضوضاء المدينة.

وفي سياق متصل، كشفت ربة بيت أنها المرة الأولى التي تقصد المكان بغية استنشاق الهواء النقي معبرة عن إعجابها الكبير بالمكان وبالطبيعة. ورغم جمال المكان، إلا أن هذا الأخير يعاني من نقص في المرافق الضرورية، مما يشكل نقطة سوداء بالنسبة لزائري هذا المكان كانعدام دورات المياه رغم المساحة التي تزخر بها هذه الغابة، وهو ما أثار استياء مرتادي المكان، وفي السياق ذاته، أبدت إحدى الزائرات امتعاضها لنقص المرافق الضرورية، مبدية آمالها أن يتدارك الأمر مستقبلا، وشاطرها الرأي أحد الزوار، مضيفا أن هناك نقائص يعاني منها الزائر كانعدام مصلى بالإضافة إلى المراحيض العمومية.

للإشارة، فإن الإقبال على غابة بوشاوي لا يقتصر على العائلات العاصمية فقط، بل يقصدها سيّاح من الولايات الأخرى على غرار البليدة وبومرداس وغيرها.

 

غابة بوشاوي.. ملاذ الباحثين عن الراحة

من جهة أخرى، كشف المسؤولون أن هذه المساحة الخضراء الشاسعة تستقطب قرابة ألف زائر خلال العطل، وخلال نهاية الأسبوع، حيث تعتبر بوشاوي ملاذا للأشخاص الباحثين عن الراحة من كل الفئات العمرية، وتنشيط الدورة الدموية من خلال ممارسة الرياضة بكل أنواعها، حيث تظل هذه الغابة الوجهة الوحيدة للعاصميين لممارسة هذا النشاط بالهواء الطلق.

ويُعد يوم الجمعة هو أكثر أيام الأسبوع إقبالا من طرف هواة ممارسة النشاط البدني، حيث يأتون في الصباح الباكر وفي بعض الأحيان بعد تأدية صلاة الفجر مباشرة، عندما تكون الأحوال الجوية مواتية، كما أن تأمين المكان بانتشار عناصر الدرك الوطني ليلا ونهارا وتهيئة الأرضية شجع عائلات على جلب أبنائهم إلى هذه الغابة التي تعتبر متنفسا هوائيا طبيعيا خالصا.

 

دعوة لتنمية الحس المدني للحفاظ على الغابة الساحرة

ورغم روعة غابة بوشاوي كفضاء طبيعي ساحر والجو الذي يصنعه الزوار بنشاطهم، إلا أننا لاحظنا مع الأسف بعض النقاط السوداء خاصة فيما يتعلق بغياب النظافة بهذا المكان الذي يعود إلى نقص الحس المدني لدى بعض الزوار الذين لا يهتمون بنظافة المحيط، ما يترتب عنه تراكم النفايات في المكان الذي احتضنهم لساعات، إضافة إلى بعض النقائص المسجلة في حالة بعض المرافق والألعاب كالأراجيح المهترئة بعض الشيء ما يشكل خطرا على الأطفال، كما أنها قائمة على أرضية متصدعة من شأنها أن تتسبب في جروح إذا حدث وأن سقط الطفل عند نزوله من الأرجوحة ونفس المشكل بالنسبة للمزلاج الذي أبدى بشأنه العديد من الزوار استياءهم.

لمياء بن دعاس