فتنة الدنيا

فتنة الدنيا

ليس يخفى أن أودية الدنيا سحيقة، وشعابَها كثيرةٌ متفرقة، والخلاصَ من فتنتها والسموَّ عن زخرفها والنجاةَ من غرورها يحتاج إلى مجاهدةٍ للنفس، واستعانة بالعليِّ الأعلى، فحب الدنيا مغروس في النفوس، ” وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ” الفجر: 20. والحقيقة: ” أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ” الأنفال: 28، وكلما زاد المال أو تقدم بالإنسان العمر زاد ولعه وتعلقه بالدنيا، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يقول: “يهرم ابن آدم ويشب منه اثنتان: الحرص على العمر، والحرص على المال”. ومما يعين على الخلاص من فتنة المال والدنيا، التوكل الحق على الله، والاستغناء به وحده عما سواه، ففضل الله واسع، ورحمته تنال في الدنيا والآخرة لمن شاء، ومما يُنَبَّه عليه أن همة المرء ينبغي ألا تكون في أمور الدنيا وننسى الآخرة. فالله تعالى يقول: ” مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ” النساء: 134. إذن علينا أن لا نكون قاصري الهمة في التفكير في الدنيا فقط والسعيَ لها وسؤال الله صلاحَها، بل لتكن هممنا ساميةً إلى نيل المطالب العالية في الآخرة أولا؛ وقال تعالى مبشرا ومحذرا ” مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ” الشورى: 20، وقال تعالى: ” مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ” الإسراء: 18، 19، وقال تعالى: ” فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ” البقرة: 200. فالحذر من تعلق القلب بالدنيا ونسيان الآخرة، ثم لا ننسى بعد سؤال الله صلاحَ آخرتنا أن نسأله صلاح أمور دنيانا، بل ذلك أمر مطلوب فالعبد في أمس الحاجة إلى ربه في دنياه وآخرته، قال تعالى: ” وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ” القصص: 77.

 

من موقع وزارة الشؤون الدينية