يمكن تحقيق تقدم في ملف الذاكرة لتهدئة الأجواءلأجل علاقات اقتصادية ،الرئيس تبون:

 فرنسا أقرت بالإبادة في الجزائر وننتظر الاعتذار.. احتياطي الصرف والإنتاج المحلي سيقينا اللجوء إلى “الأفامي”

 فرنسا أقرت بالإبادة في الجزائر وننتظر الاعتذار.. احتياطي الصرف والإنتاج المحلي سيقينا اللجوء إلى “الأفامي”

 * مشروع الدستور يقدم نموذجا جزائريا أصيلا يعبر عن ثقافتنا

* نفس المؤثرين في دمار سوريا موجودون في ليبيا

الجزائر -أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وجود فرصة للتوصل إلى علاقات “هادئة” مع فرنسا، مضيفا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”نظيف” عندما يتحدث عن “الماضي الاستعماري”.

وقال تبون في حوار مع قناة فرانس 24، مساء السبت: “مع الرئيس ماكرون، نستطيع أن نذهب بعيدا في التهدئة وفي حل المشاكل المتعلقة بالذاكرة. إنه رجل نظيف ويسعى إلى تهدئة الوضع. يريد أن يخدم بلاده فرنسا ولكن في نفس الوقت السماح لعلاقتنا أن تعود إلى مستواها الطبيعي. علاقات بين بلدين مستقلين وبين بلدين سياديين”.

ورأى تبون أن “ماكرون صادق في كل ما يقوله، وهو رجل نظيف من الناحية التاريخية”، مرحبا بعودة جماجم مقاومين جزائريين الذين قتلوا خلال حقبة الاستعمار الفرنسي، قائلا: “هذه الخطوة تمثل نصف اعتذارات فرنسا عن الجرائم التي ارتكبتها خلال تلك الفترة”، معربا عن أمله أن “تواصل فرنسا على نفس المنهج وتقدم كامل اعتذاراتها”.

وأضاف “هذا سيُتيح تهدئة المناخ وجعله أكثر صفاء من أجل علاقات اقتصاديّة، من أجل علاقات ثقافيّة، من أجل علاقات حسن جوار”، مذكّراً بالدور الذي يمكنه أن يلعبه في هذا المجال ستّة ملايين جزائري يعيشون في فرنسا، لافتا أيضا بالقول “نحن دولة نافذة لديها كلمتها في المجتمع الدولي لا سيما على الصعيد الإقليمي”.

وبخصوص تبادل الزيارات من قبل رئيسي الدولتين إلى الجزائر وفرنسا، اعتبر تبون أنهما ستكونان زيارتا دولة وأنهما تستدعيان الكثير من الوقت، مبرزا أن ذلك سيكون محل دراسة من الجانبين عندما يزول وباء كورونا.

وفي هذا الجانب، ذكر رئيس الجمهورية أن مثل هذه الزيارات تتطلب عشرة أيام من الغياب على الأقل ليتم الإعداد لها، مشيرا إلى الجدول الزمني بالجزائر الذي يعرف التسريع في العملية الديمقراطية.

 

تشديد إجراءات الحجر الصحي احتمال وارد

وأكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أن كل القرارات المتخذة بخصوص الحد من تفشي وباء كورونا العالمي تبنى على أساس توصيات المجلس العلمي، مشيرا إلى احتمال تشديد إجراءات الحجر الصحي “إن لزم الأمر ذلك”.

ولم يستبعد رئيس الجمهورية تشديد إجراءات الحجر الصحي في حالة ما إذا أوصت به اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة تطور وباء كورونا باعتبارها – كما قال- الوحيدة التي تملك كافة الصلاحيات لإقرار التوصيات المتعلقة بمجابهة وباء كورونا العالمي.وبعد أن أشار إلى أنه بالرغم من ارتفاع عدد الإصابات إلا أن الزيادات تظل “في حدود المقبول”، أوضح الرئيس تبون أن أغلب هذه الإصابات مصدرها الأعراس والتجمعات العائلية في الأماكن المغلقة، مضيفا أنه تم توجيه تعليمات للمسؤولين المحليين للجوء إلى الحجر الجزئي في الأحياء والمدن إذا اقتضت ذلك الضرورة.

وأضاف الرئيس أن هناك من الشباب من يعتقد “أننا نستعمل هذا الوباء كشبح لمحاولة فرض الحجر عليهم ومنعهم من التعبير عن أرائهم”.وبخصوص فتح المجال الجوي، أوضح الرئيس تبون أن هذا الأمر “متوقف على قدراتنا وخشيتنا من زيادة عدد الإصابات”، مذكرا بمختلف الإجراءات التي اتخذتها الجزائر خلال عملية إجلاء رعاياها الذين يتم عزلهم صحيا لمدة أسبوعين لتفادي تفش الوباء.وأضاف رئيس الجمهورية أن هذا الإجراء الوقائي سمح بإحصاء بين 40 و50 مصابا ضمن هؤلاء الذين تم إجلاؤهم.

 

لم أكن يوما مع العهدة الخامسة

وفي الشأن الداخلي نفى الرئيس تبون دعمه العهدة الخامسة التي ترشح فيها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، مشيرا بالقول: “استغربت حينما تم ترشيحه لأنني كنت على إطلاع على وضعه الصحي الذي لم يكن يسمح له بقيادة البلاد ولم أدعم بأي شكل من الأشكال تلك العهدة، وقتها كنت في بيتي”.وأوضح: “لم أكن يوما مع العهدة الخامسة لأنه تم استبعادي منذ 2017 بينما محاولة فرض العهدة الخامسة كان في 2019”.

وحول محاكمة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، أكد تبون أن هذا القرار “يعود إلى العدالة وحدها”، مشيرا أن العدالة لم تطلب الاستماع للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وهي مستقلة عن أي أوامر.

وقال تبون إن “العدالة قد فصلت وبثت في الأمر لكنها قادرة على استدعاء أي شخص كان إن رأت ذلك”، موضحا بأن القضايا المطروحة أمام العدالة “ليست سياسية” وإنما المسألة تخص سوء استغلال للسلطة من قبل مسؤولين سابقين.

 

الاستفتاء على الدستور بين سبتمبر وأكتوبر المقبلين

وبخصوص ملف مسودة الدستور قال الرئيس إن لجنة الخبراء تعمل حاليا على صياغة المشروع النهائي بناء على الاقتراحات المقدمة وأشار إلى إمكانية توسيع تشكيلة اللجنة إلى أعضاء آخرين.

ولمّح تبون لإجراء الاستفتاء على تعديل الدستور الذي تم طرح مسودته قبل فترة على الأحزاب والمجتمع المدني، مع الدخول الاجتماعي الذي تشهده البلاد بين شهري سبتمبر وأكتوبر المقبلين.

وفي هذا السياق، قال الرئيس: “نتوقع استفتاء تعديل الدستور بين سبتمبر وأكتوبر”، وواصل تبون “نتوجه نحو نظام شبه رئاسي بصلاحيات واسعة للبرلمان وغلق المنافذ أمام الحكم الفردي”.

وفي هذا الصدد “وبالرغم من كل هذا فان النقاشات حول مسودة الدستور تتواصل كما أنها تتسارع في الآونة الأخيرة ولدينا حوالي ألفي مقترح حول المحتوى تخص حذف أو تغيير أو توسيع وإضافات”، حسبما ذكره تبون، مضيفا أن اللجنة المكلفة بالصياغة قد بدأت في توسيع اجتماعاتها للاستماع إلى المزيد من الآراء.

كما أن مشروع تعديل الدستور سيقدم نموذجا جزائريا أصيلا مبنيا على النظام شبه الرئاسي_  أضاف تبون- ويعبر عن ثقافتنا “لأننا نعتبر أن التقليد الأعمى ليس له أي نفع”، مضيفا أن الدستور الجديد سيعزز من صلاحيات الهيئة التشريعية وسيمكن نواب البرلمان من تقديم مقترحات قوانين وإنشاء لجان رقابة حول أي موضوع وبخصوص أي قطاع وزاري.

 

الإفراج عن محبوسين آخرين من نشطاء الحراك أمر ممكن

وفي إجابته على سؤال يخص إمكانية الإفراج عن سجناء آخرين محسوبين على الحراك الشعبي، أفاد رئيس الجمهورية بأنه “مارس صلاحيات العفو التي يضمنها الدستور ولم يستبعد العفو على آخرين في إطار مسعى تهدئة النفوس”.وقال تبون: “سأعفو عن المساجين كلما استحق الأمر، ويمكن أن أعفو عن آخرين لاحقا”، مؤكدا أن ذلك يأتي في إطار تطبيق صلاحيته.وأضاف تبون أنه “ليس هناك تضييق على حرية التعبير في الجزائر، بل على سلوكيات الشتم والتحريض التي يعاقب عليها القانون”، مؤكدا أن الجزائر البلد الوحيد عربيا وأفريقيا، الذي يحصي المئات من الجرائد المستقلة.وفي رده عن سؤال حول الانتقادات التي توجهها بعض المنظمات غير الحكومية الدولية للجزائر، واتهامها لها بالتضييق على الحريات، أشار الرئيس إلى أنه “من حق هذه المنظمات أن تقول ما تشاء”، مضيفا أن في الجزائر عددا هائلا من الصحف التي تعمل دون أي تضييق في حرية التعبير.

 

الجزائر ليست في خطر اقتصاديا

وفي الشأن الاقتصادي، استبعد تبون اللجوء إلى صندوق النقد الدولي مبينا أن “الجزائر ليست في خطر” وأنها تزخر باحتياطات للصرف والتي حتى وان لم تكن هائلة وإنما تمكنها من ضمان الإنفاق لسنة أو سنتين بدون مشكل”.

وفي هذا الصدد ذكر بأن الفلاحة في بلادنا حاليا تختلف عما كانت عليه في السابق حيث أنه تم إنتاج ما قيمته 25 مليار دولار من المنتجات الفلاحية في 2019 الأمر الذي جاء في الوقت المناسب أين تزامن ذلك وتهاوي أسعار النفط”. وتابع رئيس الجمهورية قوله “أن هذا التطور في الإنتاج الفلاحي سمح لنا بتحقيق الاكتفاء الغذائي والتخلي أكثر فأكثر عن الاستيراد”.وشدد على أن الجزائر تفضل تجنب اللجوء إلى صندوق النقد الدولي “لأن الجزائر بلد اجتماعي أين يتم ضمان تحويلات اجتماعية هائلة لفائدة المواطنين”.

 

نفس المؤثرين في دمار سوريا موجودون في ليبيا

وفي الشأن الليبي، قال الرئيس تبون إن “الأمور في ليبيا قد تنزلق إلى ما يتجاوز النموذج السوري أوما يحدث في سوريا حاليا، إذا لم يتم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار ووضع أسس لإعادة بناء الدولة على أسس الشرعية الشعبية”.وأضاف: “نفس الفاعلين ونفس المناهج المتبعة في سوريا موجودة في ليبيا، ومن حسن الحظ أن القبائل تحلت بالحكمة عكس ما يظنه الكثيرون، المرتزقة هم من ارتكبوا الانتهاكات”.

وتابع قائلا “لقد طفح الكيل، والقبائل ستبدأ بالدفاع عن نفسها وتسليح نفسها، وحينها لن يكون الحديث عن النموذج السوري بل النموذج الصومالي، ولا يمكن لأحد فعل أي شيء….البلد يمكن أن يتحول إلى ملاذ للإرهابيين والجميع سيرسل إرهابيه إلى ليبيا حتى يطهر بلده”.

وذكر تبون، أن الجزائر تقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء في ليبيا، مشيرا إلى أن “رؤية الجزائر لحل الأزمة الليبية تتوافق مع فرنسا وإيطاليا، وأن الكر والفر بين الجيوش ليس هو الحل النهائي”.

واستطرد بالقول “الحل النهائي يتطلب استشارة الشعب الليبي من خلال تنظيماته كالقبائل مثلا، وتنظيم الانتخابات لمؤسسات تضم كل مكونات الشعب الليبي….إذا طلبوا منا، فالجزائر على استعداد لاستضافة الحوار الليبي- الليبي”.

 

على المغرب أن يغير تصرفاته إزاء الجزائر

وتطرق الرئيس إلى علاقات الجزائر مع المغرب، قائلا: “بعد التصعيد اللفظي، نشهد تصعيدا أخطر يتمثل في بناء المغرب لقاعدة عسكرية قرب حدودنا”، رافضا تأكيد أو نفي ما إذا كانت الجزائر هي الأخرى بصدد بناء قاعدة أو قاعدتين عسكريتين على الحدود مع المغرب.

وبيّن أن “الجزائر ليس لديها أي مشكل مع شعب المغرب ولا مع ملك المغرب، وأنه على المملكة أن تغير تصرفاتها إزاء الجزائر”، مؤكدا أنه “مستعد لقبول أي مبادرة للحوار”.

وعن مستقبل العلاقات، قال تبون: “إلى حدود الآن، التوتر ما زال لفظيا، ونرى أن الأشقاء المغاربة مروا إلى مرحلة أخرى، ونتمنى أن تتوقف الأمور عند هذا الحد، وصوت العقل كان دائما الأعلى في علاقات البلدين”.

وأضاف: “إذا كانت هناك مبادرة من الإخوة المغاربة لتجاوز التوتر، سنرحب بها بالتأكيد، وأظن أنهم يمكنهم إطلاق هذه المبادرة، لإنهاء هذه المشاكل”، بما فيها مسألة فتح الحدود البرية، مذكرا مرة أخرى بأن المغرب هو من اتخذ قرار غلقها، حيث كان هذا القرار مذلا للجزائريين.. رغم أن الجزائريين لا يحملون أي حقد لأشقائهم المغاربة، لا مع الشعب ولا مع الحكومة ولا مع الملك.

أمين.ب