تناقلت وكالة الأنباء الفرنسية اعترافات لمؤرخين فرنسيين بأن الاستعمار الفرنسي عمل على استبدال الشعب الجزائري بآخر أوروبي، مع تسليطهم الضوء على جرائم الحقبة الاستعمارية لفرنسا بالجزائر.
واجمع المؤرخون الفرنسيون بأن ما انتهجته فرنسا خلال الحقبة الاستعمارية بالجزائر كان سياسة استبدال شعب بآخر من المستوطنين، وهو موقف عبر عنه المؤرخ أوليفييه لوكور غرانميزون، المتخصص في التاريخ الاستعماري، قائلا إن فرنسا طبقت “في البداية، ‘طرد العرب’ من ديارهم واستبدالهم، ثم منطق استغلال أراضيهم ونهبها”.
وأضاف غرانميزون أن هذه الأحداث “إرهاب دولة كان الهدف منها ارتكاب مجازر لتكون عبرة ولإخضاع السكان الأصليين بسهولة ”، من خلال جريمة ضد الإنسانية، فبالإضافة إلى “الخنق بالدخان”، كان هناك “تدمير لعشرات القرى وترحيل آلاف المدنيين” بدون مواشيهم إلى أراضٍ أقل خصوبة، مما أدى إلى مجاعات وأوبئة قضت على أعداد كبيرة منهم.
وقال غرانميزون أن كانت فترة “حرب ماحقة”، زال فيها “التمييز بين المدنيين والعسكريين وبين ساحات القتال وأماكن العبادة” التي انتُهكت حرمتها حتى عندما لجأ إليها مدنيون للاحتماء.
بدوره، قال المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا أن الأمر كان “شبيهاً بالسياسة التي تم اختبارها في الغرب الأميركي، نأتي بمستوطنين للسيطرة على البلاد، حيث لا توجد استراتيجية وهناك استيطان تدريجي بإضافة سكان يصلون في حركة غير منظمة”.
وأضاف ستورا إن “غزو الجزائر كان مروعا وجرى باستخدام العنف”، وفي الجزائر “استخدم الجيش الفرنسي الأرتال الجهنمية التي استخدمت ضد المتمردين في حرب فونديه في بداية الثورة الفرنسية، وهي تقوم على قتل السكان وترحيلهم”.
وقال ستورا أن هذا ما حصل في البليدة، بالقرب من الجزائر العاصمة، حيث “قُتلت أكثر من 600 امرأة وطفل ومسن” في نوفمبر 1830، كما ذكر المؤرخ قيطوني، ومنذ عام 1840، عندما واجهت فرنسا أزمة اقتصادية كبيرة، “قررت الحكومة (الفرنسية) احتلال الجزائر بأكملها وتوطين ‘فائض السكان الفرنسيين’ فيها”.
ووثق المؤرخون حالات لخنق الجزائريين بالدخان، كما حدث في منطقة الصبيح (11 جوان 1844) وفي منطقة الظهرة (18 يونيو 1845)، حيث أبيدت خلالهما قبائل بأكملها لجأت إلى كهوف سُدت واختنق من كانوا بداخلها بدخان نيران أشعلت بأوامر من الجنرالات الفرنسيين.
وحسب منصور قديدير، الباحث في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية في وهران، أن المرحلة الأولى من الغزو تضمنت “إرادة متعمدة للقضاء أو على الأقل لإنقاص عدد السكان حتى لا يشكلوا خطرا على جيش الاحتلال”.
ففي 1880، قدّر الديموغرافي الفرنسي رينيه ريكو أن “عدد السكان الأصليين انخفض بنحو 875 ألفًا بين عامي 1830 و1872”.
وعلى الرغم من ذلك، بدأ عدد الجزائريين بعدها يزداد، حتى أنه تضاعف بين عامي 1906 و1948 ليصل إلى تسعة ملايين نسمة.










