فلسطين بأقلام شعراء جزائريين.. أم القضايا دون منازع

فلسطين بأقلام شعراء جزائريين.. أم القضايا دون منازع

لم يكن الشعراء الجزائريون معزولين عن قضايا أمتهم العربية، رغم الجدار الحديدي الذي ضربه حولهم الاستعمار الفرنسي، وتأتي قضية فلسطين في الصدارة، وما زالوا على مدار السنين يتفاعلون مع تطوراتها. تصدوا وبدرجات مختلفة، إلى كل المؤامرات الداخلية والخارجية التي كانت سببا للكثير من النكبات.

البداية كانت ما كتبه الشاعر محمد العيد آل خليفة عن غدر الإنجليز وتآمرهم مع الصهاينة في أسلوب كله سخرية واستهزاء. كما أن الكثير من الشعراء الجزائريين لمسوا خيوط المؤامرة على فلسطين، ففي سنة 1930، كتب أحد الشعراء الناشئين قصيدة تزخر بالمشاعر النابضة والإيحاءات النافذة، وقد سعى في تلك الفترة، عدد كبير من الشعراء، إلى توعية الجماهير بالمخاطر المحدقة بفلسطين، وبعد الأحداث التي وقعت سنة 1929، نتيجة ازدياد النفوذ الصهيوني في القدس، كتب الشاعر عبد الرحمن العقون قصيدة اشتهرت فيما بعد أيما اشتهار، وسمها بـ “آه على أمة القدس التي بسطت للجار إحسانها”.

ومن بين الشعراء الذين تفاعلوا مع التطورات التي وقعت في فلسطين، في تلك المرحلة، بشكل كبير، محمد العيد آل خليفة، الذي عبر عن رفضه للتقسيم، إضافة إلى الشاعر أحمد سحنون الذي كتب الكثير عن مأساة فلسطين وجراحها، واتسم شعرهم بالحماسة والرفض في تناولهم للصراع.

وأعطت التطورات التي وقعت سنة 1948، الشعراء الجزائريين نفسا جديدا للخروج من الدائرة التي كانوا يدورون فيها، وجعلتهم أكثر التزاما وأكثر واقعية في توعدهم بالأخذ بالثأر والانتقام لفلسطين، التي اعتبروها قضية كل العرب الأولى. ومن أبرز الشعراء الذين كتبوا عن فلسطين في تلك الفترة، الشاعر عبد الكريم العقون، الذي كتب الكثير قبل النكبة وبعدها، كما تأثر الشاعر عبد الوهاب بن منصور بما وقع لفلسطين، وكتب مجموعة من القصائد التي يطبعها الحزن والألم الشديد على ما وقع لفلسطين الحبيبة، من بينها قصيدة “قم في الحشود” كتبها سنة 1949.

وعاصر الشاعر محمد جريدي مأساة فلسطين، وكتب أشعارا كثيرة، شرح فيها أسباب الهزيمة وفق رؤيته الخاصة للتطورات التي وقعت مع بداية العشرينات. أما الشاعر صالح خرفي، فقد كتب الكثير من القصائد عن فلسطين وربطها بواقع الجزائر، وأكد ضرورة الوحدة بين مختلف الأقطار العربية في وجه أعداء الأمة.

وتأكد جليا أن الشعر الجزائري الذي كتب عن فلسطين في تلك الفترة، أصبح شعارا للوحدة العربية، وقد تجاوب بشكل كبير مع الأحداث التي وقعت في فلسطين، رغم الحواجز التي وضعها الاستعمار الفرنسي لعزل الشعب الجزائري عن قضايا أمته العربية. ومع الاستقلال أدرك شعراء الجزائر أن المشوار لم ينته، وظلوا يؤكدون على أن اكتمال استقلالهم مرتبط بتحرير الأراضي الفلسطينية، وعلى سبيل المثال، فإن الشاعر والمناضل الكبير أبو القاسم خمار، كتب سنة 1962 قصيدة “هتاف الجزائر”، عبر فيها عن فرحته باستقلال وطنه، غير أن فرحته الكبيرة بانتصار وطنه، لم تنسه الآلام التي يعانيها الشعب الفلسطيني، لاسيما الذين هجروا منه إلى خارج ديارهم.

ومن بين الشعراء الذين أكدوا في الكثير من قصائدهم، على عودة الشعب الفلسطيني إلى أراضيه التي هجروا منها، الشاعر محمد الأخضر السائحي، ولعل أشهر قصائده التي أنشدها الكثير من أبناء الشعب الجزائري، قصيدة “حلفنا سنعود” التي كتبها سنة 1963. كما كتب الشاعر الدكتور صالح خرفي، جملة من القصائد التي أظهر فيها حزنا شديدا على ضياع فلسطين، وعلى زرع نبتة خبيثة في قلب الأرض العربية، وظل يؤكد في جميع قصائده، على الوحدة العربية لتحقيق آمال الأمة.

ومن بين الشاعرات اللاتي كتبن الكثير عن فلسطين، الشاعرة مبروكة بوشامة، ولعل الطابع العام الذي تميز به الشعر الجزائري بعد الاستقلال في معالجته لقضية فلسطين، هو رفض الاستسلام والخنوع، والدعوة إلى الاتحاد والتضامن لمواجهة العدو الأول للأمة العربية، ومن بين الشعراء الذين رفضوا الهزيمة بشدة، الشاعر أحمد هويس ومفدي زكريا، وخمار ومحمد ناصر وأزراج عمر.

ب\ص