في اليوم العالمي لمكافحة تعاطيها.. آفة المخدرات تأخذ منحى تصاعديا وارتفاع كبير لقضاياها في المحاكم!

في اليوم العالمي لمكافحة تعاطيها.. آفة المخدرات تأخذ منحى تصاعديا وارتفاع كبير لقضاياها في المحاكم!

يحيي العالم، اليوم العالمي لمكافحة المخدرات حسب الاستراتيجية العامة الموضوعة من الأمم المتحدة، وبالمناسبة ستنظم منظمات المجتمع الوطني ملتقيات وستنعقد محاضرات علمية وإعلامية تحسيسية بخطورة الظاهرة وتفاقمها، خاصة وأن المتتبعين للظاهرة يتوقعون أن تتحول الجزائر من بلد مستهلك إلى بلد منتج للمخدرات في السنوات القادمة إذا لم يتم تعزيز آليات مكافحة الظاهرة.

تعد ظاهرة المخدرات من الآفات الاجتماعية المدمرة التي ينبغي مواجهتها بكل عزم

وثبات لأن الأمر يتعلق بصحة وأمن واستقرار الأمة برمتها، وليس هناك أدنى شك على أن العلاقة بين تهريب المخدرات واستهلاكها وأشكال الإجرام الأخرى قائمة، بل أصبحت علاقة عضوية وواضحة.

200  ملف يوميا في مجالس القضاء

دق أصحاب الجبة السوداء ناقوس الخطر فيما يخص التزايد الرهيب لقضايا المخدرات في المحاكم، مؤكدين أن هذه السموم لم يعد استهلاكها والمتاجرة بها منحصرا في فئة معينة من الشباب، بل أصبحت حسبهم، تستقطب تلاميذ الابتدائي والطلبة وكل شرائح المجتمع.

وكشف العديد من المحامين أن المحاكم الابتدائية في المدن الجزائرية الكبرى، كالعاصمة، تعالج يوميا معدل 40 ملفا يتعلق بترويج واستهلاك المخدرات، فيما وصل عدد هذه الملفات في محكمة الاستئناف لدى مجلس قضاء العاصمة، في الآونة الأخيرة إلى 200 ملف يوميا.

وحسب رئيس الهيئة المدنية لإدماج ذوي السوابق العدلية، المحامي عمار حمديني، فإن محاكم الجنايات في سابقة لتاريخ القضاء الجزائري، أصبحت تنظر في 6 إلى 7 قضايا متاجرة بالمخدرات في اليوم، وهذا أمر وصفه بـ _الخطير_، حيث كانت المحاكم الابتدائية في سنوات ماضية تعالج أقل من 10 ملفات يوميا تتعلق بالمخدرات، وإن هذه القضايا لم تكن تمثل إلا ملفا أو اثنين في الجنايات.

وفي السياق ذاته، اعتبر المحامي لدى مجلس قضاء الجزائر، سليمان لعلالي، أن ما يحدث في المحاكم هذه الأيام، أمر يثير القلق خاصة وأن قضايا المخدرات والسرقة باتت تهيمن على باقي القضايا، وأن ملفاتها زادت بشكل رهيب يدعو إلى دق ناقوس الخطر.

تزايد غير مسبوق لقضايا المخدرات

وقال المحامي لعلالي إن المخدرات والحبوب المهلوسة، غزت الأحياء الشعبية وانتشرت بين التلاميذ وبين الشباب بمختلف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية والتعليمية، وعلق قائلا: _هناك انفجار غير مسبوق لقضايا استهلاك وترويج المخدرات”.

وفي السياق ذاته، يرى الحقوقي عمار حمديني، أن الحجر الصحي وتداعيات إجراءات فيروس كورونا المستجد، كانت من بين أسباب ترويج الحبوب المهلوسة والمخدرات، ونظرا لتدني المستوى المعيشي لدى شريحة واسعة من المجتمع، وجدت العصابات فرصة سانحة لاستقطاب الشباب وتوريطهم في المخدرات بمختلف أنواعها، حيث أصبحت مصدر رزق وربح سريع، ورغم غلق الحدود وتعليق الرحلات الجوية، إلا أنه بمجرد عودة وسائل النقل البرية الداخلية، عادت قضايا المخدرات بقوة في الآونة الأخيرة.

وقال حمديني إن شبكات مجهولة أغرقت الشباب الجزائري في إدمان المخدرات، وإن هذه الأخيرة هي الفئة الأكثر تضررا وهي من تُجر إلى المحاكم والسجون، في حين إن رؤساء هذه الشبكات يبقون بعيدا عن النظر والمتابعة القضائية، حيث طالب بتشكيل هيئة أو جهة وزارية مكلفة بالأحياء التي تنتشر فيها هذه السموم، على غرار ما حدث مع مناطق الظل.

وتساءل رئيس الهيئة المدنية لإدماج ذوي السوابق العدلية، عمار حمديني، قائلا: _من المسؤول عن هذا الانتشار الرهيب للمخدرات؟.. من يورط شبابنا اليوم؟.. من أين يحصل هؤلاء على هذه المخدرات؟_، ودعا إلى فتح الحوار مع شباب الأحياء الشعبية، محمّلا المسؤولية للأميار ورؤساء الدوائر والولاة الذين عليهم أن يستقبلوا هؤلاء، ويتحاوروا معهم ويفهموا انشغالاتهم.

السجن والقوانين الردعية.. هل هي كافية؟؟

ويرى حمديني أن سن القوانين والسجن وحدهما لا يكفيان للحد من ظاهرة المخدرات، وأن الحبس من 10 إلى 20 سنة لن يحل المشكل، لأن الأمر اليوم يتعلق بالحوار مع المسؤولين المحليين، ومعرفة الأسباب وطرح الحلول الوقائية.

وفي ذات الموضوع، قال الباحث في علم الاجتماع السياسي والديني، زوبير عروس، إن المجتمع الجزائري اليوم، يعاني اختناقا كليا، وإن الشباب يعيشون حالة انهيار نفسي، خاصة بعد إجراءات الحجر الصحي للوقاية من فيروس كورونا المستجد، حيث إن ضغوطات الحياة اليومية حسبه، في ظل الجائحة، وغياب مجالات التعبير عن النفس، والترفيه، والمتعة بالحياة، والبطالة، شكلت حملا ثقيلا على فئة الشباب والمراهقين.

وأكد عروس أن المجتمع يشهد ثقافة _التحريم_، وانتهاج منطق التمظهر والنفاق، ويأتي هذا، حسبه، في ظل غياب التعبير وحرمان الشباب من الحياة التي كانت تشهدها الجزائر في السنوات الماضية، قائلا إن المخدرات هي انتحار الإنسان، ويعني أن الخطر القادم، يكون أكبر بكثير حيث سيتطور الأمر في حال استمراره، إلى انتشار جرائم القتل والاعتداءات والترهيب.

وأشار الباحث زوبير عروس إلى أن الشباب اليوم محروم من متعة الحياة، والحوار، وأن تعاطيه المخدرات هروب من هذا الواقع، وبالتالي، فإن إدمانه سيدفعه إلى ارتكاب شتى الموبقات، وهذا يدعو إلى أخذ الأمر بجدية من طرف المسؤولين.

 

 

مخابر سرية في إفريقيا يديرها بارونات المخدرات في العالم

كما أشار المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها إلى وجود مخابر سرية في إفريقيا يديرها بارونات المخدرات في العالم، تستعمل لإنتاج الحبوب المخدرة الصناعية، وأضاف المتحدث، أن الخطر على الجزائر لا يتوقف عند هذا الحد؛ بل يكمن في أن المغرب جار للجزائر، ويعد من أكبر المنتجين للقنب الهندي في العالم بنسبة 60 بالمائة. وقال السايح، إن هناك ترابطا تاما بين الاتجار غير المشروع بالمخدرات وأشكال الإجرام المنظم الأخرى بالإرهاب، غسل الأموال، الفساد، الهجرة غير الشرعية والاتجار بالأسلحة، مشيرا إلى أن نقل المخدرات لا يقتصر برا على الحدود، بل أصبحت تنقل ببواخر وطائرات خاصة في كل دول العالم.

وفي نفس السياق، أكد المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات، أن شبكات تهريب المخدرات تربطها علاقة وطيدة مع الشبكات الإرهابية التي تتخذ من هذا النشاط مصدرا لتمويلها، حيث أنها تستغل الأموال التي تحصل عليها من هذه العمليات في شراء الأسلحة.

 

 

مصطفى خياطي:

عدد المدمنين على المخدرات في البلد يتراوح ما بين 250 ألف و300 ألف مدمن

 

وأكد رئيس المنظمة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث _فورام_، الدكتور مصطفى خياطي أن _عدد المدمنين على المخدرات في البلد يتراوح ما بين 250 الف و300 الف مدمن_. وأوضح أن _50٪ من المدمنين يستهلكون القنب الهندي و40٪ مدمنون على أقراص الهلوسة_. وتشير إحصائيات الديوان الوطني لمكافحة المخدرات التابع لوزارة العدل إلى أن نسبة المدمنين في الوسط التربوي بلغت 13٪، 4٪ منهم من الفتيات.

ويجدر الذكر أن منظمة ترقية الصحة قد شنت العام المنصرم حملة وطنية واسعة لمكافحة الادمان على المخدرات تشارك فيها وجوه معروفة على غرار الإعلامي الرياضي حفيظ دراجي وسفيرة منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الجزائر مصارعة الجيدو سليمة سواكري. واختارت الحملة أن تبدأ من ولاية أدرار، نظرا _لشهرتها بزراعة الأفيون_ بحسب خياطي. وتحولت الجزائر من منطقة عبور للمخدرات نحو أوروبا إلى سوق يستهدفها المهربون، بحسب الديوان الوطني لمكافحة المخدرات.

 

13 بالمائة من طالبات الجزائر يتعاطين المخدرات

كشفت دراسة ميدانية أجرتها المؤسسة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي بالجزائر أن 13% من الطالبات يتعاطين المخدرات و18% منهن يدخن السجائر، و10% يتناولن المشروبات الكحولية في الوسط الجامعي.

وتناولت الدراسة عينة من 1110 طالبات يعشن في الإقامة الجامعية بالعاصمة. وقالت 22% ممن شملتهن الدراسة إنهن يتناولن المخدرات يوميا وبصورة منتظمة، وقالت 39% إنهن يفعلن ذلك داخل الإقامة الجامعية في المساء.

وفيما أكد 52% أنهن يتناولن المخدرات بصفة فردية، أكدت نسبة 20% من الطالبات أنهن لا يعرفن كثيرا عن المخدرات في الوسط الجامعي وعن الإدمان.

ويأتي القنب والحشيش على رأس أنواع المخدرات المنتشرة بين الطالبات في الإقامة الجامعية بنسبة 68% ثم الأقراص المستخدمة في الطب النفسي والعقلي، مثل “الفاليوم” بنسبة 17%، وتشكل المخدرات المصنفة قوية نسبة 5% .

وتذكر الدراسة أن 18% من الطالبات يدخن السجائر في الجامعة، وقالت الطالبات المعنيات إن الواحدة منهن تستهلك معدل نصف علبة من السجائر في اليوم.

وكانت المؤسسة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي قد نشرت دراسة مماثلة سنة 2003 عن تلاميذ الثانوية في العاصمة من الذكور والإناث، كشفت أن 34% من التلاميذ يستهلكون المخدرات، ونسبة الإناث فيهم تبلغ 28%.

وأشارت المؤسسة في تقريرها للسلطات العمومية إلى أن لجوء الطالبات للمخدرات له أسباب متشابكة، تختلف حسب الحالات. ولعل أهمها الحياة في الإقامة الجامعية نفسها، والفشل في الدراسة، والوسط العائلي الذي جاءت منه الطالبة.

ونبهت الدراسة إلى الخطر الذي أصبحت تشكله الظاهرة، التي اجتاحت الوسط الجامعي، وبلغت وسط الطالبات، حيث كان يعتقد أن استهلاك المخدرات محصور بين الذكور.

وحذرت المؤسسة من أن تتحول الظاهرة إلى وباء حقيقي بين الطلبة الجامعيين، وفي المدارس، إذا لم تلتفت السلطات العمومية إلى الأمر بجدية وحزم.

 

ل. ب