يعتبر اليوم السابع والعشرون من شهر ماي، ذكرى غالية على كل كشاف، اليوم الموافق في حركية التاريخ الوطني الجزائري، لذكرى ميلاد البطل الجزائري، الشهيد محمد بوراس، مؤسس الكشافة الإسلامية الجزائرية التي كانت في الطليعة خلال كل مسارات الثورة التحريرية خاصة من خلال القيام بالعمل التحسيسي لدى مختلف فئات المجتمع الجزائري آنذاك، حيث كانت بمثابة الشعلة الأولى لاندلاع الثورة لما قدمته من خيرة أبنائها دفاعا عن الجزائر واستقلالها.
“الكشافة في قلب العاصمة”
تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وبإشراف والي ولاية الجزائر السيد محمد عبد النور رابحي وبمساهمة مديرية الشباب والرياضة والترفيه – الجزائر، نظمت محافظة ولاية الجزائر للكشافة الإسلامية الجزائرية، الجمعة، تظاهرة كشفية بعنوان “الكشافة.. في قلب العاصمة”، بمناسبة الاحتفال الرسمي بالذكرى الــ 82 لليوم الوطني للكشافة الإسلامية الجزائرية، هذه التظاهرة الكشفية عبارة عن نشاطات عديدة ومتنوعة، أبرزها زيارة الأفواج الكشفية لعديد المناطق السياحية والتاريخية والمعالم الإسلامية بولاية الجزائر، وتم الاختتام مساء نفس اليوم في مهرجانٍ عائلي ضخم، وهذا بمنتزه الصابلات.
محمد بوراس مؤسس الكشافة الإسلامية الجزائرية

ولد محمد بوراس يوم 26 فيفري 1908 بمدينة مليانة من عائلة فقيرة كان أبوه يعمل بنّاء بمليانة، دخل المدرسة الابتدائية الفرنسية بمسقط رأسه سنة 1915، التحق بعد ذلك بمدرسة الفلاح بمليانة وهذا لإتمام دراسته باللغة الوطنية، وفي سنة 1922 انضم للجمعية الرياضية لألعاب القوى ثم تخصص في كرة القدم وأصبح عضوا لامعا في فريق مليانة لكرة القدم.
في سنة 1926 توجه إلى الجزائر العاصمة بالحراش، أين وجد وظيفته بالبحرية العسكرية سنة 1930، بعد أن عمل في مطحنة للحبوب أين تعلم الضرب على الآلة الراقنة.
لم ينس بوراس إكمال تعلمه باللغة العربية وانضم إلى نادي الترقي في سنة 1935، السنة التي أسس محمد بوراس فيها فوج “الفلاح” بالقصبة.
في سنة 1939 أسس القائد محمد بوراس، التنظيم الفدرالي بالجزائر الذي يعد بمثابة اللبنة الأولى للفدرالية الكشفية الإسلامية الجزائرية، دعا فيه جميع الأفواج الكشفية المستقلة على مستوى الوطن إلى الاتحاد وتشكيل تنظيم وطني واحد، وبعد تلبية ندائه من طرف الأفواج، تم تنظيم المؤتمر التأسيسي في جويلية 1939 بالحراش – الجزائر العاصمة- وكان من نتائج المؤتمر ميلاد الكشافة الإسلامية الجزائرية كمنظمة وطنية وانتخب محمد بوراس رئيسا لها.
لقد كان محمد بوراس مقتنعا بأن الكفاح من أجل الحرية لا يمكن أن يكون إلا بتعليم الشعب وتوعيته، ولذلك قرر أن يقوم بتربية الشبيبة عن طريق الكشافة.
بعد هزيمة الجيش الفرنسي في جوان 1940 اعتقد أغلب الوطنيين بأن ساحة التحرير قد حلت، وكان محمد بوراس من هؤلاء، بل كان على يقين من ذلك إلى درجة أنه كان يظن لحسن نيته أنه يكفي السعي القليل لتحرير البلد من رقابة المستعمر، وكان هذا الجهد القليل يتمثل في نظره في القيام بانتفاضة مسلحة، وكان لابد له من الحصول على أسلحة بعدما اتفق مع بني مناصر سكان جبال زكار الذين أكدوا له استعدادهم للقيام بذلك إن هو زودهم بالأسلحة والذخيرة اللازمة.. ومن هنا جاءت فكرة الاتصال بألمانيا واغتنم محمد بوراس فرصة طلب اتحادية الكشافة الفرنسية منه بأن يضم الأفواج الجزائرية لها وإلا يسحب منها الاعتراف، فقرر التنقل إلى مدينة فيشي بفرنسا للتفاوض مع قيادة الكشافة الفرنسية قصد الاعتراف بالكشافة الإسلامية الجزائرية كمنظمة قائمة بذاتها كباقي المنظمات الكشفية الأخرى.
وفي 26 أكتوبر 1940 حاول الاتصال بالألمان للحصول على الأسلحة، ولكن خابت آماله لأنه لم يحصل منهم إلا على وعود غامضة وتوصيته للتوجه إلى اللجنة الألمانية بالجزائر العاصمة.
وبعد عودته إلى الجزائر ظل تحت المتابعة والمراقبة من طرف مصالح الاستخبارات الفرنسية، هذا ما دفعه إلى تقديم استقالته من المنظمة في 16 مارس 1941 لإبعاد أي شبهة عن المنظمة في حالة إلقاء القبض عليه.
وفعلا في 8 ماي 1941 تم إلقاء القبض عليه من طرف مصالح مكافحة التجسس الفرنسية المكتب الثاني أمام فندق السفير بالجزائر، وبعد أيام من التعذيب والاستنطاق أحيل على المحكمة العسكرية يوم 14 ماي 1941 ليصدر في حقه حكم بالإعدام ويتم تنفيذه فجر 27 ماي 1941 رميا بالرصاص في الميدان العسكري بالخروبة.
الشهيد محمد بوراس الوطني الشجاع الذي ضحى بحياته لتنظيم ودعم الكشافة الإسلامية الجزائرية قد أنار السبيل لجيل كامل أمثال الكشاف الشهيد سعال بوزيد أول شهيد يسقط في أحداث 8 ماي 1945.
لمياء بن دعاس
