نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اصطفاه الله تعالى وحباه بصفاتٍ خَلْقية عظيمة جميلة، ظهرت على بدنه الشريف وجوارحه الطاهرة، فأوتِيَ من الجمال ما يليق بمثله، فهو أعظم الناس خُلُقاً، وأجملهم خَلْقاً، وأبهاهم صورة ومنظراً، قال الله تعالى: “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ” القلم:4. وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناسِ وجهاً، وأحسنهم خَلقاً” رواه البخاري. والصحابة رضوان الله عليهم كانوا لا يرون وجْهاً أجمل من وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد سُئِل البراء رضي الله عنه: “أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل القمر” رواه البخاري. قال ابن حجر في “فتح الباري”: “كأن السائل أراد أنه مثل السيف في الطول، فرد عليه البراء فقال: “بل مثل القمر” أي: في التدوير، ويحتمل أن يكون أراد: مثل السيف في اللمعان والصقال؟ فقال: بل فوق ذلك، وعدل إلى القمر لجمعه الصفتين من التدوير واللمعان”. لقد وصف الصحابة رضوان الله عليهم وجه النبي صلى الله عليه وسلم بالشمس أو القمر لأنهم لا يعرفون شيئاً أجمل منهما، ولكنهم أرادوا فقط أن يمثلوا لنا الوجه الشريف بأجمل وأحسن ما يعرفون. وجمال النبي صلوات الله وسلامه عليه كان مقروناً بالإجلال والإكبار، لقول عمرو بن العاص رضي الله عنه: “وما كان أحد أحب إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سُئِلْتُ أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه” رواه مسلم. وقد اقترن جماله صلى الله عليه وسلم بصفات أخرى زادته جمالاً على جماله، وحُسْناً على حُسْنِه، ولم يشترك معه صلى الله عليه وسلم في هذه الصفات أحد من الناس أبدا، وذلك مثل رائحة جسده الزكية، وطيب عرقه، وليونة كفيه حتى إنهما كانتا ألين من الحرير والديباج، فعن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه قال: “ما مسسْتُ بيدي ديباجاً ولا حريراً ولا شيئا ألين من كف رسول اللَّه، ولا شممت رائحةً قط أطب من ريح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم” رواه البخاري.



