في وقت يقبل الكثيرون عليه… جزائريون متخوفون من لقاح الإنفلونزا وأعراضه الجانبية

elmaouid

الأنفلونزا تهدد أصحاب الأمراض المزمنة بالوفاة كل موسم

أبدى عدد كبير من الجزائريين تخوفهم من حملة التلقيح ضد الإنفلونزا التي أطلقتها وزارة الصحة، أكتوبر المنصرم، وبعد توفيرها لأزيد من 60 ألف جرعة تم توزيعها بالعاصمة، معربين عن تخوفهم خاصة السيدات الحوامل والمصابين بالأمراض المزمنة.

ويأتي هذا في الوقت الذي تعرف المصالح الصحية الجوارية إقبالا على التلقيح ضد الانفلونزا الموسمية، في حين يتخوف البعض الآخر منها ويفضلون الإصابة بالزكام عدة مرات على التلقيح.

 

حملة تحسيسية لإقناع المواطنين

انطلاقة استطلاعنا كانت بالمؤسسات الإستشفائية لمعرفة مدى إقبال الجزائريين على هذه العملية، فكانت البداية في مستشفى مصطفى باشا الجامعي، أين التقينا بالسيدة راسم بمصلحة الحوامل التي أكدت على خطورة الأنفلونزا الموسمية على المرأة الحامل بسبب مناعتها الضعيفة، ويكتسي التلقيح أهمية كونه يحميها من أمراض خطيرة، حيث إذا أصيبت بزكام حاد من شأنه التسبب في حدوث إجهاض أو وفاة الأم والجنين معا، وبخصوص تقييمها للحملة، قالت المتحدثة إن نسبة الإقبال متشابهة خلال كل السنوات، ونفس الأمر مسجل هذه السنة أين أصبح المقبلون على العملية معروفين، وهو نفس ما تحدث عنه نور الدين طبيب بمصلحة الاستعجالات بمستشفى “بارني” الذي ذكر أن إحدى المسنات قصدت المصلحة الأسبوع الماضي وكانت مصابة بزكام حاد، قام الفريق الطبي بإسعافها ونصحوها بتلقيح نفسها بعد شفائها لتفادي الإصابة من جديد، خاصة وأن سنها بات يسبب لها مضاعفات عند الإصابة بالأنفلونزا، إلا أن ردة فعل المعنية حسب المتحدث كانت كافية للتعرف على مدى قبول الجزائري للقاح المضاد للزكام، أين صرخت في وجه الفريق الطبي وقالت بالحرف الواحد “عن أي حقنة تتكلم، لقد قتلت الكثير من الأشخاص”.

 

..اللقاح متهم بالتسبب في الوفاة

ارتبط اللقاح المضاد للأنفلونزا لسنوات طويلة بالموت، وأصبحت حالات الوفيات المسجلة هنا وهناك مصدر خوف كل من يفترض أن يخضع للقاح سنويا، فالسيدة سعيدة بالمدنية ذكرت أن جارتها توفيت بسبب هذا اللقاح منذ ثلاث سنوات، لا يهمها ملابسات الحادث إلا أن النتيجة أن لقاح الأنفلونزا كان سببا في وفاتها رغم أنها مصابة بمرضين مزمنين هما الضغط والسكري ورغم نصائح الأطباء لها بالتلقيح، إلا أنها تفضل المعاناة على “حقنة الموت” كما وصفتها، تواصل القول إن معظم سكان الحي وحتى المقيمين في بلديات مجاورة سمعوا بهذه الحادثة، وهي متأكدة أن لهم نفس الموقف في العزوف عنها.

نفس الحالة ذكرتها لامية، تقول رغم أنها صيدلية وتعرف أهمية هذا اللقاح ونصائحها اليومية للمترددين على الصيدلية بتلقيها، إلا أنها لن تخضع للتلقيح مهما حدث لأنها شاهدت شقيقة زوجها تموت أمامها بعد تعاطيها للقاح، ورغم أن التحاليل أثبتت أن الضحية كانت مصابة بمرض الكلى وكان وضعها يستلزم تماثلها للشفاء أولا، إلا أن الحادثة بقيت راسخة في ذهنها إلى يومنا هذا وكلما تسمع بهذه الحقنة يقشعر بدنها، وبحكم مهنتها ذكرت المتحدثة أن الوزارة ينبغي أن توفر كل إجراءات السلامة لتشجيع الناس على هذا السلوك، كما ينبغي أن تكون حملتها مستمرة وليست مرتبطة بفترة التلقيح فقط. 

 

وزارة الصحة تنصح المسنيّن والحوامل بالتلقيح

ولمتابعة الوضعية الوبائية لفيروس الأنفلونزا، وضعت الوزارة آليات ترتكز على شبكة مراقبة للأمراض المتنقلة مقننة يتابعها المعهد الوطني للصحة العمومية والمخبر المرجعي للأنفلونزا التابع لمعهد باستور لتشخيص نوع الفيروس المنتشر بالجزائر، وتنصح الوزارة بتلقيح الأشخاص البالغين 65 سنة فما فوق والكهول والأطفال المصابين بالأمراض المزمنة على غرار أمراض القلب والجهاز التنفسي والسكري والسمنة والكلى والمناعة والمرضى الذين استفادوا من زرع الأعضاء والذين يعانون من فقدان المناعة المكتسبة والحوامل ومهنيي الصحة والحجاج والمعتمرين، حيث يحمي اللقاح المضاد للأنفلونزا الموسمية هذه الفئات من تعقيدات الفيروس ويخفض من نسبة الوفيات، كما أنه لا يمثل أية أعراض جانبية حسب معطيات اليقظة الصيدلانية باستثناء الاحمرار أو الألم الذي يشعر به الشخص في مكان التلقيح، إلا أن هذا اللقاح لا يحمي من أعراض الأنفلونزا التي تتسبب فيها فيروسات تنفسية أخرى، ويذكر أن الوضعية الوبائية للأنفلونزا للموسم الحالي قد شهدت تسجيل 151 حالة حادة أدخلت المستشفى، أي ما يمثل نسبة 32 بالمائة من مجموع العينات المقدرة بـ 534، وتمثل أعراض الزكام نسبة 10 بالمائة من المعاينات الطبية خلال الموسم الجاري، وتتغير هذه النسبة حسب السنوات والأسابيع التي يبلغ فيها انتشار الفيروس ذروته، حيث تتضاعف لدى الأطفال البالغين بين 0 و4 سنوات بين 3 إلى 5 بالمائة مقارنة بتسجيل الإصابة لدى الكهول.

 

أصحاب الأمراض المزمنة لا يفوّتون اللقاح موسميا

وقد سجلت أغلب المصالح الجوارية التي تتوفر على اللقاح إقبالا كبيرا لاحظناه خلال الأيام الماضية، أي بمجرد دخول فصل الخريف، ولأن أغلب أصحاب الأمراض المزمنة على وعي بأهمية التبكير في إجراء اللقاح، فقد كانوا من الأوائل الذين اقتنوه ومعهم المسنون الذين تزايد عددهم مع ارتفاع معدل الأمل في الحياة لدى الجزائريين.

وإن كانت فعالية اللقاح لا تعني عدم الإصابة بالأنفلونزا قطعا، إلا أنها تخفف من وطأة الإصابة بها، هذا ما أكدته صليحة مصابة بالسكري تعودت على إجراء اللقاح لثلاث سنوات متتالية: “اعتدت على الإصابة بنزلات برد قوية ولولا اللقاح الذي خفف من إصاباتي لكنت مازلت أعاني، هذا لا يعني أنني لا أمرض تماما، لكنني لا أقعد في الفراش”. أما مريم التي التقيناها بإحدى صيدليات العاصمة فكانت تشتري اللقاح لجدتها البالغة من العمر 86 سنة، حيث أكدت أنه بفضل اللقاح لم تعد نزلات البرد والأنفلونزا توصل جدتها إلى أقسام الطوارئ بالمستشفيات كما كان يحدث من قبل، فيما أكد مراد /ع صيدلي بالعاصمة أن شراء اللقاح أهون بكثير من اقتناء أدوية الأنفلونزا ومضاعفاتها من الناحية الصحية وحتى الاقتصادية، خاصة لشريحة معينة من المجتمع تتمثل في أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، حيث قد تصل بعض المضاعفات لدى هذه الشريحة لا قدر الله إلى الوفاة.

 

الأخصائيون يؤكدون: كلما كان التلقيح مبكرا كانت نتائجه أفضل

 

وعن اللقاح الموسمي المضاد للأنفلونزا، أكد البروفيسور نافثي سليم رئيس مصلحة الأمراض التنفسية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي أن نتائجه عادة ما تظهر بعد شهر من التلقيح، أي بعد ظهور المضادات لفيروس الزكام الموسمي. وبالتالي فكلما تم التلقيح ضد الزكام مبكرا كلما كانت نتائجه أفضل، والأهم قبل تغيّر الأحوال الجوية وحلول موسم البرد.

وعن أهمية اللقاح الموسمي، أكد ذات المتحدث أن نتائج دراسات ميدانية بعديد من الدول الأوروبية بينت أن اعتماده لعديد شرائح المجتمع أسفر عن كثير من الإيجابيات والتي تمثلت في اقتصاد أموال كثيرة، كانت تصرف على علاج مرضى الزكام ومضاعفاته الصحية في عديد الحالات والتي قد تصل إلى حد الموت، ناهيك عن تفادي عدد كبير من العطل المرضية التي يلجأ إليها المرضى بعد إصابتهم والتي تعود بالسلب على مردودية العمل. وأضاف نافثي أن الأنفلونزا هي مرض لابد أن يتابع من طرف الطبيب لأن إهماله قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة لا يحمد عقباها، فالزكام هو التهاب جرثومي فيروسي يصيب المجاري التنفسية العليا من الجهاز التنفسي، وهو من أكثر الأمراض التي يتعرض لها الأطفال والكبار ولعدة مرات في السنة الواحدة خصوصا في فصل الشتاء، وذلك لأنه ينجم عن واحد من أكثر من عشرات الفيروسات. وعادة يمر الزكام دون حدوث أضرار أو مضاعفات، ولكن يجب عدم إهماله تماماً لأنه قد يساعد على حدوث مضاعفات عديدة مثل التهاب اللوزتين أو الحنجرة أو انسداد مجاري الأنف والأذن والجهاز التنفسي خاصة لدى فئة الأطفال الصغار، ورغم ذلك يكتفي العديد من المصابين بالراحة وشرب منقوع الأعشاب ولا يقصدون الطبيب إلا إذا تفاقمت إصاباتهم وظهرت مضاعفات الأنفلونزا وهذا ما يضعف مناعة الجسم ويجعله فريسة لمختلف الأمراض والوهن.

 

الأنفلونزا تهدد أصحاب الأمراض المزمنة بالوفاة كل موسم

ترتبط التقلبات المناخية ارتباطا وثيقا بتأزم حالة المصابين بأمراض مزمنة، خاصة مرضى القلب الذين تتهددهم الوفاة وأصحاب الأمراض الرئوية والربو الذين يدخل عدد كبير منهم إلى مصالح الأمراض التنفسية وتعج بهم أقسام الاستعجالات في المستشفيات، إذ تتعقد الإصابات لدى هؤلاء ويصعب تجاوزها بمضادات حيوية عادية كسائر المرضى، وقد يتطور الأمر لدى البعض خاصة من فئة الأطفال والمسنين ليمكثوا في المؤسسات الاستشفائية أكثر من 24 ساعة تحت المراقبة. ويزداد الخطر لدى هذه الفئة من المصابين في المناطق النائية، حيث تتضاءل الخدمات الاستشفائية ويكثر التلوث البيئي، أما في العاصمة فتزداد حالات الربو سوءا بسبب الرطوبة الشديدة التي يتميز بها الطقس. ويجدر بالإشارة إلى أن مهمة إنقاذ مرضى الربو من المضاعفات الصحية الخطيرة هي مهمة مشتركة بين الأساتذة والأولياء الذين عليهم التكفل بأبنائهم، خاصة وأن 10 بالمائة من المصابين بالربو يتوفون سنويا بسبب نوبات الربو ومضاعفاتها، وغالبا ما تكون المضاعفات على إثر إصابة تنفسية في فصل الشتاء.