قال إن المصالحة الوطنية بحاجة إلى تدابير جديدة، فاروق قسنطيني: العفو الشامل آخر قرار قد يتخذه بوتفليقة

elmaouid

الجزائر- دعا فاروق قسنطيني، الرئيس السابق للجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، إلى تعزيز ميثاق السلم والمصالحة بتدابير جديدة لطيّ ملف المأساة الوطنية، مؤكدا ضرورة معالجة قضية

العسكريين المشطوبين الذين شنوا سلسلة من الاحتجاجات في الفترة الأخيرة، وبعدها التوجه نحو عفو شامل الذي قد يكون آخر قرار يتخذه الرئيس بوتفليقة لطي سنوات الجمر نهائيا.

قال المحامي فاروق قسنطيني إن أزمة العنف التي عرفتها الجزائر كانت قاسية ودفعت بالسلطات الجزائرية إلى إرساء قوانين مكنت من إزالة آثار الأزمة الأمنية وإضفاء الاستقرار. وأضاف أن مشروع المصالحة الوطنية الذي زكاه الشعب الجزائري في الـ29 من سبتمبر 2005 حقق أهدافه بنسبة تصل إلى 95 في المائة، في انتظار استكمال الشق المتبقي من المأساة لطي الصفحة نهائيا، موضحا بمناسبة الذكرى الـثالثة عشرة لاستفتاء ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، أن “قانون السلم والمصالحة الوطنية الذي شرع في العمل بأحكامه في مارس 2006 أسهم في عودة الأمن والاستقرار إلى ربوع الجزائر وهو الهدف الأول من الميثاق” مقرا  أن المصالحة تحققت بفضل تضحيات رجال الهيئات الوطنية من الجيش والشرطة وكافة الأسلاك الأمنية، وأضاف “الرئيس بوتفليقة رمى بكل ثقله لصياغة هذا الميثاق وسهر على تحقيق أهدافه الذي نحتفل اليوم بمرور 13 سنة على إقراره”، مشيرا إلى أن القانون أسهم في عودة 7 آلاف مسلح كانوا ينشطون في صفوف الجماعات الإرهابية المسلحة إلى المجتمع والنزول من الجبال للاستفادة من تدابير العفو التي أقرها قانون السلم والمصالحة، إلى جانب تسوية ملف المفقودين.

كما رد قسنطيني على الانتقادات التي لا تزال توجهها أطراف وطنية وأجنبية بشأن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، على اعتبار أنه كرس في نظر البعض سياسة الإفلات من العقاب، ويرى قسنطيني بأن هذه المقولة يراد من خلالها إبقاء الجزائر في دوامة العنف، مبرزا أن الجزائر لم تخرج عن القاعدة التي طبقت في كثير من الدول؛ ففي جنوب إفريقيا لم يعاقب الناس جماعيا، كانت هناك اعترافات وشهادات بثت عبر التلفزة ولكن لم نر العقاب الذي يريد البعض أن يطبق في الجزائر، وهم بذلك يريدون أن نبقى في دوامة من تصفية الحسابات. وأضاف قسنطيني بأن المصالحة لم تكن قرارا للسلطة بل جاء بموافقة أغلبية فئات الشعب الجزائري التي زكت الميثاق وصوتت لطي الصفحة، واستفاد كثيرون من إجراءات انتفاء الدعوى العمومية باستثناء المتورطين في جرائم حددها الميثاق مثل الاغتصاب واستعمال المتفجرات في الأماكن العمومية والقتل، مشيرا إلى أن المنظمات التي تروج لفكرة اللاعقاب في الجزائر تريد إبقاء الجزائر في دوامة العنف والتشكيك.

ويعتقد فاروق قسنطيني، أنه برغم النجاحات التي حققها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، إلا أن البلد لا يزال بحاجة إلى إجراءات تكميلية لطي الصفحة نهائيا، مشيرا إلى ضرورة التكفل بالمتضررين اقتصاديا جراء المأساة الوطنية، ويتعلق الأمر بالعائلات التي فقدت أملاكها أو تكبدت خسائر جراء العمليات الإرهابية، وعمليات مكافحة الإرهاب، كما دعا إلى التكفل بفئة معتقلي الصحراء الذين تم سجنهم خلال العشرية السوداء لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات دون محاكمة، مضيفا أن هذه الفئة التي يتراوح عددها ما بين 15 و19 ألف معتقل تملك الحق في الاستفادة من تعويضات ولو رمزية، واعتراف الدولة بالمعاناة التي تكبدتها فئة المعتقلين في الجنوب، الذين تضرروا صحيا ومعنويا بسبب ظروف الاعتقال، مؤكدا ضرورة التكفل بكل الفئات التي تضررت من المأساة الوطنية.