تميزت الدراما الجزائرية في رمضان المنصرم بظاهرة جديدة لم تعرفها من قبل، حيث اكتسح المخرجون التونسيون الساحة الفنية من خلال إخراج ما لا يقل عن خمسة مسلسلات تلفزيونية تتنافس عبر الفضائيات الخاصة،
وهو ما فجّر جدلا فنيا بين النقاد والمهتمين بصناعة الدراما.
وعرضت مختلف الشاشات الجزائرية في رمضان المنصرم أكثر من خمسة أعمال درامية وكوميدية أخرجها تونسيون، مثل “تحت المراقبة” لأنور الفقيه، و”القصبة سيتي” لعصام بوقرة، و”ماشي ساهل” لأسعد الوسلاتي، و”الخاوة” لمديح بلعيد، إضافة إلى أعمال من إنتاج شركات تونسية مثل “بيبيش وبيبيشة” لسامي فاعور.
وتراوحت الآراء بين مؤيد لاقتحام المخرجين التونسيين للدراما الجزائرية، لأن ذلك يساعدها على التطور الفني والتقني، وبين من رأى فيها عكس ذلك، رابطا الأمر “بالبزنس” والتجارة فقط.
نقل الخبرة
وترى الناقدة الفنية نبيلة سنجاق أن أثر هذه الشركات التونسية كان واضحا في مجال كتابة السيناريو، وفي تصميم أفكار جديدة لبرامج منوعة، “حيث أصبحت الصورة أجمل، وكذلك مستوى الأزياء والإضاءة والتترات”.
وتؤكد سنجاق لموقع “الجزيرة نت” أن الخبرة التونسية أسهمت بشكل مباشر في تزويد الفضائيات الجزائرية الخاصة بمادة تلفزيونية مغايرة عن التي ألفها الجزائريون.
ويتفق الصحفي المتخصص في الشؤون الثقافية فيصل شيباني مع نبيلة سنجاق في كون المخرجين التونسيين قدموا أعمالا محترمة، مرجعا ذلك إلى التقنيات العالية في التصوير والإنتاج والمونتاج وحتى اختيار الممثلين.
وضرب شيباني مثلا بمسلسل “الخاوة” الذي تمكن القائمون عليه من استقطاب نجوم الفن السابع في الجزائر مثل حسان كشاش وخالد بن عيسى وعبد الحق بن معروف.
سقوط في المبالغة
ويؤكد شيباني أن هناك من الفنانين الجزائريين من لم يهضم هذا الاكتساح التونسي، مشيرا إلى أن المخرج التونسي لا يعتمد على العلاقات في انتقاء الممثلين، بل يعتمد على الكفاءة والقدرة على تقديم الإضافة.
من جانبه، ينفي أستاذ الفنون الدرامية الدكتور حبيب بوخليفة أن يكون هؤلاء المخرجون التونسيون قد أفادت أعمالهم التجربة الجزائرية بدليل أن السيناريوهات كانت جزائرية وما على المخرجين التونسيين سوى التنفيذ.
ويصف بوخليفة فكرة التحضير لأعمال شهر رمضان بالساذجة، “لأنها أعمال ظرفية ولا تنبع من القناعات الفكرية والفنية”.
وأضاف في حديثه لموقع الجزيرة نت أن الأعمال الفنية المعروضة “رديئة وترقيعية بأخطاء فنية جسيمة”، مضيفا “أن التقنيات الرقمية المتقدمة لا تنفع عندما يغيب الجوهر، أي الخيال والفكر والحرية والمعرفة المهنية”.
ويضرب مثلا بالمجتمعات التي نجحت في هذا الميدان -مثل تركيا- التي اعتمدت على ربط الإنتاج السمعي البصري بمشروع ثقافي تنموي عام.