لم تثنِ ربات البيوت عن تحضيرها… أسعار مستلزمات الحلويات تقضي على ما تبقى من القدرة الشرائية للجزائريين

لم تثنِ ربات البيوت عن تحضيرها… أسعار مستلزمات الحلويات تقضي على ما تبقى من القدرة الشرائية للجزائريين

 

بدأت أسواق ومحلات بيع الحلويات التقليدية في الجزائر تحضيراتها لاستقبال عيد الفطر، وسط تفاوت في أسعار سلعها من محل إلى آخر، حسب الجودة والمكونات التي تدخل في صناعتها، حيث تشهد هذه الأسواق حالياً ازدحاماً ملحوظا حتى ساعات متأخرة من الليل، خاصة محلات ديدوش مراد، الأبيار وباب الزوار بالعاصمة التي تعد من أكثر المحلات جذباً للزبائن العاصميين والعرب المتواجدين بالجزائر.

تشهد لوازم تحضير الحلويات مع اقتراب عيد الفطر ارتفاعا محسوسا في الأسعار، حيث قفزت أسعار المواد الأولية لحدود قصوى في كل أسواق ومحلات بيع مواد ومستلزمات الحلويات، ما جعل العائلات الجزائرية من ذوي الدخل المحدود تعزف عن اقتنائها.

ارتفعت هذه الفترة أسعار مستلزمات تحضير حلويات العيد بأسواق ومحلات العاصمة إلى مستويات غير معقولة أبهرت العائلات التي لم تنته بعد من المقتنيات اليومية لشهر رمضان من خضر وفواكه، والتي بلغت هي الأخرى مستويات قياسية طيلة الفترة الأخيرة، ومن بين المواد الأساسية التي ارتفعت أسعارها هي الفرينة، البيض، المربى ومستحضرات التزيين وغيرها، إضافة إلى اللوز الذي وصل سعره إلى 2900 دج للكيلوغرام الواحد، فيما بلغ سعر الفول السوداني 450 دج، فضلا عن زيادة أسعار المواد الأخرى والتي تعتبر أساسية في إعداد الحلويات.

وفي زيارتنا إلى بعض أسواق العاصمة وقفنا على حجم الغلاء الذي مس مستلزمات الحلويات حتى على مستوى الطاولات الفوضوية، فأسعار الفرينة بلغت حدود الـ90 دج، في حين وصلت أسعار المارغين من حجم 500 غ إلى 180 دج وبلغ سعر السكر المسحوق الـ120 دج وعرفت مختلف أنواع شكولاتة التزيين ارتفاعا كبيرا وصل لحدود الـ50 دج لدى بعض العلامات، لتعرف باقي المستلزمات ارتفاعا اختلف بين 20 و30 دينارا من السعر الأصلي للمنتوجات.

 

…وأصحاب المحلات يرجعونها إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية

يحرص مصنعو وباعة الحلويات على التنويع في الإنتاج، حيث يراعون القدرة الشرائية لكافة شرائح المستهلكين، وتتنوع الحلويات المعروضة في هذه المحلات بأشكالها المختلفة كالبقلاوة وعش البلبل وغيرها لدرجة أن الزائر يحتار في تنوع هذه الأصناف، كما أن أسعار الحلويات الجاهزة العادية تتناسب ونوعها، فإنها كذلك تختلف بين محل وآخر، ويعود السبب حسب ”محمد. ع ” صاحب محل لبيع الحلويات بشارع ديدوش مراد إلى عدة أسباب تكمن في المنافسة بين البائعين من جهة وجودة ونوعية المواد الداخلة في صناعة الحلويات من جهة أخرى، مثل السمن النباتي والحيواني، مبيناً أن ارتفاع تكاليف الإنتاج الأولية زادت أسعارها بنسب تتراوح بين 100 إلى 200 بالمائة، لكل من الفرينة، الفستق الحلبي، اللوز والسكر، وهي المواد الأولية الداخلة في معظم أنواع الحلويات، إضافة إلى ارتفاع في أسعار مادة السمنة النباتية والزبدة، وأضاف محمد أن الإقبال على الحلويات العربية، يزداد قبل يومين من عيد الفطر، هذا، وأكد لنا يوسف صاحب أحد محلات الحلويات بالأبيار، أن الطلب على شراء الحلويات يرتفع قبيل العيد وليلة العيد كون العادات والتقاليد فرضت على الجزائريين تقديم الحلوى في مثل هذه المناسبات، مبيناً أن محال بيع الحلويات اتخذت الإستعدادات اللازمة لمواكبة الطلب المتزايد خاصة الحلويات الرمضانية، منها القطايف، الصامصة، البقلاوة و هي الأكثر طلباً كونها تحظى بشعبية عالية بين المواطنين، متوقعاً أن تشهد إقبالاً ملحوظاً على خلاف ما كانت عليه في بداية رمضان، حيث ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.

 

لا مفر من الحلويات

إلتقينا بالسيد عمر رب أسرة بمحل يوسف بالأبيار، قال إنه على استعداد تام لتلبية احتياجات الأسرة من حلويات العيد رغم الظروف المادية الصعبة التي يعيشها على حساب السلع الأساسية للأسرة، لكنه استطرد بالقول إن العادات والتقاليد الإجتماعية فرضت عليه تقديمها في المناسبات الإجتماعية كنوع للتعبير عن الفرح بالعيد، لتقول السيدة فاطمة ربة أسرة إن تقديم الحلويات في مثل هذه المناسبات واقع لا مفر منه، حتى لو دفعتها الظروف إلى الاقتراض لتلبية طلبات الأسرة في العيد، لتقديم الحلوى للضيوف رغم ارتفاع أسعارها بشكل كبير.

ومع وجود الأعياد وتعدد المناسبات السعيدة التي لم تعد تقتصر على فترة الصيف، وجدت ربات البيوت ضالتهن عند باعة الحلويات سواء في المحلات أو في البيوت لتصبح هذه الحرفة مع مرور الأيام تجارة قائمة بذاتها تشهد إقبالا منقطع النظير من قبل النسوة اللاتي قررن ولوج هذا المجال و تعلم حرفة صناعة الحلويات.

فبين كل ما هو تقليدي كالبقلاوة والعرايش و مقروط اللوز والدزيريات والمخبز وما هو عصري، يمكن لصاحب الطلب اختيار ما يريد من الحلويات التي أدخلت عليها تعديلات كثيرة في الشكل والمحتوى من خلال استخدام تقنيات مستحدثة جعلت لكل طاهية بصمتها الخاصة التي تعرف بها في هذا الوسط الذي أصبح يعج بالصناع بعد أن كانوا يعدون على أصابع اليد الواحدة.

 

ابتياع الحلويات الجاهزة… الحل الأمثل بالنسبة للكثيرات خاصة العاملات منهن

يتزايد عدد ربات البيوت اللواتي يفضلن اللجوء إلى شراء الحلويات الجاهزة أو تكليف الغير بإعدادها حسب الطلب، مبررات ذلك بعدم امتلاك الوقت الكافي خاصة إن كن عاملات.

وحول ذلك تقول فريدة التي التقتها “الموعد اليومي” في أحد محلات بيع الحلويات بدالي ابراهيم إنها اعتادت منذ زواجها شراء حلويات العيد من هذا المحل الذي لا يبعد كثيرا عن بيتها والذي يعرض أنواعا عديدة “تتميز بجودتها”.

وتضيف مبتسمة “لا أفشي سرا إذا قلت بأن حماتي سخرت مني في البداية بحجة أنه من غير المعقول أن نبتاع الحلويات من الخارج، مصنفة ذلك في خانة الكسل وعدم القدرة على تحمل المسؤولية غير أنها أصبحت الآن إحدى الزبونات الوفيات لهذا النوع من المحلات”.

و ترصد فريدة قبل حلول العيد ميزانية خاصة لشراء الحلويات تقدر بنحو 5500 دينار تعتبرها ثمنا بسيطا لشراء راحتها، حيث تؤكد “أدفع هذا المبلغ بكل سرور ومستعدة لدفع المزيد في سبيل تفادي هذا العبء الذي يمكن أن يمتد لعدة أيام”.

غير أن السبب وراء العزوف عن إعداد الحلويات منزليا يختلف عند أمال التي ستتبنى هذا الحل “مضطرة” بعد أن رزقت مؤخرا بتوأميها إلياس و جنان اللذين يأخذان كل وقتها ليلا و نهارا رفقة ابنتها البكر حنان التي لا تتجاوز الرابعة.

لمياء بن دعاس