كثيرا ما تخذلني النهايات، فأحتارُ بمَ أنهي الكلام، بماذا أذيّلُ رسائلي، لكن هذه المرّة لا أعرف كيف أبدأ، وبأيّ الأعذار أزفّ خطابي، وهل يشفعُ الكلام في كونه رسولا للنّبض، والشّوق غالبا لسان خؤون لا يرضى إلا بالعناق أبجديّة!
أنا بخير، ككلّ الذين تصالحوا مع أوجاعهم، ففقدت أنا التعريف هنا هويّتها واكتفتْ بدور الروتين الممل، أما بخير فهي إشارة عن كون المعني بها مبتور، ينقصه شيئا ما ..وهنا ما كان ينقصني شيء، فقط كنتُ أنقصني!
لم أتوقف عن الخربشة على حائطي لضيق في الوقت، فأنا أجيدُ سرقة الوقت نكاية بالنبض المسروق منّي عنوة! ولا لعجز في اللغة أو نقص في الوجع! فللبؤساء زادٌ وفير من الفواجع، وللهموم مهارة فائقة في التلون وأخذ مقاسات مختلفة ..
أنا لستُ تعيسة لهذا الحدّ، بل كدأب الشعراء أبالغُ في جعل وخزة شوكة طعنة سكّين، لا كذب هنا، فالألم موجود وإن اختلفنا في شدّة إيلامه..
أنا بخير، لكن طواحين الحزن ما زالت تنأى بذرات الفرح بعيدا، إلا من حفنة أمل تجعلني أبتسم، أشاكس الحياة بادّعاء دور السعيدة، الغريب هنا أن هذا الحزن لا سبب وجيه له، قد تكون تراكمات خيبة، أو قلبا راسخا في الجزع حدّ يأسه من ترقّب لحظة فرح!
لذا فضلت أن أكون على غياب، حتى أستطيع الكتابة بشكل جيّد، ألا أبالغ في الحزن لأمنح الآخر سلافة الأمل، وسنابل من فرح.. ومروجا غنّاء، زنابق تُغني والماء حولها عكر..
أكتب هذا الكلام، وعصا الشوق تدفعني لكم، لحروفكم ولأرواحكم التّي تحتلّ جزءا من ذاكرتي..
لن أقول: حتّى يُزهر الملح لأنّه رجاء اللامؤمنين بالوعود، لكن أقول: حتّى تبتهج أحلامي وترى عروس الملح الحياة سأكون معكم من جديد..
هذا الحلم يؤرقني، ويمنعني من أن أكون بخير، لا يدرك هذا الاحساس إلا من كابد عناء الإنتظار.. يقال حتى يولد ويسمّوه، أما الكتاب فيبقى مشروعا قيد الحلم حتى تلمسه يداك.. آمل ألا يتأخر أكثر حتى أكون بخير..
بقلم: الكاتبة نسرين بن لكحل – تبسة-