أجمع مشاركون في الندوة التي نظمها المجلس الإسلامي الأعلى، حول مسار الصيرفة الإسلامية بالجزائر، على أن الصيرفة الإسلامية تشكّل دعامة للتنمية الاقتصادية بالجزائر، مؤكدين أنها باتت خيارا استراتيجيا لتعزيز التمويل المستدام وتحقيق التوازن بين البعد الأخلاقي والنجاعة الاقتصادية في المنظومة المالية الوطنية.
أوضح رئيس المجلس الإسلامي الأعلى مبروك زيد الخير، في كلمته خلال الندوة التي احتضنتها قاعة المحاضرات الكبرى “أسيا جبار” على هامش صالون الجزائر الدولي للكتاب 2025، بقصر المعارض، اليوم الاثنين، أن الصيرفة الإسلامية سيكون لها مستقبل واعد، مشيرا إلى أن المجلس تحمل مسؤولياته ورافق قرارات الحكومة بتقديم مشروع متكامل للصيرفة الإسلامية التي تم توطينها بإسم الصناعة المالية الإسلامية، كما يتم تقديم التعديلات والاقتراحات باستمرار من طرف الهيئة الشرعية حتى يصل الأمر إلى نهايته.
من جهته، أكد عضو المجلس الإسلامي الأعلى و عضو الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية، الدكتور كمال بوزيدي، أن “أعمال المصارف الإسلامية أصبحت ناجحة و يراها الناس في الواقع كما أنها صارت جذابة لكثير منهم”، مشيرا إلى مساهمة الصيرفة الإسلامية في التنمية الاقتصادية عن طريق حماية الموارد التمويلية من التبديد ومن استخدام الأموال في مشاريع لا فائدة منها أو معارضة لمبادئ الشريعة الإسلامية.
الصيرفة الإسلامية خيار استراتيجي..
وفي هذا السياق، أكد عضو المجلس الإسلامي الأعلى، الدكتور محمد بوجلال، في محاضرته الموسومة “الصيرفة الإسلامية أمل البشرية في الحد من الأزمات المالية”، أن الصيرفة الإسلامية تمثل بديلا أخلاقيا ومستداما للنظام المالي الربوي القائم على توريق الديون والمخاطر المفرطة، مبرزا أنها تعتمد على تمويلات تستند إلى أصول حقيقية، ما يجعلها أكثر استقرارا وقدرة على تجنب الأزمات المالية.
وأشار الدكتور بوجلال إلى أن الصناعة المالية الإسلامية لا تقتصر على البنوك فحسب، بل تشمل أيضا التأمين التكافلي، السوق المالية، الصناديق الاستثمارية، ومؤسسات الزكاة والأوقاف، مشيدا بالتقدم الذي حققته الجزائر في هذا المجال، وقال المتحدث ذاته إن “ما حققته الجزائر في 5 سنوات لم تحققه دولا قبلنا بعشرات السنين”، مبررا ذلك بأن “الجزائر استفادت من تجارب الآخرين وقامت بخطوات تدريجية لتوطين الصناعة المالية الإسلامية”.
إثراء المنظومة القانونية دفعا بعجلة الصيرفة الإسلامية..
من جهته، وفي محاضرته التي جاءت بعنوان “الواقع القانوني للصيرفة الإسلامية بالجزائر “، تحدث عضو المجلس الإسلامي الأعلى الدكتور سعيد بويزري عن المنظومة القانونية التي عززت الصيرفة الإسلامية في الجزائر، مقدما بذلك أمثلة انطلاقا من تعريفة بنك الجزائر رقم 20/03، وكذلك القانون النقدي والمصرفي رقم 23/09 الصادر عن البرلمان، إلى القانون رقم 25/09 المحدد للقواعد المحاسبية.
وفي هذا الإطار دعا بويزري، إلى ضرورة إثراء المنظومة القانونية، حيث قال: “لا تزال منظومتنا في حاجة إلى إثراء، دفعا لعجلة الصيرفة الإسلامية”، إضافة إلى ذلك، دعا عضو المجلس الإسلامي الأعلى إلى ضرورة تكوين الذي يتصدون للعمل في فضاء الصيرفة الإسلامية، مؤكدا أنه “لا تمكين بلا تكوين”.
الصيرفة الإسلامية في الجزائر.. بالأرقام
بدوره، قدم عبد الرحمن بن الحفصي، خبير في الصيرفة الإسلامية، محاضرة تحت عنوان: “الإنجازات والاستحقاقات المستقبلية للصيرفة الإسلامية بالجزائر” تناول من خلالها الإنجازات التنظيمية المؤطرة للصيرفة الإسلامية، الإنجازات الميدانية الخاصة باستقطاب الموارد المالية واستخداماتها في مجالات تمويل الأنشطة الاقتصادية، والاستحقاقات المستقبلية للرقي بالصيرفة الإسلامية إلى مصف الريادة والفعالية الاقتصادية.
وفي هذا الإطار، كشف بن الحفصي، أنه وبعد 5 سنوات، تطورت المنظومة المصرفية الإسلامية، بتسجيل 12 بنك يمارس الصيرفة الإسلامية من بين 21 بنك، إضافة إلى مؤسسة مالية متخصصة، كاشفا أنه مطلع 2026 هنالك مصرفين آخرين سوف يلتحقان بالركب، منهم مصرف تحصل على شهادة مطابقة من قبل الهيئة الشرعية الوطنية والترخيص أيضا من بنك الجزائر، والمصرف الثاني هو في طور تحضير الملف.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أنه في سنة 2026 سيكون في الجزائر 14 مصرفا يمارس الصيرفة الإسلامية من بين 21 إضافة إلى مؤسسة مالية.
وأوضح بن الحفصي أن هذه البنوك تمارس نشاط الصيرفة الإسلامية من خلال 859 وكالة، من بين هذه الوكالات توجد 102 متخصصة حصريا في الصيرفة الإسلامية، أما الباقي عبارة عن شبابيك في بنوك تقليدية، وهو ما يساوي -بحسب المتحدث ذاته- 51 بالمائة من مجموع الوكالات الموجودة في الجزائر.
وفيما يتعلق بعدد الحسابات المالية الإسلامية، كشف بن الحفصي، عن تسجيل 900 الف حساب بنكي في إطار الصيرفة الإسلامية، منها 60 بالمائة حسابات جارية و 40 بالمائة حسابات استثمارية.
أما فيما يخص الوساطة المالية، كشف المتحدث ذاته، أنها تتعلق بشقين، الشق الأول يتعلق بالموارد المالية، سجلت الجزائر ما يقارب 900 مليار دينار على شكل ودائع مختلفة الأصناف، ومعدل نمو هذه الودائع يقدر بـ 21.3 بالمائة سنويا.
وفي هذا الإطار، أكد بن الحفصي أن هناك إقبال ملف للانتباه على الصيرفة الإسلامية، مشيرا إلى أنها تستقطب ما يقارب 120 مليار دينار سنويا.
وفيما يتعلق بالشق الثاني، والخاص بالوساطة المالية للتمويلات ، أوضح الخبير في الصيرفة الإسلامية، أن حجم التمويلات يقارب 600 مليار دينار، أي ما يعادل 13.5 بالمائة سنويا، أما بالنسبة لصيغ التمويل كشف المتحدث أن هناك اعتقاد خاطئ أنه توجد صيغة واحدة في الصيرفة الاسلامية وهي المرابحة، في حين –يضيف بن الحفصي- أن هناك صيغ أخرى، وبحسب الإحصائيات هناك صيغة السلم بنسبة 33 بالمائة، صيغة المرابحة بنسبة 32 بالمائة وصيغة الإجارة 23 بالمائة.
ليخلص المتحدث ذاته، في الأخير إلى متطلبات المرحلة المقبلة والمتمثلة في تعزيز ما تم إنجازه، تدارك النقائص، تحقيق نقلة نوعية في مسار الصيرفة الإسلامية، وضع إستراتيجية للصيرفة الإسلامية واستكمال تأطيرها.