مختصون يدقون ناقوس الخطر ويدعون لمواجهة الظاهرة… الجزائريون ينفقون 60 % من مداخيلهم ويبذرون 4 ملايين خبزة يوميا في رمضان

مختصون يدقون ناقوس الخطر ويدعون لمواجهة الظاهرة… الجزائريون ينفقون 60 % من مداخيلهم ويبذرون 4 ملايين خبزة يوميا في رمضان

يكفي فقط أن يحل شهر رمضان، لتتبادر إلى ذهن الكثير، وإن لم نقل الأغلبية الساحقة من المواطنين ظاهرة التبذير، التي تزداد كل سنة، عوض التفكير في مقاصد هذا الشهر الفضيل، وقد كشفت الإحصائيات الأخيرة التي قدمت، أن الجزائريين يبذرون ما بين 3 و4 ملايين خبزة يوميا، كما أنهم ينفقون أكثر من 60 % من مداخيلهم خلال شهر رمضان، ما يستدعي دق ناقوس الخطر لمواجهة الظاهرة التي تفشت بصورة رهيبة في المجتمع خاصة خلال السنوات الأخيرة.

 

بولنوار لـ “الموعد اليومي”:

” الجزائريون ينفقون أكثر من 60 % من مداخيلهم خلال رمضان”

 

أكد رئيس جمعية التجار والحرفيين، الحاج الطاهر بولنوار، أن ظاهرة التبذير تزداد خلال شهر رمضان، حيث ينفق الجزائريون أكثر من 60%من مداخيلهم خلال شهر رمضان، وذلك على المواد الغذائية فقط، بينما في الأيام العادية 45%فقط، كما أنهم بالمقابل يبذرون ما بين 3 و4 ملايين خبزة يوميا.

أوضح رئيس جمعية التجار والحرفيين، في تصريح لـ “الموعد اليومي”، أنه حسب المعلومات المستقاة من عمال بعض المؤسسات المختصة في جمع النفايات، على المستوى الوطني، فإن التبذير يزداد خلال شهر رمضان الكريم، عكس ما هو موجود خلال الأيام الأخرى من السنة، نظرا لثقافة الاستهلاك السائدة برمضان، والإقبال على شراء كل شيء دون استشارة.

كما أشار بولنوار، في السياق ذاته، إلى أنه حسب عمال النظافة فقد وجدوا أطباقا من المأكولات متنوعة من كل الأصناف، مرمية في المزابل، وهذه الأطباق تكون نادرة أو منعدمة خلال الأيام العادية، في حين من المفروض أن ينقص الطلب على بعض المواد الغذائية، باعتبار الفرد يتناول وجبة واحدة لكن بالمقابل يحدث العكس، والطلب على المواد الاستهلاكية والخضر والفواكه يزداد بكثرة.

ما يستدعي القيام بحملات تحسيسية، من قبل مختصين من أجل توعية المواطنين أن شهر رمضان هو للعبادة وليس للتبذير الذي تجاوز كل حدوده المعقولة، ويؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني.

وكشف بالمناسبة أن الجزائريين ينفقون أكثر من 60 % من مداخيلهم خلال شهر رمضان، وذلك على المواد الغذائية فقط، على خلاف الأيام العادية التي تصل إلى 45 % فقط، كما أنهم يبذرون مابين 3 و4 ملايين خبزة يوميا، وهو رقم كبير يستدعي دق ناقوس الخطر لمواجهة الظاهرة التي تفشت بصورة رهيبة في المجتمع، وأضاف أن التبذير شمل أيضا الخضر والفواكه، سواء في البيت لدى العائلات التي تقتني بكميات كبيرة، ما يؤدي لتلفها وبعدها رميها، أو على مستوى شبكة التخزين والتبريد لكون الشبكة غير مؤهلة.

 

محمد فرجاني أخصائي نفساني لـ “الموعد اليومي”:

“التبذير برمضان يعود لإقدام المواطن على اقتناء كل ما تراه عيناه”

أرجع الأخصائي النفساني، محمد فرجاني، ظاهرة التبذير التي أخذت منحى تصاعديا خلال شهر رمضان الكريم، إلى إقدام المواطن على شراء كل ما تراه عيناه، دون أي تفكير، وبالمقابل هناك في المجتمع عادات جميلة، أين يكون الفرد عنده تشبع وقناعة في كل الأشياء، وبالتالي يكون التبذير قليلا في تلك البيوت.

وأشار الأخصائي النفساني، في تصريح لـ “الموعد اليومي”، إلى أنه من الناحية النفسية كل واحد لديه طريقته في الاستهلاك المستقاة من عادات المجتمع، حيث عندما يكون الفرد صائما وفي حالة نفسية متعبة، يقدم على شراء كل ما تراه عيناه دون أي تفكير، أو حتى اللجوء إلى ربة البيت سواء الأم أو الزوجة لمعرفة مستلزماتها، والمهم هو شراء كل يراه دون أخذ أدنى اعتبار لما يحتاجه فقط، وهذا نجده بكثرة عند الرجال، ما يؤدي إلى تلف المنتجات في الثلاجة لطول مدة حفظها ومن ثم رميها مباشرة، ومن جهة أخرى تقدم ربات البيوت على إعداد أنواع عديدة من الأطباق، في يوم واحد، ما يؤدي لتلفها، مؤكدا أن التبذير يزداد أكثر نظرا لعدم وجود الوعي الكامل في تسيير المدخول، حتى أنه في بعض الأحيان هناك من يلجأ للاستدانة من أجل توفير حاجياته الاستهلاكية خلال شهر رمضان الكريم، وبالمقابل هناك في المجتمع عادات جميلة، أين يكون الفرد عنده تشبع وقناعة في كل الأشياء، وبالتالي يكون التبذير قليلا في تلك البيوت، التي تعتمد على الترشيد في النفقات والاكتفاء بشراء الضروريات أي حسب حاجاتها.

ودعا الجميع لمحاربة الظاهرة، بداية من البيت عن طريق التوعية بمخاطر التبذير، وانعكاساته السلبية على العائلة الذي يظهر في المدى القريب أو على الاقتصاد على المدى البعيد.

 

منظمة حماية المستهلك تؤكد أن التبذير في رمضان يمس الخبز بكثرة

أوضح رئيس منظمة حماية المستهلك، مصطفى زبدي، لـ “الموعد اليومي”، وجود التبذير في كل المنتجات خلال رمضان، ولكن يمس أكثر الخبز أين يكثر الطلب عليه خلال شهر رمضان، وذلك بمختلف أنواعه، حيث يتفنن في صناعاته، وكما يطال التبذير بعض الأسواق من خلال قيام بعض التجار برمي الخضر والفواكه في المزابل، وذلك نتيجة الاحتكار ما ينتج عنه ارتفاع سعرها، وبالتالي عدم إقبال المواطنين عليها، عوض بيعها بثمن منخفض، كما نجد التبذير في المطاعم الجامعية والمستشفيات، مرجعا سبب ذلك إلى نقص الوعي الاستهلاكي لدى المواطن الجزائري، وإقدامه على شراء كل شيء، لإرضاء رغباته، وعن وجود إحصائيات حول بعض المنتجات التي تشهد تبذيرا، فأكد صعوبة ذلك نظرا لعدم دقتها.

 

دول الشرق الأوسط تبذر أكثر من 1.3 مليار طن من المواد الغذائية

لا تعد الجزائر البلد الوحيد المعني بظاهرة التبذير، الذي يكثر خاصة خلال شهر رمضان الكريم، أين تشير الإحصائيات إلى أن دول الشرق الأوسط، تبذر أكثر من 1.3مليار طن من المواد الغذائية سنويا، ما يعادل تريلون دولار أمريكي، وهذا الرقم الخيالي قادر على إطعام العديد من الفقراء والجوعى في دول العالم التي تعاني من الفقر المدقع، لذا سارعت هذه الدول لاحتواء الظاهرة التي عرفت منحى تصاعديا من خلال عديد البرامج التحسيسية، التي شرعت فيها للتوعية بخطورة التبذير وسبل ترشيده.

 

الحكمة من الصيام

إن الله عز وجل خلق الإنسان في هذه الحياة لعبادته، والتمعن في خلقه وقدرته، وليس للتبذير والإسراف خاصة، خلال شهر رمضان الذي يعد من أعظم شهور السنة، الذي أنزل فيه القرآن الكريم، والصيام فيه عبرة حيث يشعر المسلمون بحاجة الضعفاء والمساكين، كما أنهم يتعودون على التحمل والمواجهة، وليس الاهتمام بالمأكولات والمشروبات، كما يفعل الكثير، ما يهدد استفادة المسلمين من حكمة الصيام، وقال الله عز وجل في سورة البقرة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.

وللحد من التبذير خلال شهر رمضان، يجب التذكر أن شهر رمضان فيه 30 يوما فقط، مثله ومثل باقي الشهور الأخرى من السنة، وبالتالي لا داعي لشراء كل شيئ وملء الثلاجات بكل ما طاب، وكذا إعداد العديد من الأطباق، ما يؤدي لفسادها، ورميها في الأخير بالمزابل، كما أن الهدف من الصيام هو عبادة الله عز وجل والتقرب منه، وكذلك لتنقية النفس من الذنوب والمعاصي التي ارتكبها طيلة السنة، ما يحتم على العائلات تحديد ميزانيتها خلال رمضان، مع استشارة ربات البيوت، أثناء شراء المستلزمات الضرورية للبيت، وشراء ما نحتاجه فقط، وتجنب المنتجات الأخرى التي تعد من الكماليات.

نادية حدار