عاش المجاهدون بين جدرانه ويلات التعذيب

مركز “فارم غيلان”.. معلم تاريخي شاهد على وحشية المستعمر

مركز “فارم غيلان”.. معلم تاريخي شاهد على وحشية المستعمر

يشهد مركز التعذيب “فارم غيلان” ببلدية عين فرس بولاية معسكر على جرائم الاستعمار الفرنسي ووحشيته التي ما زال يتذكرها أبناء المنطقة ممن عايشوا مرحلة ثورة التحرير المجيدة.

وتم إنشاء هذا المركز في نهاية سنة 1956 على مساحة هكتار واحد بمزرعة لتربية الخيول ببلدية عين فارس من قبل قوات الاحتلال الفرنسي، بطلب من المعمرين لتعذيب المعتقلين من مجاهدي جيش التحرير الوطني وحتى سكان المناطق الريفية العزل.

يضم مركز تعذيب بلدية عين فرس عدة زنزانات ومطامر (حفر) وأربعة أبراج مراقبة، وحول كل ما حدث بين جدران هذا المركز يذكر المجاهد بوجلال عبد القادر الذي لا تفارق ذاكرته حتى اليوم الأوقات الصعبة التي كابدها بمركز التعذيب الذي كان يدعى “فارم غيلان” آنذاك أن “حالة جدران زنزانات المركز تعبر عن بشاعة الأساليب الوحشية التي كانت تمارسها قوات جيش الاستعمار الفرنسي وحتى معمرون في تعذيب المعتقلين بالكهرباء والماء والصابون”.

ويتذكر المجاهد بألم يوم إلقائه رفقة مجاهدين من جيش التحرير الوطني المعتقلين في مطمورة عميقة ومظلمة وسكب الماء البارد عليهم طيلة يوم كامل، قبل تحويلهم في اليوم الموالي إلى زنزانة مظلمة وموحشة لا يسمع بداخلها سوى أنين المعتقلين الذين تم تعذيبهم قبلهم في مشهد لترويعهم.

وذكر أنه تم اعتقاله بهذا المركز سنة 1957 لمدة ستة أشهر تعرض خلالها لأبشع أنواع التعذيب، مشيرا إلى قتل 65 شهيدا من الجزائريين العزل في ليلة واحدة بالمركز.

من جهته، مازال المجاهد قويدر بوطيبة يذكر الفترات العصيبة التي عاناها داخل هذا المركز الذي كان يفتقر لأدنى شروط المعاملة الإنسانية للسجناء الذين كانوا يعذبون بالحرق والتعليق بحبل والضرب.

كما تعرض العديد من المجاهدين وحتى سكان المناطق الريفية المجاورة للقتل بالحرق داخل الزنزانات والتخلص من جثثهم بردمها داخل إحدى الآبار بالقرب من المركز، وكان يهدف ضباط الجيش الفرنسي والمعمرون من وراء التعذيب الوحشي خلال استنطاق المعتقلين إلى ترهيب سكان المناطق المجاورة التي كان بها جنود جيش التحرير الوطني لاسيما بالمنطقة الرابعة للولاية الخامسة التاريخية.

وحول ذات المركز أكدت الباحثة في تاريخ ثورة التحرير المجيدة نور الهدى بوديسة، بأن مركز التعذيب “فارم غيلان” كان يتخذ من طرف الجيش الاستعماري كأداة لحماية ممتلكات المعمرين، حيث استجابت قوات الاحتلال الفرنسي لمطلب المعمرين بالمنطقة المتضمن إنشاء مركز للتعذيب بمزرعة المعمر “غيلان” لتربية الخيول، وكان الهدف الرئيسي من ذلك حماية ممتلكاتهم (المعمرين) من هجمات مجاهدي جيش التحرير الوطني.

وأشارت إلى أن المعمرين الذين كانوا يمتلكون أراضي فلاحية بمناطق مختلفة بالجهة، أصروا على إنشاء هذا المركز وخاصة بعد معركة حرق مزارع المعمرين بتاريخ 22 سبتمبر 1956 بمنطقة تيغنيف.

وحسب المؤرخين، فإن هذا المركز شهد اعتقال حوالي 120 مجاهدا وعدد من مواطني مناطق ريفية مجاورة.