يعود الحديث عنها كل فترة اختبارات

مشاركة الأبوين في المراجعة.. تخفيف للضغط على الأم ودعم للأبناء

مشاركة الأبوين في المراجعة.. تخفيف للضغط على الأم ودعم للأبناء

يعود الحديث عن ضرورة تشارك الأبوين في عملية مراجعة الدروس للأبناء كل فترة تقويمات واختبارات، خاصة وأن المتعارف عليه والغالب لدى الأسر الجزائرية هو تولي الأم لمسؤولية المراجعة وتحفيظ الأبناء، وهي المهمة التي أثقلت كاهل الأم خاصة وأن الاختبارات تتزامن هذا الفصل مع شهر رمضان الكريم، وهو ما يعني تضاعف كبير لمسؤولية الأم.

وفي ظل تنامي الصراع بين الأم والأب حول من يتولى مراجعة الدروس للأبناء، تعتقد فريدة حريكان مدربة التنمية البشرية، أن تولي المهمة في المرحلة الابتدائية يعتبر من صميم التزامات الأم، لأن الأطفال بطبيعتهم يميلون إليها، باعتبارها منبعا للصبر والحنان، إلى جانب قدرتها على احتواء احتياجات الأطفال خلال هذه المرحلة العمرية، ويمكن القول بأن مراجعة دروس الأبناء والعناية بهم في بداية مشوارهم الدراسي من اختصاص الأمهات، لكن بعد التحاق الأبناء بالطورين المتوسطي والثانوي، حسب الأستاذة فريدة، تتحول هذه المسؤولية إلى التزام مشترك يكون فيه حضور الطرفين ضروريا لعدة أسباب، منها أنهن قد لا يحظين بخلفية معرفية لبعض الدروس، كما أن الطريقة التي يعتمدنها قد تؤدي إلى الملل عند الأطفال الذين يجدون صعوبة في استيعاب ما يشرح لهم، لهذا تظهر الحاجة إلى تدخل الأب، خاصة إذا كان متعلما، قصد تغطية النقص الذي تعجز الأم عن تأمينه، حتى يشعر الأبناء باهتمام الطرفين المشترك لدراستهم.

 

دور الأب ضروري حتى وإن لم يكن متعلما

ترى زهيرة قاصدي مفتشة في التربية والتعليم، بأن المراجعة أهم خطوة في عملية التحصيل المعرفي، لأنها تساعد على تثبيت المكتسبات القبلية في ذهن المتمدرس، مما يسهل عليه تحصيل مكتسبات جديدة، ومن ثمة لابد أن يكون التحصيل المدرسي شاملا من خلال المراجعة التي تغذي هذه المكتسبات، وانطلاقا من هذا تظهر ضرورة الاهتمام بها، خاصة أنها عملية تكشف عن مواطن القوة والضعف لدى أبنائهم، ليتم تداركها من خلال المراجعة المنزلية.

وتواصل الأستاذة قاصدي قائلة: “إن مسؤولية مراجعة الدروس يفترض أن يتقاسمها الأب والأم معا، وأن الاعتقاد بإلقاء كامل المسؤولية على عاتق الأم خاطئ، لأنها تعيش اليوم مع تنامي وتيرة الحياة وخروجها للعمل تضاربا في الواجبات، الأمر الذي يحتم على الأب وجوب التدخل قصد التخفيف عنها، كما أن دوره في غاية الأهمية حتى وإن كان غير متعلم، فحضوره ومجرد السؤال عما يدرسه الأبناء، وإن كانوا يستوعبون ما يقدم لهم، يعتبر عنصرا مساعدا من الناحية المعنوية في عملية التحصيل، كما أن الاهتمام بما يدرسه الأبناء يشعرهم بوجود من يحرص عليهم، حسب المتحدثة.

تظهر أهمية تولي الأب لجزء من مسؤولية المراجعة في كونه الأمر الناهي بالمنزل، ومنه فحرصه على المراجعة للأبناء تضفي نوعا من الألفة بين الأب والابن في ظل انشغالات الأم، لذا ينبغي ألاّ يتحجج بعد رجوعه من العمل بعامل الإرهاق أو التعب لأنه، في اعتقادي ـ تقول المتحدثة ـ غير مبرر “فإذا قارناه بالأم والعاملة تحديدا نجد أن لديه متسعا من الوقت بعد العودة من العمل، مما يفتح أمامه مجال التواصل مع الأبناء والنظر في تحصيلهم الدراسي، مع الاطلاع على محتوياتهم العلمية، على خلاف الأم التي قد لا تجد وقتا للعناية بنفسها، دون إغفال جدوى حضوره الذي يحول دون تمرد الأبناء ويدفعهم إلى المراجعة”.

هذا، ويثبت الواقع الميداني، حسب مفتشة التربية، أن دور الأب لا يظهر إلا عند تحصيل النتائج، ليشرع في السؤال عن ضعفها دون البحث في الأسباب، وقد عرضت علينا قولها عن بعض الحالات لأولياء يجهلون حتى طور تمدرس أبنائهم، بل الأخطر من هذا أن بعض الأساتذة عندما يستدعون الأب، تأتي الأم للاستفسار عن أسباب الاستدعاء، ومن هنا تظهر الحاجة إلى دق ناقوس الخطر، والقول بأن تربية الأبناء عملية مشتركة بين الطرفين، فكلما غاب أحدهما يختل التوازن التربوي.

 

التفاهم والمشاركة لضمان التحضير الجيد

حدثتنا “ب. فضيلة” أم لأربعة أطفال، اثنان منهم متمدرسان، أشارت إلى أنها تتكبد عناء هذه المهمة منذ انطلاق السنة الدراسية مع الطفلين في آن واحد، فهي لا تحبذ فكرة تراكم الدروس وتفضل المراجعة مع أطفالها مع كل عودة من المدرسة، لتتم العملية بسهولة ويتعود الطفل على حفظ دروسه في اليوم نفسه، وبذلك تسهل العملية على الطرفين.

من جهتها، أكدت مريم أم لتوأمين، متمدرسين في نفس المستوى الدراسي، أن مهمة “المراجعة” هي التي تتكفّل بها، باعتبارها ماكثة في البيت، تتفرغ لها بكل سهولة، خلافا لزوجها الذي يدخل إلى البيت في وقت متأخر بسبب العمل، مشيرة إلى أن الأم تهتم بالأمر، لحرصها الشديد على نجاح أطفالها، واعتماد الزوج عليها في هذه المهمة.

أما صبرينة، أم لطفل في السنة الخامسة، مقبل على اجتياز اختبار الانتقال إلى المستوى الثاني، فأشارت إلى أن المهمة تتقاسمها مع زوجها الذي يهتم ببعض المواد الدراسية، وهي تهتم بالبعض الآخر، لاسيما أنها عاملة وليس لها وقت التفرغ لتلك المهام، حيث قالت “إن الزوج هو الذي اقترح فكرة مشاركتها في مهام المراجعة، لضمان نجاح الطفل، فحرصهما الشديد على ذلك، دفع إلى أخذ قرار الاهتمام جديا بتلك المسألة، وليس رمي كل المسؤولية على عاتق شخص واحد، فتصعب بذلك عليه”.

على صعيد آخر، قال بوعلام، أب لخمسة أطفال، ثلاثة منهم في الابتدائي وآخران في المتوسط، إن هناك الكثير من الدروس التي لابد من مراجعتها للأطفال، ولذلك، من الضروري مساعدة الأم في المهمة، فتخلي طرف واحد عن دوره سوف يؤدي إلى فشل أحد الأطفال، كما أشار إلى أنه في حال ما إذا استعصت المهمة بالنسبة لطفل في مرحلة معينة، يلجأ الأبوان إلى الاستعانة بدروس الدعم من أجل ذلك.

ق. م