علامة فارقة في محطات النضال

معركة “باب البكوش”…رمز الشجاعة الأسطورية للمجاهدين

معركة “باب البكوش”…رمز الشجاعة الأسطورية للمجاهدين

تُعد معركة “باب البكوش” التي جرت وقائعها بين 28 و31 ماي 1958 بولاية تيسمسيلت، واحدة من أبرز المحطات البطولية في تاريخ ثورة التحرير المجيدة بمنطقة الونشريس، لما أسفرت عنه من خسائر جسيمة في صفوف الجيش الاستعماري الفرنسي، ولما جسدته من تضحيات نادرة وشجاعة أسطورية لمجاهدي جيش التحرير الوطني.

ففي قلب سلسلة جبال الونشريس، وتحديدًا بمنطقة “باب البكوش” التابعة لبلدية لرجام، احتشدت كتيبة من مجاهدي الولايتين الرابعة والخامسة التاريخيتين بقيادة الشهيد محمد بونعامة، المجاهد سي حسان، الشهيد سي طارق، وقائد الكتيبة “الكريمية” الشهيد سي أعمر.

بعد رصد تحركات مشبوهة لقوات الاحتلال، وجّهت القيادة أمراً بترك القرى والتمركز في الجبال تحسبًا لهجوم وشيك.

وفي صباح 29 ماي، شنّت القوات الاستعمارية الفرنسية عملية تمشيط واسعة مدعومة بسلاح الطيران والمدفعية الثقيلة، غير أن المجاهدين تمكنوا من تنفيذ كمين محكم قُتل فيه نحو 60 جنديًا فرنسيًا ودُمّرت شاحنة عسكرية، ما أدى إلى اندلاع معركة ضارية استمرت لثلاثة أيام متواصلة.

ورغم القصف العشوائي المكثف الذي استُخدمت فيه قنابل محظورة دوليًا، حافظ المجاهدون على مواقعهم، بل وتمكنوا من إسقاط طائرتين حربيتين، مما أربك القوات الفرنسية وأجبرها على تقليص الدعم الجوي، لتتحول المواجهة إلى قتال مباشر جسّد فيه المجاهدون أسمى صور الشجاعة والتضحية.

في اليوم الثالث من المعركة، التحقت كتيبة “الحميدية” بقيادة المجاهد سليمان الغول، وشنت هجومات على مراكز العدو في برج بونعامة، عين بعلاش، سيدي عابد، ولرجام، لفك الحصار عن رفاقهم في “باب البكوش”، مما عجل بانسحاب القوات الفرنسية وتكبدها خسائر بشرية فادحة تجاوزت 600 قتيل بينهم 33 ضابطًا.

لكن النصر لم يكن دون ثمن، فقد استشهد 360 مجاهدًا، من بينهم قائد الكتيبة “الكريمية” الشهيد سي أعمر، كما سقط 240 مدنيًا أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ.

اليوم، يضم موقع المعركة مقبرة للشهداء تأوي رفات 1242 شهيدًا، في رمزية خالدة لذاكرة شعب اختار الحرية.