تعد معركة تبابوشت بكيمل الواقعة جنوب شرق مدينة باتنة فاتحة معارك الثورة التحريرية التي خاضها جيش التحرير الوطني ضد قوات الاحتلال، وهزت منطقة الأوراس وذلك بأسابيع قليلة بعد اندلاع الثورة التحريرية المجيدة، وقد وجد من عايشوها صعوبة في تحديد تاريخها لكنهم أجمعوا على أنها جرت ما بين 27 نوفمبر والسابع ديسمبر من سنة 1954.
ووصف المؤرخون معركة تبابوشت أنها إحدى معجزات الثورة التحريرية، لأنها حولت غابة كيمل إلى مقبرة جماعية لعساكر العدو الذي خسر فيها المئات من جنوده.
وفي رواية بعض المجاهدين ممن عايشوا المعركة أنهم لم يُخططوا للمواجهة التي فرضت عليهم، وكانوا ناقصين عددا وعدّة، لكن لحسن حظهم تولى جنود الاستعمار مهمة تصفية بعضهم البعض دون أن يدركوا ذلك لكثافة غابة كيمل وصعوبة تضاريسها وجهلهم بتضاريس الجهة .
وفي شهادة مسجلة للمجاهد الراحل لخضر أوصيف، جاء فيها: “إن ممرض عباس لغرور يدعى بوبكر سالم أخبرنا ليلا عن إفلاته بأعجوبة من قبضة قوات الاحتلال بعد أن صادفها في طرف الغابة، فتأكدنا نحن المجاهدون بأن العدو اكتشف أمرنا وسارعوا إلى التخفي في منطقة صفاح اللوز الوعرة والحصينة”.
وبعد أن أدركوا بأن وقوع معركة شرسة أصبح أمرا وشيكا وهو ما تم فعلا، إذ بدأت المعركة في صباح اليوم الموالي، حيث حوصر حوالي 34 مجاهدا من طرف العدو، فيما تمكن الباقي من الابتعاد عن منطقة الخطر، حسب ما تضمنته ذات الشهادة.
وتفيد ذات الشهادات بأن “المجاهدين تمكنوا بعد الحصار من تغيير موقعهم في مكان منخفض أسفل الوادي، لكنهم بوغتوا بوابل من الرصاص، ما اضطرهم إلى تبادل إطلاق النيران بكثافة ولم يتفطن عساكر الاستعمار لكون فوج منهم مقابل لهم على الضفة الأخرى للوادي لتتحول المعركة إلى قتال بين فوجي جيش الاحتلال دون علمهم بذلك كونهم يجهلون بتضاريس المنطقة وكثافة غاباتها”.
وأكد المجاهد المتوفي عمر بوسجادة أحد الناجين من المعركة بأن “عساكر المستعمر استمروا في نقل جثث قتلاهم المكدسة على بعضها طيلة 4 أيام في شاحنات عسكرية عادت لتنتقم بوحشية من المدنيين العزل بالقرية وتطلق النار على كل جسم يتحرك دون تفرقة بين الإنسان والحيوان”.
وتشير ذات المصادر إلى أن المعركة وقعت بعمق غابة كيمل الكثيفة ودامت أكثر من 24 ساعة بمشاركة عدة أفواج من المجاهدين بعد أن وحدت قيادتها تحت إشراف بشير ورتال المدعو سيدي حني بمساعدة المسعود بن زحاف بعد أن أدركت تعداد العدو وعدته.